دمرت القوات البريطانية مبنى "مديرية الجرائم الكبرى" في مدينة البصرة، خلال عملية نفذتها لنقل مئتي سجين، وأسفرت عن مقتل سبعة مسلحين بعد تعرضها لنيران مدافع رشاشة ولقصف بقذائف. وقال الناطق باسم القوات البريطانية الميجور تشارلي بربريدج إن مسلحين هاجموا طابوراً من الدبابات البريطانية من طراز "تشالنجر" والآليات القتالية من طراز "وريير"، كان في طريقه إلى مركز الشرطة الواقع في منطقة الجمعيات الذي دُمر بعد نقل سجناء منه. وأضاف بربريدج:"ردينا على النيران وقتلنا سبعة مسلحين... واجهنا بعد ذلك بعض المقاومة في مركز الشرطة ذاته وحدث تبادل لاطلاق النار لكن لم تقع أي إصابات هناك". وأوضح أنه بعد وصول القوة البريطانية الى مركز الشرطة الذي يضم مقر وحدة الجرائم المهمة أمّنت القوات البريطانية 127 سجيناً كانوا محتجزين هناك ووجدت آثار تعذيب على كثير منهم"بينها كسور في الايدي والاقدام واخرى ناتجة عن اطلاق نار في السيقان وآثار حروق او اطفاء سجائر في اجسادهم، كما ان عديدين منهم لم يكن بوسعهم المشي". وأضاف أن القوات العراقية دمرت المبنى"الواقع في حي الجمعيات في البصرة. وكان بربريدج صرح سابقاً ان الجيش البريطاني"نشر عددا كبيرا من الجنود في البصرة في ساعة مبكرة من صباح أمس لتصفية وحدة الجرائم المهمة ومركز الشرطة الذي كانت تعمل من خلاله وحداتها". وتابع"ان وحدة الجرائم المهمة في طريقها الى التصفية". وذكرت القوات البريطانية انها قررت شن هذا الهجوم بسبب مخاوف من ان يقوم ضباط"وحدة الجرائم الكبرى"، الذين يشتبه بارتكابهم فظاعات في البصرة، بقتل السجناء المحتجزين لديهم قبل ان يتم تصفية وحدتهم. وقال بربريدج انه تم نقل السجناء الى مركز احتجاز عراقي آخر. وقال الناطق باسم القوات المتعددة الجنسية الكابتن تاني دنلوب في تصريح الى"الحياة"إن قوات من الحرس الوطني العراقية شاركت في الهجوم على مديرية الجرائم الكبرى من أجل إنقاذ مجموعة من المحتجزين لديها كانت تنوي قتلهم. ونفى دنلوب أن يكون لهذه المديرية علاقة بالشرطة العراقية، قائلاً إنها"دائرة غير مرتبطة بجهة أمنية عراقية وتقف وراء كثير من حوادث القتل والخطف في المدينة". وكان مئات من الجنود البريطانيين مدعومين بسيارات مصفحة اعتقلوا قبل فترة مسؤول وحدة الجرائم الكبرى وستة من معاونيه في البصرة واتهموه بأنه أمر بقتل 17 مدربا يعملون في اكاديمية لتدريب الشرطة تديرها القوات البريطانية. وعقد المسؤولون الامنيون المحليون في البصرة مؤتمرا صحافيا بعد ظهر أمس اعربوا فيه عن احتجاجهم على العملية البريطانية. وقال العميد في الجيش العراقي علي ابراهيم ان"القوات البريطانية اقتحمت بشكل غير قانوني احد مقراتنا واعتدت على حقوق الانسان". واضاف ان القوات البريطانية"استخدمت القوة بشكل مبالغ فيه"، مؤكدا انه كان"باستطاعة القوات العراقية معالجة الامر"بمفردها. واعلن رئيس اللجنة الامنية في محافظة حكيم المياحي"مقاطعة القوات البريطانية لان ما حصل يعد تعديا سافرا على احد المقرات التابعة للحكومة العراقية". وأكد قائد شرطة البصرة العميد محمد الموسوي"اصطحاب القوات البريطانية 147 معتقلا كانوا محتجزين في مقر الشرطة، وهم من اخطر المعتقلين لدينا". وتابع"اعادوا لنا 127 فقط منهم وما زال مصير عشرين مجهولا". وشدد على ان هؤلاء السجناء"من الذين قاموا بأعمال تفجير في البصرة وهم مجرمون خطرون جدا". واشار الموسوي الى وجود"مفاوضات بين القوات العراقية والبريطانية لتغيير موقع دائرة الشرطة الذي هوجم بشكل مفاجئ"ليل الاحد - الاثنين. في المقابل، قال"أبو مجاهد المالكي"القيادي في"حزب الله تنظيم العراق"المعارض للوجود البريطاني في المدينة إن الجيش البريطاني كان أمر قوات الحرس الوطني باقتحام مبنى وحدة الجرائم الكبرى منذ ليل أول من أمس لكن أفراد الحرس الوطني لم يستجيبوا، فنفذت القوات البريطانية العملية. وأضاف المالكي أن البريطانيين سلموا حوالي مئتي معتقل إلى قيادة الشرطة في المحافظة، مشيراً إلى أن أكثر من 20 إرهابياً من المتهمين بتنفيذ حوادث تفجيرات منطقة الحيانية وشارع الجزائر العام الماضي وغيرها، لا يعرف مصيرهم الآن. وأفادت مصادر قريبة من الجيش البريطاني أن 20 متهماً في"حوادث إرهابية"ربما يكونوا نُقلوا إلى معتقل"بوكا"في مدينة أم قصر أو سيُنقلون إلى معسكر"الشعيبة"التابع للقوات البريطانية. ونفى مصدر في الشرطة وقوع خسائر بين أفرادها، قائلاً إن ضباط ومراتب المديرية هربوا أثناء الهجوم، فيما أكد المالكي أن رجال الشرطة في المديرية اشتبكوا لساعات في معركة غير متكافئة مع القوات البريطانية بدءاً من الساعة الثانية صباحاً يوم أمس. وفي أعقاب العملية البريطانية، عقد مجلس محافظة البصرة اجتماعاً لمناقشة الحادث، علق بموجبه تعامله مع القوات المتعددة الجنسية في البصرة. وكان الجيش البريطاني اقتحم مبنى مديرية الجرائم الخطيرة صيف العام الماضي، وذلك في حادث أعقب احتجاز عناصر من"جيش المهدي"جنديين بريطانيين ادعى بأنهما وراء أعمال تفجيرات وحوادث قتل في المدينة بعد خطفهما من نقطة تفتيش تابعة للشرطة قرب حي الحبانية. وفي المدينة ذاتها، اقتحم مسلحون ينتمون إلى إحدى عشائر المحافظة حرم جامعة البصرة، وأطلقوا النار في الهواء بحثاً عن مطلوب لديهم قالوا إنه تحرش بإحدى الطالبات. وأوضح أستاذ في كلية الآداب ل"الحياة"أن مجموعة مسلحة تابعة لإحدى العشائر اقتحمت الجامعة بأسلحتها، ثم وصلت مجموعة أخرى وراحت تطلق النار بحثاً أيضاً عن الطالب المتهم لديها.