غادر الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى بيروت ظهر أمس، عائداً إلى القاهرة. وقبل مغادرته، زار رئيس الجمهورية اللبنانية اميل لحود، الذي أبلغه"ان التطورات التي يشهدها لبنان حالياً تحتم اليوم أكثر من أي وقت مضى، قيام حكومة وحدة وطنية يتمثل فيها جميع الأفرقاء على الساحة اللبنانية ليبحثوا في كل المواضيع المختلف عليها والتوصل الى توافق وطني حولها لأن في لبنان لا مكان لغالب أو مغلوب". واعتبر لحود أن"أي حل للأزمة الراهنة يجب أن يكون حلاً لبنانياً، وكل مساعدة تأتي من الدول العربية هي مساعدة مشكورة ولكن لا بديل من الاتفاق بين اللبنانيين". وأكد لحود لموسى ان امام حكومة الوحدة الوطنية فور تشكيلها مهمات أساسية أبرزها الاتفاق على النقاط المختلف عليها، لأن أي تغيير على أي مستوى لن يكون الحل اذا ما استمر خلاف القيادات اللبنانية واقعاً قائماً. واعتبر ان في طليعة مهمات الحكومة الجديدة"اعداد قانون جديد تجرى الانتخابات النيابية على أساسه ويعكس تمثيلاً سليماً لفئات المجتمع اللبناني، ويكون على النواب المنتخبين انتخاب رئيس جديد للجمهورية"، لافتاً الى ان المحكمة الدولية ليست السبب الرئيس للخلاف القائم، بل ان لب المشكلة يكمن في أن فريق الأكثرية يصر على استبعاد فريق أساسي في التركيبة اللبنانية عن القدرة على المشاركة في القرار،"وهذا أمر يضر بالتوازن السياسي اللبناني، ومعالجته تكون من خلال حوار هادئ يفضي الى توافق يزيل الخلل الحاصل حالياً في الحياة السياسية اللبنانية". وبعد اللقاء تحدث موسى الى الصحافيين فقال:"من الطبيعي أن التقي رئيس الجمهورية عندما أكون في لبنان، وقد عرضت معه نتائج الاتصالات التي تمت منذ وصولي، وإطار الأفكار التي طرحت والتي تبحث الآن. وأكرر تأكيد الاهتمام العربي البالغ بتطورات الموقف في لبنان، وعدم امكاننا في الوسط العربي كله أن نقف متفرجين على ما يمكن أن يتطور الى ما هو أسوأ. ان المطلوب هو ألا يتطور إلا الى الأفضل في اطار من المساعي الايجابية والرغبة في المساعدة على التوصل الى توافق وتفاهم وهذا ليس بالأمر المستحيل". وأضاف ان المساعي"هي في بداياتها، انما أرى انها بداية تعطي بعض الأمل". ورداً على سؤال عن جولات أخرى أجاب موسى:"نعم ستكون هناك جولات جديدة". وسئل:"هل من الممكن في ضوء جولتكم هذه تطوير نتائج ما توصلتم اليه الى مبادرة عربية"؟ أجاب:"ولم لا؟ طبعاً ممكن، كل شيء ممكن". وعن لقائه"حزب الله"قال:"عقدت لقاء مهماً مع"حزب الله"، وجرى اتصال ثان مع الرئيس نبيه بري، وكذلك جرى اتصال ثان مع الرئيس فؤاد السنيورة. وأجريت اتصالات هاتفية كثيرة مع عدد من القوى اللبنانية ولقد لمست أملاً وإرادة كبيرين في الخروج من هذا المأزق. والأفكار المطروحة، موجودة هنا ولا نأتي بها من الفضاء الخارجي. كما ان هناك ارادة وأملاً في الانتهاء بسرعة من الوضع الحالي". وسئل: هل قدمتم اقتراحات محددة تنتظرون الردود عليها؟ أجاب:"نحن ننتظر تطورات كثيرة في لبنان الى الأفضل". وسئل هل هو متخوف على مستقبل لبنان فقال:"انني قلق على الوضع الراهن في لبنان، ولا يمكن أن أقلق على مستقبل لبنان اذا عملنا جميعاً على انقاذ الوضع. أنا متأكد من أن اللبنانيين مجتمعين يمكنهم تجاوز كل العقبات، ونحن نساعدهم دائماً، انما عليهم أن يساعدوا أنفسهم. لبنان يجب ألا يكون منقسماً وعلى المجتمع السياسي في هذا البلد أن يعمل معاً وأن يتحرك من أجل انقاذه". وكان موسى زار فور وصوله إلى بيروت أول من أمس، رئيس الحكومة فؤاد السنيورة في السرايا الحكومية. ووصف الاجتماع بأنه في غاية الأهمية، موضحاً انه عرض على السنيورة"نتائج المحادثات العربية والمشاورات المتابعة للوضع في لبنان والقلقة في شأنه". وقال:"أرجو أن أتمكن من إجراء مشاورات فاعلة ومنتجة مع القوى اللبنانية كافة، فالكل في قارب واحد ونحن جميعاً نسعى إلى علاج الموقف في لبنان بما يتيح للوحدة الوطنية اللبنانية أن تكون هي المنطلق لعلاج أي مشكلة قائمة". وأكد موسى أن كلام الرئيس المصري حسني مبارك الأخير عن لبنان"لا يحتاج إلى توضيح وهو ينطلق من قلقه على لبنان، وهو قلق عربي شامل على لبنان. ونحن في مرحلة محاولة علاج الموقف ومساعدة كل اللبنانيين، لأن لبنان لا يستحق أن يكون ساحة إلا للبنانيين ليتقدموا ويثبتوا وحدتهم الوطنية"، معتبراً أن"الوضع في لبنان هو الخطير والزعماء العرب كافة والعمل العربي المشترك في إطار الجامعة العربية يحاولون التعامل مع هذا الوضع بكل حرص وأخوة وفي الوقت نفسه بكل إيجابية وفهم للأبعاد المختلفة للموقف اللبناني". وأمل موسى رداً على سؤال، ألا"يتطور الوضع إلى حرب أهلية، فدورنا هو أن نعمل مع كل الفرقاء بهدف تمتين الوحدة الوطنية في لبنان، ونحن نعتقد أن كل اللبنانيين هم في ذهنية واحدة والعالم العربي مهتم جداً بالوضع في لبنان وهو مستعد للمساعدة وضمان وحدة وطنية آمنة". ثم التقى موسى رئيس المجلس النيابي نبيه بري في عين التينة، وأشار إلى أن"النقاش كان في غاية الفعالية والأهمية". وأضاف:"نحن نحاول فهم الموضوعات القائمة من دون أن ادعي أنني اقدم مبادرة، وأنا اعمل بالاتفاق مع عدد من الوزراء العرب، لأننا نرى أن باب الحل هو الوحدة الوطنية ولا يوجد مستحيل". ثم توجه موسى مرة أخرى إلى السرايا الحكومية وعقد اجتماعاً مع السنيورة، لينتقل الى قريطم حيث التقى رئيس كتلة"المستقبل"النيابية سعد الحريري. وأجرى موسى اتصالاً بالرئيس امين الجميل وبرئيس الهيئة التنفيذية في"القوات اللبنانية"سمير جعجع وعرض معهما التطورات.