دعت "المحاكم الإسلامية" الصومالية مسلمي العالم إلى المشاركة في "الجهاد" ضد إثيوبيا، بعد أيام من القتال الضاري بين مقاتليهم وجنود الحكومة الانتقالية المدعومة بقوات إثيوبية. واستأنف الجانبان تبادل القصف بالمدافع والصواريخ. وأعلن الإسلاميون سيطرتهم على مدينة جديدة، فيما أعرب الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان عن تخوفه من ضلوع"مقاتلين أجانب"في المعارك. وقال القيادي في"المحاكم"يوسف محمد سياد:"نحن نقول إن بلادنا مفتوحة للمسلمين من كل أنحاء العالم. دعوهم يقاتلون في الصومال ويعلنون الجهاد، وبإذن الله، مهاجمة أديس أبابا". وأضاف خلال مؤتمر صحافي في مقديشو أمس:"أخبرنا العالم بأن يوقف هذه المشكلة. طلبنا منهم عمل أي شيء قبل أن يتحول الصراع إلى نار ملتهبة تحرق المنطقة بأكلمها". وجاءت تصريحات سياد في وقت استمر أمس إطلاق الصواريخ لليوم الخامس على التوالي في ثلاث جبهات للقتال بين الإسلاميين وجنود الحكومة الانتقالية الضعيفة المدعومين بقوات ارسلتها أديس أبابا، أكد مسؤولون في الحكومة أن 4 مروحيات قتالية ونحو 20 دبابة إثيوبية انضمت إليها أول من أمس. ويثير القتال الأطول حتى الآن بين الطرفين مخاوف من نشوب حرب إقليمية أوسع نطاقاً تمتد لتشمل إثيوبيا واريتريا، كما يخشى ديبلوماسيون أيضاً من أن يؤدي الصراع في الصومال إلى شن هجمات انتحارية في شرق أفريقيا. وسخرت أديس أبابا أمس من دعوة الإسلاميين جهاديين أجانب، معتبرة أنها تثبت مدى"تطرف"الحركة المتهمة بالخضوع لسيطرة متشددين لهم صلات بتنظيم"القاعدة". لكن محللاً إقليمياً أكد أن دعوة"المحاكم"قد تجد آذاناً صاغية لدى المستائين من السياسة الأميركية. وقال الخبير المختص بشؤون الصومال مات بريدن:"ما يجعله هذا النداء باعثاً على القلق، هو الموقف الذي اتخذته الولاياتالمتحدة في دعم الحكومة وإثيوبيا، ما يعني أن من المرجح أن يجد النداء آذاناً صاغية على نطاق واسع". وأكد رئيس الوزراء الصومالي محمد علي جدي أمس أن"أربعة آلاف مقاتل أجنبي شاركوا في المعارك الاخيرة في منطقة دنسور"الجنوبية. وأضاف خلال مؤتمر صحافي في بيداوة، أن"ذلك يدل على أن الإرهابيين يكسبون مواقع في الصومال، لذلك ندعو المجتمع الدولي إلى الانتباه لما يجري". وكان شهود أكدوا أنهم شاهدوا مطلع الأسبوع مقاتلين عرباً ينزلون من سفن في ميناء كيسمايو الاستراتيجي الذي يسيطر عليه الإسلاميون. وفي عودة إلى التطورات الميدانية، أعلن الإسلاميون أنهم استولوا على مدينة إيدالي الاستراتيجية جنوب مقر الحكومة الانتقالية في بيداوة. وقال الناطق باسم"المحاكم"عبدالرحيم علي مودي:"سيطر مقاتلونا الاسلاميون على إيدالي، ويتوجهون الآن نحو قواعد الغزاة الإثيوبيين". وأضاف:"أنا موجود حالياً في إيدالي، ويمكنني أن أقول لكم إنه تم صد الغزاة الإثيوبيين. ويوجد هنا عدد كبير من جثثهم". وفي مقديشو، أكد سياد للصحافيين وقوع"معارك كثيفة صباحاً بين قواتنا والإثيوبيين قرب إيدالي ... هاجمنا الاثيوبيون ثلاث مرات، وقمنا بصدهم في كل مرة". ولم يؤكد وزير الإعلام الصومالي علي جامع سقوط إيدالي. لكنه أقر بأن المعارك متواصلة في القطاع. وأفاد شهود في بيداوة وضواحيها أن معظم سكان إيدالي فروا من المعارك. وقال حاجي حسن دوبو الذي فر من المنطقة، إن"الناس مصدومون فعلاً ويريدون التخلص من هذه الحرب، لأن الفريقين يستخدمان مدافع الهاون والمدفعية الثقيلة ولا يستطيع أحد تحمل ذلك". وشاهد سكان مقاتلين إسلاميين يشقون طريقهم نحو داينوناي حيث تتمركز القوات الحكومية. وقال أحدهم:"سمعت دوي إطلاق صواريخ من الجبهة. وشاهدت ثلاثة قتلى من الجنود الاثيوبيين يحملهم المقاتلون الاسلاميون الى قرية قريبة من داينوناي، فيما تلقى المصابون من المقاتلين الاسلاميين العلاج في قريبة بور حقابا القريبة". وقال الاسلاميون إنهم استولوا على بلدة تيغلو القريبة من داينوناي مساء الجمعة، ولم يصادفوا أي مقاومة. وفي إثيوبيا، قالت الشرطة إنها اعتقلت 20 شخصاً كانوا يتسللون إلى اقليم أوغادين الشرقي الذي تسكنه جماعة عرقية صومالية، ووجهت لهم اتهامات بالتعاون مع"المحاكم"التي تعتقد أديس أبابا أنها تريد ضم الإقليم. وضم الاتحاد الافريقي صوته أمس إلى الاممالمتحدة والغرب في إدانة القتال ودعوة الطرفين إلى استئناف محادثات السلام. وقال رئيس الوزراء الصومالي إن حكومته مستعدة من حيث المبدأ لعمل ذلك،"لكن ليس ممكناً للمحاكم أن تهاجم مواقع الحكومة من جهة، وتعلن انها مستعدة للمحادثات من جهة أخرى". وكان الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان ومجلس الأمن طالبا أول من أمس بوقف فوري للقتال واستئناف محادثات السلام"بلا تأخير ومن دون شروط". وأعرب أنان عن"قلقه الشديد من العواقب الكارثية التي يمكن أن يعكسها تصعيد النزاع على السكان المدنيين". وأكد ايضاً"تخوفه الكبير من المعلومات المتكررة عن ضلوع قوات أجنبية في النزاع". وفي السياق ذاته، عبرت الجامعة العربية عن"بالغ قلقها وأسفها"للقتال في الصومال. وطالبت الأطراف المتصارعة بالتوقف الفوري عن كل أعمال العنف والاقتتال. وحضت"الأطراف الصومالية كافة، خصوصاً المحاكم، انتهاج الحوار سبيلاً وحيداً لحل الخلافات والعودة إلى المحادثات". ودعت المجتمع الدولي إلى"إرسال المعونات الإنسانية للشعب الصومالي لرفع المعاناة عنه جراء المواجهات العسكرية والفيضانات التي خلفت مئات الآلاف من المشردين واللاجئين".