تتوسل روسيا الاخفاقات الأميركية بالشرق الاوسط لتعزيز دورها ونفوذها بهذه المنطقة. ولا تستثني موسكو أي دولة من مفاوضاتها في سعيها الى التوصل الى تسويات مقبولة للأزمات العربية والفلسطينية - الاسرائيلية والايرانية. وينسق الكرملين مع دول وصفتها واشنطن بأنها أعضاء في"محور الشر"، وخصوصاً إيران وسورية. واستقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيره السوري بشار الاسد بالكرملين، ومد يد العون إلى هذا الاخير. فشبهات التورط في حادث اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري تدور على أجهزة استخبارات الرئيس السوري. والحق أن القمة الروسية - السورية أظهرت أن مهمة الرئيس الروسي عسيرة وتحول دونها العقبات التالية: - توتر الوضع بالشرق الاوسط ومشارفته على الانفجار. وهذا الوضع عرقل محاولات مساعدة دمشق، وزاده تعقيداً. - العقبة الاميركية، أي توجيه واشنطن، وهي لاعب اساسي في المنطقة، إشارات متضاربة الى السوريين. فتارة يدور الكلام على تحسين العلاقات الاميركية - السورية، وتُسرب أنباء عن مفاوضات سرية بين أعضاء الكونغرس الديموقراطيين والقيادة السورية، وتارة أخرى يدور الكلام على تعذر تحسن العلاقات الاميركية - السورية، وتتشدد الادارة الاميركية في مواقفها. والقرينة على تضارب الاشارات الاميركية هو نتائج زيارات اعضاء الكونغرس، أخيراً، دمشق. - الرئيس بشار الأسد نفسه. ولا يخفى على احد ان دول الجوار الاقليمي ترى أنه ضعيف، على خلاف والده الرئيس الراحل حافظ الاسد. والدليل على ذلك هو تصريحات الرئيس الاسد الابن في موسكو. فالرئيس السوري تناول في العلن ما حرصت موسكو على معالجته خلف الكواليس وما آثرت الصمت عنه، أي ازمة السلاح الروسي الذي بلغ مقاتلي"حزب الله"في لبنان عبر دمشق. وفاجأت تصريحات الاسد الصحافية موسكو، فهو تحدى"الجهات التي تحدثت عن هذا الموضوع"تزويد"حزب الله"بالسلاح الروسي، وطالبها بتقديم ادلة و"ليرد عليها". وكان بوتين اتفق مع ايهود اولمرت، رئيس الوزراء الاسرائيلي، خلال زيارة الاخير موسكو على اغلاق هذا الملف وطي صفحته. واعتبرت مصادر اسرائيلية ان تبادل المعلومات بين موسكو وتل ابيب، وتعهد روسيا الحرص على عدم وصول هذه الاسلحة الى لبنان مجدداً، هما خاتمة هذه المسألة. والحق ان تصريحات الرئيس السوري عن علاقة بلاده بواشنطن لم تشذ عن غرابة مواقفه الاخرى. وبعدما كرر قوله المأثور في"استعداد سورية للحوار مع كل الاطراف"، فاجأ المراقبين بالقول:"ان الاطراف التي تسعى الى عزل سورية هي الاقل قدرة على لعب دور في المنطقة". وعليه، ذهب الرئيس السوري الى ان واشنطن تحتاج الى الحوار مع بلاده، وأن بلاده في غنى عن هذا الحوار. وجليّ ان الرئيس السوري يسيء تقويم نفوذ الولاياتالمتحدة على مسرح السياسة العالمية، ويستخف بالدور الاميركي. وهذا موقف قصير النظر وقد يترتب عليه ما لا تحمد عقباه على سورية وشركائها. عن يلينا سوبونينا ، "فريميا نوفوستي" الروسية ، 20 / 12 / 2006