صوتت الولاياتالمتحدة أمس، في الانتخابات النصفية الأكثر سخونة منذ 1994 للتجديد لمجلس النواب واختيار نحو نصف أعضاء الكونغرس. وسجل إقبال كثيف على الاقتراع من أنصار الحزبين وسط مخاوف من مواجهة عراقيل فنية قد تؤخر النتائج حتى صباح اليوم، وفي ضوء تحذيرات من الفريقين لناخبيهم بتجاهل"الحرب النفسية"واستطلاعات الرأي الأولية في بعض الولايات. وميز هذه الدورة الانتخابية إقبال كثيف ومبكر على صناديق الاقتراع وخصوصاً في الولايات الحاسمة مثل فيرجينيا وتينيسي وأوهايو. ويفيد هذا الأمر الحزب الديموقراطي المعارض الذي برر خسارته في السنوات ال12 الماضية بعدم قدرته على رص قاعدته وحشد ناخبيه يوم التصويت. واستخدم الديموقراطيون قضايا الحرب في العراق وضرورة التغيير للتأثير في ناخبيهم. وفي غالبية الانتخابات النصفية، يمكن اعتبار الفوز ب 14 مقعداً في مجلس النواب وخمسة في مجلس الشيوخ إنجازاً موفقاً. لكن في انتخابات العام 2006 سيعني ذلك بالنسبة إلى الديموقراطيين أن مقعداً خجولاً واحداً يحدد السيطرة على مجلس النواب أو الشيوخ. ويختار الناخبون أعضاء مجلس النواب ال 435. وعلى الديموقراطيين الفوز ب 15 مقعداً اضافياً عن المقاعد ال 203 التي يملكونها حالياً. وللفوز بالغالبية في مجلس الشيوخ، حيث سيتم اختيار ثلث الأعضاء 33 سناتوراً، على الديموقراطيين الفوز بستة مقاعد إضافية. ولأسباب عدة، زادت توقعات الديموقراطيين في الفوز. وهم يأملون في السيطرة على مجلس النواب وبفارق كبير، وربما على مجلس الشيوخ أيضاً. لكن استطلاعات الرأي التي سبقت الانتخابات أظهرت تراجعاً في التفاؤل بحظوظ الديموقراطيين. ويرى مراقبون أن الديموقراطيين في طريقهم إلى استعادة السيطرة على مجلس النواب للمرة الأولى منذ العام 1994، ولكنهم لا يرجحون نجاحهم في استعادة مجلس الشيوخ. ومن المحتمل أن يرجئ التقارب بين المتنافسين وخصوصاً بالنسبة إلى مجلس الشيوخ، من إعلان النتائج النهائية حتى صباح اليوم أو حتى أبعد من ذلك، في حال توقفت النتائج النهائية على أصوات بعض الأصوات خارج البلاد. وأظهرت المؤشرات أن الحزب الجمهوري بزعامة الرئيس الأميركي جورج بوش يمكن أن يحتفظ بالغالبية في مجلس الشيوخ حتى في حال التعادل مناصفة في أعداد الأعضاء الديموقراطيين والجمهوريين، بسبب صوت نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني المرجح. صوت تشيني وتنص المادة الأولى من الدستور الأميركي على أن"نائب رئيس الولاياتالمتحدة يرأس مجلس الشيوخ لكن لا يشارك في التصويت إلا في حال التعادل". ما يعني أن نائب الرئيس يصوت في حال كان من الضروري الفصل بين أعضاء مجلس الشيوخ. حرب نفسية وحذر الحزبان من الحرب النفسية التي تعتمد على الاستطلاعات الأولية للنتائج وخصوصاً في الولاياتالشرقية نظراً إلى عامل الوقت وتأثيرها على الناخبين في ولايات الوسط والغرب. وأشار الحزب الجمهوري في بيان رسمي إلى أن الاستطلاعات الأولية غير دقيقة وأثبتت فشلها في السنوات الست الماضية. ونشرت وزارة العدل الأميركية 850 مراقباً في 22 ولاية لمنع التأثير على الناخبين أو وقوع اضطرابات خلال عمليات الاقتراع الإلكترونية. كلينتون يسوق هيلاري وعشية الانتخابات، شارك الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون في الدعاية الانتخابية لاثنين من المرشحين الديموقراطيين، وخصوصاً لزوجته هيلاري التي تسعى إلى استعادة مقعدها في مجلس الشيوخ عن ولاية نيويورك. وفي وقت شكل كلينتون الذي لا يزال يتمتع بشعبية كبيرة دعماً قوياً للديموقراطيين، جاءت الانتخابات بعد يومين من النطق بحكم إعدام صدام حسين وبرزان التكريتي، الأمر الذي يمكن أن يمثل زخماً للجمهوريين. وتبدو حظوظ المرشحين عن الحزب الديموقراطي لمقاعد في الكونغرس مرتفعة في إطاحة الجمهوريين في عقر دارهم، لا سيما في ولايات نيويورك وأوهايو وماساتشوستس. وتعد هذه الانتخابات الأكثر كلفة في تاريخ الولاياتالمتحدة، ويتوقع أن تصل الاتفاقات عليها إلى 2.6 بليون دولار، ذهب معظمها على الحملات الإعلانية التلفزيونية. جمهوريون يبتعدون عن بوش وتعرضت محاولة اللحظة الأخيرة التي قام بها الرئيس بوش لمساندة مرشحي حزبه لعثرة محرجة حين تغيب المرشح الجمهوري في ولاية فلوريدا عن حضور الخطاب الذي يلقيه بوش لمساندته وسط استياء واضح من البيت الأبيض. ونأى بعض المرشحين الجمهوريين بأنفسهم عن بوش خوفاً من سياسته في العراق وتراجع شعبيته التي تدنت إلى أقل من 40 في المئة. وكان المثل الأكثر إحراجاً تشارلي كريست الذي يخوض الانتخابات ليحل محل جيب بوش شقيق الرئيس كحاكم لولاية فلوريدا. وعلى رغم أن بوش لم يشر إلى غياب كريست في خطابه، لكن كارل روف المستشار السياسي للبيت الأبيض بدا مستاء.وتحالف كريست مع السناتور جون ماكين الجمهوري الذي يطمح إلى الرئاسة في انتخابات العام 2008. وإذا كان الديموقراطيون مرشحين لانتزاع الهيمنة من الجمهوريين على مجلس النواب وربما مجلس الشيوخ أيضاً، رفض بوش هذا الاحتمال. وقال في خطابه في دالاس:"سننهي السباق بقوة لأن موقفنا من القضايا سليم". ومن دون أن يذكرها بالاسم، أشار بوش إلى النائبة الديموقراطية نانسي بيلوسي التي ستصبح رئيسة لمجلس النواب في حال فوز الديموقراطيين في انتخابات الكونغرس قائلاً:"السيدة التي تعتقد بأنها ستصبح رئيسة، لن تصبح كذلك". وتعهدت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس العمل"بطريقة متوازنة"مع الحزبين إذا ما فاز الديموقراطيون في الكونغرس.