ينقضي اليوم عام على اغتيال الصحافي والنائب اللبناني جبران تويني ومرافقيه ولا يزال التحقيق في الجريمة المحالة أمام المجلس العدلي في مرحلة سماع الشهود والاستقصاء وجمع المعلومات. ولم تتعد التحقيقات في هذه الجريمة التي ينظر فيها المحقق العدلي القاضي جهاد الوادي مرحلة تسطير الاستنابات لكل الأجهزة الأمنية للتأكد من بعض الواقعات الواردة في الملف. وكان ابرز ما شهدته التحقيقات في الجريمة منذ وقوعها استدعاء المدير العام السابق للأمن العام اللواء الركن جميل السيد للاستماع الى إفادته في هذه القضية قبل اكثر من أربعة اشهر فضلاً عن سماع إفادة أرملة المغدور السيدة سهام وعدد من الأصدقاء والأقارب. ومن ضمن الشهود الذين استمع إليهم قاضي التحقيق عدد كبير من العمال السوريين الذين يعملون في مكان قريب من مكان حصول الانفجار في منطقة المكلس على طريق المعامل، وأوقف أحدهم بموجب مذكرة توقيف وجاهية أصدرها في حينه قاضي التحقيق العسكري الأول رشيد مزهر قبل تعيين محقق عدلي، وأخلي سبيله لاحقاً بعد توقيف دام نحو شهرين. وفي الذكرى الأولى، اعتبر رئيس"اللقاء النيابي الديموقراطي"وليد جنبلاط ان"هذه الذكرى تصادف أيضاً الذكرى السنوية لبداية الانقلاب على المحكمة الدولية في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري عندما ابتدع بعض الأحزاب فكرة الاعتكاف عن المشاركة في الحكومة لسبعة أسابيع ما يدل على رفضها قيام هذه المحكمة منذ الأساس أي بمعنى آخر التحضير بخطوات متلاحقة لخطة إسقاط المحكمة عبر إسقاط الحكومة". وإذ توقف عند رحيل"الكلمة الحرة والصوت المدوي في معركة استقلال لبنان والدفاع عن حريته وسيادته"، شدد على ان"ما يحصل اليوم يستهدف ضرب الحياة الديموقراطية في لبنان بكل مكوناتها ومقوماتها، وليس من حل يحصل في الشارع بل من خلال الحوار والتفاوض الذي يتطلب مواقف واضحة من المعارضة عن المحكمة الدولية ورئاسة الجمهورية والقرار 1701 ومؤتمر باريس - 3". وقال جنبلاط في موقفه الأسبوعي الذي تنشره جريدة"الأنباء"التي تصدر عن الحزب التقدمي الاشتراكي ان"الأكيد ان المسألة ليست مسألة أرقام وأعداد وحشود، فمقابل الحشود هنا يوجد حشود هناك، المعالجة تتم وفق تسوية سياسية تأخذ النقاط الأربع في الاعتبار وعدم قبول المعارضة بالتسوية يثبت بحقها الاتهامات الانقلابية". وتابع مؤتمر"الصحافة تحت الحصار"الذي ينظمه الاتحاد العالمي للصحف وجريدة"النهار"، تكريماً للنائب تويني أعماله لليوم الثاني على التوالي في فندق"لو رويال"في ضبيه، وعقدت جلسة بعنوان"الرقابة والرقابة الذاتية"، ادارها الكاتب في صحيفة"واشنطن بوست"دايفيد اغناسيوس، الذي اعتبر"ان الرقابة تشكل جزءاً من الصحافة ومن نضال الصحافيين وخصوصاً في لبنان". وتحدث الناشر والمدير الإداري في"تيل كيل"المغربية أحمد بن شمسي، عن تعرضه للاعتداء، وقد رفعت قضية ضده بتهمة التشهير، وطلب منه ان يدفع المئات من اليورو كتعويض. وتطرق بن شمسي الى تاريخ الصحافة في المغرب الذي مر بحقبتين ما قبل عام 1990 حيث كانت هناك رقابة على الصحف، أما بعد عام 1990، وبعد تغيير النظام أصبحت مساحة الحرية اكبر وبدأ الصحافيون يمارسون الرقابة الذاتية. وبدأت الصحف تتحرر شيئاً فشيئاً الا انه بقيت مواضيع ممنوعة كتلك التي تتعلق بالحياة الخاصة للعائلة المالكة. وتحدثت رئيسة تحرير جريدة"الكلمة"الإلكترونية في تونس نزيهة رجبه عن تجربتها الشخصية وتجربة أسرة جريدة"الكلمة"مع الرقابة والرقابة الذاتية، وعن ردود فعل السلطة إزاء الصحافة الحرة. وأشارت الى"ان المواقع الإلكترونية كانت فسحة للصحافيين للتعبير عن رأيهم بحرية اكثر في ظل الكبت الذي يمارس على الصحافة المكتوبة، وهذا لا يعني انهم لا يخضعون للرقابة الذاتية". ورأت"ان هناك مشكلة كبيرة تعترض الصحافيين وتشل أقلامهم وهي التطرف على أنواعه في جمهور القراء وغياب حرية التعبير". وعرض مدير موقع أخباري الكتروني في البحرين علي عبد الإمام لتوقيفه، لأنه مارس القدح والذم ضد الملك. وتحدث عما واجهه في التحقيقات والضغوط التي مورست عليه وعن إقفال الموقع مرات عدة. وركزت الجلسة الثانية على موضوع"مراقبة وسائل الاعلام عبر التشريع"وأدارها الخبير الصحافي في تونس كامل اللبيدي الذي ذكّر بالالتزام اكثر فأكثر بالمعايير الدولية كحرية التعبير والصحافة التي تبقى في مجملها حبراً على ورق. وتحدث رئيس تحرير صحيفتي "الدستور" و"صوت الامة"ابراهيم عيسى عن تجربته الصحافية في مصر التي يخوضها منذ سنوات عدة وهو الآن في انتظار اصدار حكم بحقه بتهمة نشره اخباراً كاذبة واهانة الرئيس. وأشار الى"ان الصحافي المصري المدافع عن الحرية هو اشبه بالمطلوب للثأر، وهو في خطر دائم لأن غابة التشريعات تهدد حرية الصحافة طيلة الوقت، وهي مهددة في أي لحظة بالقتل المعنوي او بالقتل المادي". واعتبر الناشر المغربي علي عمار"ان اهم دفاع عن النفس للصحافيين هو الانفتاح على الخارج". ولفت الى"ان وضع الصحافة في المغرب افضل من المرحلة السابقة بعد اعادة النظر بالقوانين التي ترعى المهنة، الا انه لا يزال سيئاً في ظل المحرمات التي لا يمكن التحدث عنها". ورأى الخبير في الشؤون القانونية زياد بارود في ما يتعلق بحال الصحافة اللبنانية الواقعة تحت الحصار،"ان حصار الرقابة هو بقوة القانون لا بقوة الحق، قانون تضعه سلطة ما، في زمن ما، لتلغي اعتراضاً او مسألة او مناقشة او رأي".