توقعت مصادر سياسية ان يطغى الفرز السياسي الحاد بين قوى 14 آذار مارس من جهة وپ"حزب الله"وپ"التيار الوطني الحر" بقيادة العماد ميشال عون من جهة ثانية، والذي بلغ ذروته في اليومين الأخيرين حول الموقف من المقاومة وسلاحها ودورها وترسيم الحدود في مزارع شبعا المحتلة، على جدول اعمال الحوار النيابي الذي دعا إليه رئيس المجلس نبيه بري ويمضي قدماً في التحضير إليه ليباشر اعماله اذا امكن قبل نهاية الشهر الجاري. وقالت المصادر ان دور بري يقتصر على التحضير اللوجستي لبدء الحوار في البرلمان، ورعايته المباشرة له، ليتحول مع انطلاقته الى فريق اساسي مشارك فيه، ولديه وجهة نظر خاصة به حيال البنود الواردة في جدول اعماله وفي مقدمها مستقبل العلاقات اللبنانية - السورية وجلاء الحقيقة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والموقف من القرار 1559 الداعي، من بين بنود اخرى، الى نزع سلاح الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية. لكن المصادر ذاتها لفتت الى ان بري كان يتمنى عدم اندلاع السجال على عواهنه حول سلاح المقاومة ما من شأنه ان يسهم في تسخين الأجواء مع اقتراب موعد عقد جلسات الحوار النيابية على مستوى القيادات من الصف الأول، خصوصاً ان هذا البند بالذات سيأخذ حيزاً من المداخلات النيابية. كما لفتت المصادر الى ان بري كان على علم بالحوار الدائر بين"حزب الله"وپ"التيار الوطني الحر"الذي أنتج في نهاية المطاف توافقاً على ورقة التفاهم المشتركة التي رعى اعلانها امين عام الحزب السيد حسن نصر الله وقائد"التيار الوطني"العماد ميشال عون، لكنه وربما لأسباب امنية، لم يعلم بموعد الإعلان عن الوثيقة. وهذا يعني ان بري لم يفاجأ بالإعلان عن ورقة التفاهم لا سيما أن حواره مع"التيار الوطني"مستمر منذ فترة، ولم يتوقف، إلا انه آثر التريث في التوصل الى تفاهم مشترك وذلك لسببين، الأول يتعلق بموقعه كرئيس للبرلمان وراع للحوار مع انه فريق فيه والثاني تجنب استثارة قوى 14 آذار وعدم إظهار نفسه وكأنه استبق بدء الحوار بالتوصل الى صفقة مع العماد عون قد يعتقد البعض بأنه يريد الاستقواء بها على الأخيرين من اجل تحسين شروطه في الحوار وهذا ما لا يحبذه. كما ان المصادر اخذت تتحدث عن سر لم يكشف بعد ويتمحور حول الرغبة المشتركة لدى الحزب والتيار بالإسراع في الإفراج عن ورقة التفاهم المشتركة التي صاغتها لجنة مشتركة من الطرفين آثرت ان تترك بعض النقاط عالقة رغبة منها في احالتها على نصر الله وعون للبت فيها. وفي هذا السياق، اوضحت المصادر انها تعتقد بأن تعاون"حزب الله"وپ"التيار الوطني"لا يعوض خسارة الحزب لعلاقته بكتلة"المستقبل"النيابية، انطلاقاً من ان اصرار نصر الله على التعاون مع رئيس"تيار المستقبل"سعد الحريري طرح تساؤلات حول مستقبل هذا التعاون طالما ان الحزب ذهب بعيداً باتجاه التأسيس لحلف مع عون. وأضافت ان ورقة التفاهم بقيت في العموميات وأن ما أعطاه الحريري للمقاومة لا يقاس بعودة عون عن تشدده ازاء"حزب الله"وإقراره بضرورة التكيف خلافاً لطروحاته السابقة من القرار 1559 وسلاح المقاومة ورفضه قيام دولة ضمن الدولة مشيرة الى ان رئيس كتلة"المستقبل"لم يبدل من طروحاته من الحزب. وأكدت المصادر ان ورقة التفاهم، ومن وجهة نظر قوى 14 آذار، جاءت تتويجاً لسياسة المقايضة في المواقف التي توصل إليها الحزب مع"التيار الوطني"، لافتة ايضاً الى ان اللجنة المشتركة المنبثقة من الطرفين تركت لنصر الله وعون التفاهم على نقاط الاختلاف الأساسية المتعلقة بترسيم الحدود اللبنانية - السورية وإقامة علاقات ديبلوماسية بين البلدين والتسوية من سلاح المقاومة والمشكلة الخاصة باللبنانيين لدى اسرائيل. واعتبرت ان الحزب وپ"التيار الوطني"وإن كانا يتصرفان على ان قوى 14 آذار تخطط لاستهدافهما فإنهما في المقابل وجدا من الضرورة، وعلى خلفية ان الواحد منهما في حاجة الى الآخر، الدخول الى قاعة الحوار النيابي على اساس تكتل سياسي متوافق على بعض الأمور وتاركاً بعضها الآخر للحوار. إلا ان المصادر اشارت الى ان تحديد الأطراف المشاركين في الحوار قد تترتب عليه اشكالات تتعلق بحصر الدعوات بالكتل الأساسية ما قد يؤدي الى تغييب طوائف عن الحضور. وعلى سبيل المثال والكلام للمصادر، ان حصر الدعوات بكتل"المستقبل"وپ"اللقاء النيابي الديموقراطي"وپ"حزب الله"وپ"امل"وپ"الكتائب"وپ"القوات اللبنانية"وبممثل من ما تبقى من"قرنة شهوان"سابقاً في الندوة البرلمانية وتكتل"التغيير والإصلاح"سيؤدي الى تغييب طوائف مثل الأرثوذكس والكاثوليك والأرمن. فالحضور سيقتصر على قادة هذه الكتل وجميعهم ينتمون الى الموارنة والسنّة والشيعة والدروز اضافة الى دعوة رئيس الحكومة فؤاد السنيورة. لذلك لا بد من تفادي الإحراج قبل حصوله ومن خلال المشاورات بين رؤساء الكتل لإيجاد مخرج يتيح لنواب من الأرثوذكس والأرمن الانضمام الى لائحة المدعوين علماً ان هناك من يتوقع حضور رئيس"الكتلة الشعبية"في زحلة النائب الكاثوليكي ايلي سكاف كمستقل عن التكتل الذي يتزعمه عون. ولم تستبعد المصادر ان يكون المخرج ترك الحرية للكتل النيابية في تسمية مندوبين اثنين عنها، يكون في مقدورهما عدم إشعار اية طائفة بأنها مستبعدة بذريعة ان النواب المنتمين إليها لا يتزعمون كتلاً نيابية. إلا ان الشيء المؤكد يكمن في عدم إشراك الكتل الصغيرة مثل الحزبين السوري القومي الاجتماعي الذي يتمثل بنائبين في البرلمان والبعث الموالي لسورية الذي يقتصر حضوره على نائب واحد، اضافة الى عدم وجود نية بخرق المعايير التي كان حددها بري عندما أطلق دعوته الى الحوار وأبرزها اقتصار الحضور على رؤساء الكتل الكبيرة الذي لا يحرم التكتل الطرابلسي من المشاركة كونه يضم اربعة نواب ويتساوى في تمثيله مع حزب"الكتائب". كما ان المصادر تعتبر ان هناك صعوبة امام تمثيل قوى من خارج البرلمان باستثناء السنيورة باعتباره رئيساً للحكومة، لكنها تتساءل عما يقصده عون عندما اشار في مؤتمره الصحافي المشترك مع نصر الله اثناء اعلان ورقة التفاهم المشتركة الى وجود قوى لها حيثيات تمثيلية خاصة. وسألت المصادر هل يقصد عون إشراك أبرز الرموز السياسية الخاسرة في الانتخابات الأخيرة او رموز اخرى ممن عزف اصحابها عن خوض الانتخابات؟ وقالت ان كلام"الجنرال"لن يصرف في مكان نظراً الى انه كان اول من وافق على حصر الحوار بالنواب من دون سواهم.