الذكرى الأولى لاغتيال النائب والصحافي اللبناني جبران تويني إرادتها عائلة الشهيد وأسرة الزميلة"النهار"والاتحاد العالمي للصحف"انتصاراً للحرية". فكان تكريم جبران تويني من خلال مؤتمر شعاره"الصحافة تحت الحصار"في مركز"بيال"للمؤتمرات في وسط بيروت، امس، على بعد مئات الأمتار من الاعتصام المفتوح الذي تنفذه المعارضة، بمشاركة آلاف من سياسيين ورجال فكر وصحافة وهيئات مدنية. واختنقت الطرق المؤدية الى مكان الاحتفال بالوافدين ما ادى الى تأخير الافتتاح قرابة نصف ساعة عن موعده المقرر. وسجلت في افتتاح المؤتمر مواقف كثيرة وكان بارزاً التضامن الذي أبداه الحضور مع حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الذي توجه الى الحضور بكلمة متلفزة مباشرة من السرايا الكبيرة، مطمئناً اللبنانيين الى"اننا سنخرج من هذه الأزمة، ولا طلاق بين اللبنانيين، يدنا مبسوطة للجميع من اجل التلاقي، لن نوصد الأبواب، بل سنعمل على فتحها الى الآفاق الرحبة، وكما وقفنا في وجه محنة الاجتياح الاسرائيلي موحدين ندافع عن بلدنا سنقف في وجه هذه المحنة ندافع عن قيمنا ونظامنا الديموقراطي ووفاقنا الوطني، نفتح قلوبنا للجميع استناداً الى الثوابت الوطنية والقومية والديموقراطية وهدفنا الأعلى والباقي حفظ الوحدة والتماسك والثقة بلبنان وشعبه ومستقبله". وكان في استقبال المشاركين والد الشهيد، النائب غسان تويني، وابنته نايلة اضافة الى أفراد أسرة"النهار"الذين ارتدوا اللون الأسود واتشحوا بوشاح ابيض عليه صورة النائب الشهيد. وحضر المؤتمر: النائب ياسين جابر ممثلاً رئيس المجلس النيابي نبيه بري، والوزراء غازي العريضي ومروان حماده ونايلة معوض، وعدد من نواب الأكثرية. كما حضر عدد من نواب"تكتل التغيير والإصلاح"الذي يرأسه النائب ميشال عون. ومثل سامي الجميل والده الرئيس أمين الجميل، كما مثلت السيدة نورا جنبلاط زوجها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، وحضر عدد من الديبلوماسيين. بداية النشيد الوطني، ثم دقيقة صمت"إجلالاً لآخر شهيد قدمته ثورة الأرز"الوزير بيار أمين الجميل، وعلا التصفيق في الصالة وهتف المشاركون"بيار حي فينا". وعرض شريط عن الشهيد تويني. وقدم الحفل الصحافي وليد عبود، وحين أشار الى ان الرئيس السنيورة"حاضر بيننا يتابع الحفل من السرايا الكبيرة وستكون له كلمة في الحضور"علا التصفيق لأكثر من دقيقة تحية له. واعتبر رئيس مجلس إدارة الاتحاد العالمي للصحف تيموتي بالدينغ في كلمته"ان شهيدي الصحافة جبران تويني وسمير قصير والشهيدة الحية مي شدياق دفعوا ثمناً كبيراً للحرية وحرية التعبير"، متمنياً ان يتحول الألم مما أصابهم"تصميماً لتكريم ذكراهم من خلال إكمال النضال من اجل الحرية وحرية التعبير". وأكدت نايلة جبران تويني في كلمتها ان"جبران انتصر باستشهاده، على من أراد ان يجعل الصمت ينتصر على الكلمة"، مشددة على ان"النهار مستمرة في دفاعها عن لبنان وفي دفاعها عن الحرية والديموقراطية في كل مكان على وجه الأرض". وتوقفت عند"الانقلاب الذي يعيشه الوطن على قيم التعددية والحرية"، معتبرة انه"انقلاب على وطن وثورة الأرز، انقلاب يهدف الى إعادته الى عهد الوصاية وجعله مرتبطاً بمحاور خارجية لشن حروب الآخرين على أرضه، انه انقلاب لمنع قيام المحكمة الدولية حتى لو أجمعت المواقف الكلامية على تأكيد قيامها، انه الانقلاب لحماية القتلة ومنهم قتلة والدي". وقالت:"لن نرضى في ظل الظروف القاهرة وعمليات الاعتقال والتفجير وحرب تموز ان تسقط الحكومة في الشارع علا التصفيق والهتاف فيما يستمر رئيس الجمهورية الممددة ولايته خلافاً لإرادة اللبنانيين في موقعه كأنما المنصب الأول أضحى غاية في ذاته". وأذيعت كلمة مصورة للكاتب في صحيفة"نيويورك تايمز"وعضو"لجنة بوليتزر"توماس فريدمان سجل فيها شهادته في جبران تويني والواقع اللبناني، وقال"من خلال ابتكار جائزة جبران تويني سنكرم صحافياً ناشراً يؤمن بالمبادئ التي استشهد من اجلها جبران". ثم كانت أغنية"وطني بيعرفني"للفنان غسان صليبا شعر منصور الرحباني وموسيقى اسامة الرحباني. ووجه الأمين العام لحكومة الظل الشبابية عياد واكيم رسالة حكومة الظل الشبابية التي كان الشهيد أول من عمل لها، وعاهده فيها بأنهم"على عهده باقون وانهم سيواصلون رسالته وحلمه في إقامة وطن سيد حر كريم سيظل جميع أبنائه، مسلمين ومسيحيين، موحدين الى ابد الآبدين دفاعاً عن لبنان العظيم". وسبق الكلمة تعريف بحكومة الظل الشبابية بعد اعتلاء اعضائها المنصة وتعريفهم بأنفسهم وبالحقائب التي يشغلونها. وقال دايفيد اغناسيوس الكاتب في"واشنطن بوست"في شهادة بجبران تويني:"ان اشخاصاً مثل آل تويني الذين يرفضون الخوف والخضوع يجب ان يكونوا مصدر الهام لنا، انهم بذور صحافة تقاوم الخوف، والأميركيون يجب ان يفخروا بصداقتهم". ووجهت الفنانة ماجدة الرومي تحية الى روح جبران وأكدت ان"أصواتنا استمرارية لموته". واعتبر مدير عام قناة"العربية"عبد الرحمن الراشد"ان جبران حدد مواصفات النقاش السياسي في لبنان في موقفه ومقالاته، جبران ليس الصحافي الوحيد الذي دفع ثمن الحبر دماً لكنه هو الصحافي العربي الوحيد الذي غير تاريخ بلاده بقلمه، كان يدرك خطورة الرسالة وخطورة القضية التي أثارها وخطورة النتائج المحتملة، لكنها كانت قضيته. وأقول: اعطني صحافياً مثل جبران وأغيّر العالم بأكمله". النائب تويني وقال ناشر ورئيس مجلس ادارة"النهار"النائب غسان تويني، ان"الصحافة لا تدافع فقط عن حرياتها الذاتية، بل معركتها الكبرى هي من اجل الحريات العامة، والسياسية منها بنوع أخص، ومن اجل حقوق المواطن في الرأي الحر، كحق الوطن في الحكم الذاتي وتقرير مصيره وبسط سيادته على ترابه من دون أي شكل من أشكال التسلط الخارجي الذي يأسر الاستقلال. من هنا ان لا حرية من دون ديموقراطية، ولا حكم ديموقراطياً دستورياً من دون حريات. أي لا وطن حراً من دون مواطنين أحرار، متحررين من الخوف، متمتعين بالحق في الأمان والسلامة والعدالة.. وخصوصاً العدالة. ثم ان الحصار على الصحافة ليس من السلطة فحسب بل كثيراً ما يكون من القوى السياسية المتطرفة التي لا تحتمل ان تواجهها الصحافة بالنقد والعقلانية والدعوة الى احترام رأي الآخر. هذا فضلاً عن توق الصحافة، بل صراعها، من اجل التمتع بالحرية الاقتصادية ومقاومة القامعين وكل محاولات النظم والتنظيمات الاستبدادية على أنواعها للتسلط على الصحافة والإعلام عموماً بتحويل الصحف والإذاعات والتلفزيونات الى منابر للرأي الحاكم، بدل ان تكون منابر الرأي الحر لمراقبة الحاكم او الطامع بالحكم استئثاراً ومنع فساده وجنوحه عن العدالة ومبادئ المدينة الفاضلة وأخصها مناقبية السلطة في كل مراتبها ومتفرعاتها جذوراً وأصولاً ومجالس وإدارات". كلمة السنيورة واستهل الرئيس السنيورة كلمته بالحديث عن"النائب والصديق جبران تويني في يوم كبير في تاريخ الصحافة والكتابة والحرية والشجاعة في لبنان". وقال:"عرفناه خلالَ عَقدين مكافحاً من أجل الحرية الإعلامية والصحافية والسياسية. كما عرفناهُ عَلَماً بارزاً من أعلام ثورة الأرز على أَثَر اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وعرفْناه أخيراً ودائماً شهيداً في تلك السلسلةِ الغاليةِ من رجالات وطنِنا، الذين ناضلوا وضحُّوا وسالت دماؤهم، من أجل أن يبقى لبنانُ، ويبقى استقلالُهُ، وتبقى حرياتُه، وتبقى وحدتُه". ورأى ان"العالم العربي ما عرف في تاريخه المعاصر اغتيالات سياسيةً بقدر ما عرف لبنان، وفي الفئتين معاً: فئة رجال السياسة، وفئة رجال الصحافة. ماتوا جميعاً واقفين من أجل الحرية، ومن أجل الوطنية، ومن أجل شرفِ الكلمةِ والموقف. فاللبنانيُّ لا يقبلُ حياةً أقلَّ من حياة الحرية، ولا يقبلُ نظاماً سياسياً غيرَ النظام الديمقراطيِّ. وثورةُ الأرز، ثورةُ رفيق الحريري وباسل فليحان وسمير قصير وجورج حاوي وجبران تويني وبيار الجميل ورفاقهم، ما كانت لتتحقَّق لولا دماؤهم ، ودماء الشهداء، وأمانةُ الشهداء، وإرادةُ الحياة الكريمة لدى الشهداء". واعتبر السنيورة ان من"خلالِ أقلام جبران تويني وسمير قصير، والصحافيين والمثقفين الكبار الآخرين. وبسبب شجاعةِ هؤلاء الشجعان وتضحياتِهم، وصلابة إرادتِهم، نستطيعُ نحن اليومَ الصمودَ في مواقع الشرعيّة الدستورية، والتقدمَ باتجاه الممارساتِ الديموقراطية والحرةِ والطَموح، وإننا موقنون أنّ السبل المُثْلَى لتحقيق طموحات شهدائنا الكبار منذ عهد استقلالِنا الأول، وإلى عهد الاستقلال الثاني، هو المُضي في بناء دولة الاستقلال القائمة على الحرية، والقائمة على الدستور، والقائمة على دعم الصحافة الحُرّة والمسؤولة عن وعي الناس، وعن مشاركتِهِمْ الملائمة من خلال المؤسَّسات الدستورية، وهيئات المجتمع المدني". وشدد على ان"لا قضيةَ أهمَّ من السلام الوطني، والأمن الوطني، والاقتصاد الوطني، والمستقبل الوطني وكلّهاُ تقومُ على الحرية وعلى المؤسَّسات الدستورية والديموقراطية. وإذا كان مهماً - كما شرح لي الصديق غسّان تويني مرة - المفهومُ المستقرُّ لدى اللبنانيين للحرية والاستقلال، فإنّ المهمَّ أيضاً استقرارُ مفهوم الشرعيّة وثباته، بحيث يقترنُ هذا المفهوم في الوعي العامّ بدولة الدستور والمؤسسات. وهذا الأَمْرُ بالغُ الحساسية لأنه يتصلُ بالحرياتِ ذاتِها، وبأعمالِ المعارضة السياسيةِ وممارساتِها، وبالقدرة على تطوير العمل السياسي والحزبي بالاتجاهات التي تَقْرِنُ المفهومين: مفهوم الحرية والديموقراطية، ومفهوم الشرعية. وثوابتُ المفهومين بنصّ الدستور وروحِه تتركّزُ في العيش المشترك، والتضامن الوطني، والأمن الوطني، والحياة الوطنية المشتركة والحرة والمزدهرة. واستناداً إلى هذين المفهومين للحرية وللشرعية، لستُ أدري ما هي القضيةُ الكبرى التي تدفع الى القيام بهذا الصخب السياسي التوتري الشديد، والاعتصامات المفتوحة؟ ثم هل هذه هي الطريقةُ المُثْلَى لتحقيق المطالب أياً كانت؟". وتوقف السنيورة عند"المطالب المطروحة من جانب المعارضة، وطرائق العملِ على تحقيقِها"، وقال:"بالنظرِ إلى الظروف السائدة في المنطِقة، أعتبرُ أنّ حياتَنا السياسيةَ والأمنية والاقتصادية، بل ونظامَنا، تُواجهُ جميعُها تحدياً بارزاً. وهذا التحدي لا يقتصرُ على صون الأمن والاستقرار والتضامُن بين المواطنين، وهي أمورٌ شديدةُ الأهمية في كلّ الأحوال، بل ويتضمنُ النَظَرَ إلى مستقبل لبنان، ومستقبلِ نظامِه، ومستقبل موقِعِه في المنطِقة والعالَم". ورأى"أنّ نظامَنا السياسيَّ الديموقراطيَّ، الذي عاش اللبنانيون في ظلّه ستين عاماً، وطوّروا بالآلام وبالشهداء وبالأقلام وبالتحرير والحرية، مؤسَّساتِه وثقافته، قادرٌ على مواجهة التحديات، ومن بينِها تحدي استيعابِ المعارضات وتداول السلطة وفق نص منطق الشرعية الدستورية. بيد أنّ الجانبَ الآخَرَ البارزَ في التحديات المباشرة يتمثّل في تثبيت المناعة الوطنية الحائلة دون الانزلاق مرةً أُخرى باتجاه الوصاية والاستتباع، أو باتجاه الفوضى الأمنية والسياسية. أما الركنُ الثالثُ الذي يتناولُ الجانبَ الاستراتيجيَّ في مسألة الشرعية فيتمثّل كما سبق القول بالتوجُّه الفوري والمستقبلي نحو إعادة الإعمار، والتنمية الاقتصادية، واستعادة الأمل والثقة لدى اللبنانيين والعرب بالنظام الاقتصادي اللبناني، وبالنظام السياسي اللبناني". وشدد على ان"النضال من أجل الحرية التزام اخلاقي كبير. والإصرار على الكلمة الحرة أمرٌ مصيري. والتضحيةُ بالنفس قد تكونُ ضروريةً في بعض الظروف، مثل مقاتلة العدوّ أو تحرير الأرض. لكنْ ليس من المعقول ولا من المقبول ألا يجدَ المناضلون من أجل الحرية وبالوسائل السلمية، إلاّ الموتَ أو الاغتيالَ السياسيَّ جزاءً. قلنا دائماً، وما نزال نقول إننا لا نريد ان يكون لبنان ساحةً لحروب الآخرين على أرضِه. لذلك فإننا نتحمَّلُ مسؤوليةً كبرى في الدفاع عن كينونته وسلامته ووحدته، وفي منع التعرُّض لحرية العمل السياسي والوطني بالاضطهاد أو الإقصاء أو الاغتيال المادي أو المعنوي. لا يقبلُ شعبُنا البقاءَ تحت وطأة الظروف الاستثنائية، ظروفِ الاحتلال أو الاستتباع أو الاغتيالات والأحداث الأمنية. آنَ لكلِّ الجهاتِ الإقليمية والدولية التي تستخدم الاغتيالَ وسيلةً للإرعاب والإخضاع أو الإقصاء، أن تدرك، إصرارَ اللبنانيين على الحرية، وإباءَهم على الإخضاع، وانتصارَهُم على الحساسيات الطائفية والمذهبية المصطَنَعة أو المستَغَلَّة". وكرر السنيورة قسم جبران تويني"الباقي على الزمان بقاءَ لبنان: نقسم بالله العظيم، مسلمين ومسيحيين، أن نبقى موحدين، إلى ابد الآبدين، دفاعاً عن لبنان العظيم". وحيا الشهيد تويني وشهداء لبنان، شهداءِ الاستقلال والحرية". وخاطب اللبنانيين في الداخل والمهجر بالقول:"نعرف أنكم تتابعوننا تراقبوننا تخافون علينا، لكني أود ان اقول لكم ان لبنان بلد قوي، قوي بشعبه وبإيمانه كونوا أكيدين، اننا سنخرج من هذه الأزمة، من هذه الشدة، قلت وسأردد الآن، لا طلاق بين اللبنانيين، يدنا مبسوطة للجميع من اجل التلاقي، لن نوصد الأبواب، بل سنعمل على فتحها الى الآفاق الرحبة وكما وقفنا في وجه محنة الاجتياح الاسرائيلي موحدين ندافع عن بلدنا سنقف في وجه هذه المحنة ندافع عن قيمنا ونظامنا الديموقراطي ووفاقنا الوطني نفتح قلوبنا للجميع استناداً الى الثوابت الوطنية والقومية والديموقراطية وهدفنا الأعلى والباقي حفظ الوحدة والتماسك والثقة بلبنان وشعبه ومستقبله". وحيا السنيورة"كلّ اللبنانيين الثابتين على عهد الحرية والاستقلال والنظام الديموقراطي". كما حيا بيروت"منارة الثقافة والحرية، والتي تستقبلُ اليومَ ضيوفَ غسان وجبران والنهار"، مكرراً ثلاث مرات ان لبنان"سيبقى وسينتصر". جائزة جبران تويني وأعلن الرئيس السابق لاتحاد الصحف العالمية روجير بارسكون عن تسليم جائزة جبران تويني الدولية السنوية الأولى للصحافية اليمنية ناديا السقاف وهي أول امرأة تم تعيينها رئيسة للتحرير وتدافع عن سياسة والدها عبد العزيز السقاف وتعمل من اجل تحديث الصحافة في اليمن وتعزيز مواقع النساء فيها.