عززت القوات الحكومية الصومالية المدعومة من جنود اثيوبيين قبضتها على مقديشو أمس بعد يوم من فرار الاسلاميين منها، في وقت تعهّدت "المحاكم الإسلامية" عدم الاستسلام وتغيير الأوضاع في البلاد لمصلحتها"خلال أيام". وساد الهدوء شوارع مقديشو وبدأ السكان في الخروج من منازلهم. وتوقفت طلقات النار المتفرقة التي سُمعت أول من أمس في العاصمة، ولم ترد تقارير أخرى عن عمليات سلب ونهب مثل التي وقعت بعد انسحاب الإسلاميين. ودخل رئيس الوزراء الصومالي علي محمد جيدي العاصمة أمس في ظل تظاهرات شارك فيها آلاف الأشخاص احتجاجاً على وجود الجيش الاثيوبي في شوارع مقديشو. ومر موكب رئيس الوزراء المكون من نحو 20 سيارة تحت حماية أكثر من مئة جندي اثيوبي في مدرج مطار مقديشو الدولي ثم عبر ميناء العاصمة جنوب حيث حياه عدد من المارة. وتوقف الموكب الذي يضم أيضاً نائب رئيس الوزراء حسين عيديد، في ميناء مقديشو حيث كانت سفن تُفرغ حمولتها. وقال جيدي لفرانس برس خلال توقفه"انا بخير ولا اشعر بأي قلق". لكن في الوقت نفسه تظاهر الالاف في شمال مقديشو غضباً على اثيوبيا التي تدعم الحكومة الانتقالية. وعلّق جيدي على هذه التظاهرة قائلاً:"تمت السيطرة على الأمر بالفعل... إنهم انصار الشيخ حسن ضاهر عويس"الرئيس الأعلى للمحاكم الاسلامية. وتقدم الموكب سريعاً الى المدنية ليصل الى وسطها ماراً أمام البنك الوطني حيث استقبله الالاف بالاناشيد والرقص. لكن تظاهرات معادية لاثيوبيا كانت تجري في أماكن أخرى في العاصمة. وقال أحد سكان مقديشو ويدعى عبدالستار ضاهر صبري ان"آلاف الاشخاص الغاضبين شاركوا في تظاهرة في شمال المدينة خصوصاً في حي توفيق وحي سوكاهولاها". وأضاف إن"أشخاصاً يحرقون اطارات في الشوارع ويرددون لا نريد ان يدخل الاثيوبيون المدينة". وقال عبدالله نور أحد المتظاهرين"لا نريد ان يدخل الاثيوبيون مدينتنا. يجب ان يبقوا خارجها". وأضاف ان المتظاهرين"يلقون الحجارة"على المحال التجارية لينضم اصحابها الى التظاهرة. وتمركزت قوات اثيوبية إلى جانب جنود الحكومة الصومالية أمس داخل مجمع السفارة الأميركية السابقة في مقديشو. وظل مجمع السفارة الواقع في ضاحية غربية للعاصمة الساحلية مهجوراً منذ أكثر من عشر سنوات بعد الانسحاب المهين للقوات الأميركية من الصومال في أعقاب مهمة فاشلة. وتوجه سيوم مسفين وزير الخارجية الاثيوبي الى بيداوة أمس وأجرى محادثات مع الرئيس الصومالي عبدالله يوسف. وقال ناطق باسم الحكومة الصومالية:"بحثا الوضع في الصومال واستيلاء الحكومة على مقديشو وكيف تم الترحيب بالحكومة في العاصمة". وقال وزير الرياضة والشباب في الحكومة الانتقالية مولد معن لوكالة"فرانس برس"أمس:"نحتاج الى حال الطوارئ والأحكام العرفية، وبموجب الدستور فالأحكام العرفية جزء من حال الطوارئ". وأوضح الوزير الموجود في افغوي 20 كلم غرب مقديشو ان الأحكام العرفية تشكّل أعلى درجات حال الطوارئ بحسب الدستور الصومالي. أما نائب رئيس الوزراء محمد حسين عيديد فقال:"نحتاج الى موافقة البرلمان على الاحكام العرفية، وهذا قرار اتخذته الحكومة"، مضيفاً"سنعود الى بيداوة لتقديم قوانيننا ومناقشتها أمام البرلمان الأحد". وكان رئيس الوزراء علي محمد جيدي صرح في افغوي أمس قبيل دخوله مقديشو:"نحتاج الى تطبيق الأحكام العرفية مدى ثلاثة اشهر لنزع سلاح جميع الميليشيات". وقال القائد العسكري الرفيع في صفوف الإسلاميين الشيخ محمد ابراهيم بلال:"لن نستسلم أبداً للاثيوبيين والحكومة"الانتقالية الصومالية. وأوضح من كيسمايو 500 كلم جنوب مقديشو التي تعتبر معقلاً للإسلاميين:"يمكنني أن اؤكد لكم أن القوات الإسلامية موجودة في كل أنحاء البلاد وسترون تحركنا في الأيام المقبلة. ما نفعله هو توجيه ضربة ثم الفرار". وأضاف:"نحن الآن في كيسمايو، إذا هاجمونا القوات الحكومية ووجهوا الينا ضربات فهذا لا يعني أن الحرب انتهت". وتابع:"تعتقدون ن المحاكم الإسلامية هُزمت وان المحتلين الاثيوبيين ربحوا في الصومال، استطيع أن اقول لكم ان كل شيء سيتغير خلال بضعة أيام". وجاء سقوط مقديشو بعد هجوم استمر عشرة أيام من جانب القوات الحكومية وحلفائها الاثيوبيين لاستعادة غالبية الأراضي التي يسيطر عليها مجلس"المحاكم الإسلامية"منذ حزيران يونيو الماضي. وأقر جيدي الذي احتفل الخميس بعودته منتصراً الى قريته خارج مقديشو للمرة الأولى منذ عام 2002 بأن الدولة التي تسودها الفوضى ما زالت بعيدة عن الاستقرار. وقال"عايش هذا البلد الفوضى ومن أجل استعادة الأمن نحتاج الى يد قوية"خصوصاً في ظل وجود ميليشيات تعمل كمرتزقة. وقال جيدي للصحافيين في موندول شيري وهي قرية على بعد نحو 40 كيلومتراً الى الجنوب الغربي من مقديشو ان برلمان بلاده سيعلن الأحكام العرفية اليوم السبت لمدة ثلاثة اشهر.