في موسم الاعياد الذي تكثر فيه الهدايا "الغريبة العجيبة" تلقّت دوروثي فيريرا 67 سنة هدية من اختها البالغة من العمر 82 سنة التي تقيم في واترلو في ولاية آيوا. وعندما فتحت دوروثي العلبة بلهفة طفل وجدت في داخلها شيئاً ما أشبه بشمعٍ مموّج ومكتّل. شكل غريب لا تعرف له اسماً أو هوية. اتصلت بأختها حانقة: "ما هذا الذي أرسلته إليّ؟". "لا أدري، ردّت الاخت، رأيت هذا الشيء على شاطئ البحر في مونتوك، فاحتفظت به لخمسين سنة، وارتأيت أن أقدّمه لك هدية هذا العام، بما أنّ أحداً لا يعرف ماهيته، لكنّ شكله جميل". وأردفت:"لمَ لا تسألين أحداً ما عنه، أنت التي تقيمين على شاطئ لونغ آيلند"؟ وهكذا اتصلت دوروثي بقسم العلوم الطبيعية في بلدة ايست هامبتون لتكتشف مذهولةً أنّ الهدية ليست إلا ثروة ثمينة تسمّى ambergris العنبر الرمادي، أو"لؤلؤ البحر" أو"الذهب الطافي" وهي مادة تنتج داخل أمعاء أحد أنواع الحيتان، ربما لحمايته ممّا يبتلعه من موادٍ صلبة، فيبصقها الحوت لاحقاً في المحيط. ومنذ ذلك الحين ووسائل الاعلام المحلية تتحدّث عن دوروثي مالكة"العنبر الرمادي"الذي تصل قيمته الى أكثر من 18 ألف دولار، والتي لن تضطر بعد اليوم الى العمل طباخة في أحد المطاعم الصغيرة، أو الاتكال على ما تقبضه من الخدمة الاجتماعية."طبعاً سأبيع العنبر النفيس"، تقول دوروثي والابتسامة تعلو شفتيها، وتكمل:"سأعيش حياة هنيئة بفضل حوت بصق مادة عجيبة قبل خمسين سنة"! والعنبر الرمادي مادة نفيسة عُرفت في العصور الغابرة، اذ كانت تستخدم كمكوّن لصناعة العطور الراقية، أو تجفّف وتزيّن كنوع من الجواهر، فيما وجد فيها العرب دواءً للقلب والدماغ. ويحكى أنّ مدام دو باري كانت تغتسل بهذه المادة لاغواء الملك لويس الخامس عشر. ويروي أحد قدامى البحارة في بيرل هاربور أنّ جدّه كان دائماً يحثه على التنبّه إلى أيّة مادة غريبة الشكل في المحيط"من يدري ربّما وجدت العنبر الرمادي، فإن فعلتَ، كأنّك ربحت اليانصيب"!