لم تختلف نظرة المعلقين الاسرائيليين الى السنة الميلادية المنتهية عن تلك التي أجملوا فيها أحداث السنة العبرية الماضية قبل ثلاثة اشهر: خيبة وإحباط وتشاؤم مما قد تحمله في طياتها السنة الجديدة، في غياب قيادة للدولة العبرية يثق الاسرائيليون بقدراتها على ادارة دفة الأمور. ووصف كبير المعلقين في"هآرتس"يوئيل ماركوس السنة المنتهية ب"سنة التعرج"، مشيرا أساساً الى ما آلت اليه سمعة اسرائيل، العسكرية تحديدا، في الحلبة الدولية. وتطرق الكاتب الى تصريح للعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني لصحيفة يابانية غداة لقائه في قصره رئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود اولمرت قبل أسبوعين، جاء فيه ان"اسرائيل ليست قوية كما اعتقدنا". وكتب ماركوس ان الملك الأردني"ناكر جميل لاسرائيل حين ردعت هذه سورية عن اجتياح الأردن عام 1970، ليس الوحيد الذي يشهر باسرائيل ويغمز من قناتها، انما ايضا أعضاء من مجلس الشيوخ الأميركي زاروا اسرائيل ويشككون ان كانت اسرائيل ما زالت سوبرمان الشرق الأوسط والعامل الرادع فيه". وزاد ان"الفرسان الثلاثة"في حرب لبنان، اولمرت ووزير الدفاع عمير بيرتس وقائد الجيش الجنرال دان حالوتس، هم من ألحقوا أشد الضرر بالانطباع المرتسم عن"القوة الأسطورية لاسرائيل"، باقرار الحرب بتهور لا مثيل له. وختم ان حكومة اولمرت"ابنة الأشهر الثمانية فقط"منهكة وضعيفة،"اما اسرائيل التي يعلن رئيس حكومتها انها قوة عظمى نووية، في وقت ليست قادرة على مواجهة قذائف القسام وحركة حماس التي تعد العدة لهجوم، فإنها تتعرج نحو العام 2007 كدولة ليس من الممتع العيش فيها كما وعد اولمرت فور تشكيله الحكومة". وكتب روغل الفير في"معاريف"ان الاعلام والرأي العام في اسرائيل يعتبران عام 2006"عاما دراماتيكيا للغاية"، ورأى ان هذا أمر بديهي عن سنة بدأت بأن غط رئيس الحكومة السابق آرييل شارون في غيبوبة:"زعيم محبوب وقائد جسّد أملا بخطوات سياسية بعيدة المدى وبمستقبل جديد، لكنه اختفى ومعه الأمل المنشود عن الحلبة وبسرعة". وتابع:"شهدت السنة المنتهية انتخابات عامة جاءت بالصدفة بسياسي لا يتمتع بشعبية الى الحكم، ليشن حربا بائسة مماثلة بنتائجها لحرب عام 1973، حرب قصورات خطيرة، ولجان تحقيق، وتهرب من المسؤولية، حرب اضعفت قدرات الجيش الاسرائيلي الردعية، وأُهملت فيها الجبهة الداخلية أسابيع طويلة في الملاجئ التعيسة. عجز امام هجوم حزب الله بالصواريخ". وزاد مؤكدا شعور الاسرائيليين بالخيبة:"كيف يمكن ألا نعتبر عام 2006 دراماتيكيا ازاء الفراغ القيادي الحاصل، وبعد شطب الأجندة الاجتماعية من السجال العام، وازاء حقيقة ان قائد الجيش ووزير الدفاع يفتقدان الى ثقة الجمهور، ورئيس حكومة تحول الى جثة تمشي، ورئيس دولة مشبوه بارتكابه مخالفات جنائية خطيرة ويرفض التنحي، ووزير قضاء يقدم للمحاكمة، وموت عملية السلام مع الفلسطينيين، وسديروت التي تقصف يوميا بالقسام... الشرطة تنفضح عيوبها، فوضى عارمة في قطاع غزة، الجنود المخطوفون لم يعودوا الى بيوتهم، الشعب اليتيم يجري وراء ملياردير غايدماك يتحدى الحكومة ولا يبخل على الشعب بمنات كان مفترضا ان تقدمها الحكومة، التهديد الايراني ملموس اكثر من ذي قبل، حوادث الطرق تسجل ذروة جديدة، العنف والاجرام يستشريان، والحرب المقبلة مسألة وقت". ويختتم المعلق:"يمكن أن نصاب بدوران ازاء الضربات المتتالية التي انهالت علينا... انها حقا سنة رمادية... عاصفة هوريكان مرت هنا ودمرت بقايا الأمن الوجودي للاسرائيليين... هزة أرضية وقعت وسحبت البساط من تحت أقدامهم". لكن ما يثير استغراب الكاتب، ان الاسرائيليين المدركين كل هذه الحقائق لم يعودوا يكترثون بما يجري ولا يهمهم شيء سوى تسيير امورهم اليومية:"القضايا القومية ليست على أجندتهم، حياتهم تتلخص في العمل وجمع المال... المال، وليس الصهيونية، هو إلَهُهُم". ورأى المعلق العسكري في الصحيفة عمير ربابورت انه مع اسدال الستار على عام 2006 لم يصح الجيش بعد صدمة"الحرب التي كشفت عوراته، فيما الحكومة لم تستبطن بعد حقيقة ان الوضع الأمني لم يعد على حاله بل ساء".