حذر مسؤولون في الحكومة الأميركية والقطاع الخاص من أن المتاجرة بالسلع المزيفة، وتحديداً تدفق الأدوية المزيفة إلى الأسواق، تهدد الأمن والنمو الاقتصادي والسلامة العامة في العالم. وقال المسؤول في مكتب تطبيق قوانين الهجرة والجمارك في نيويورك سالفاتور ديليساندرو:"إن المتاجرة بالسلع المزيفة التي يطلق عليها رسمياً اسم"قرصنة الملكية الفكرية"، تؤثر سلباً على مجتمعنا من خلال خسارة الأرباح وفقدان الوظائف والإيرادات، كما تشكل خطراً على المجتمع وتهدد سلامة المستهلك من خلال بيع منتجات غير مأمونة ووجود منظمات إجرامية مسؤولة عن بيع هذه المنتجات وتوزيعها". وبدأت القرصنة المعاصرة تتجاوز السلع العادية مثل الحقائب اليدوية لمصممين عالميين، والأحذية ذات العلامات التجارية المعروفة، إلى الأدوية، وبطاريات الهاتف الخليوي وقطع غيار السيارات، وأجهزة الكومبيوتر، والتي تشكل تهديداً خطيراً على صحة المشترين وسلامتهم. وأشار ديليساندرو، في ندوة نظمتها غرفة التجارة الأميركية في 14 تشرين الثاني نوفمبر الجاري حول مشكلة السلع المزيفة، إلى أن"حجم تجارة السلع المزيفة تقدر ب 500 بليون دولار على مستوى العالم و300 بليون دولار في الولاياتالمتحدة سنوياً". وقال نائب رئيس الأمن العالمي لشركة"فايزر"للأدوية جون ثيرياولت، والذي تعتبر شركته أكبر منتجة للأدوية في العالم، إن"تكلفة التزييف تذهب إلى أبعد من التكاليف النقدية"، مؤكداً أن"أول مشكلة تمثلها العقاقير المزيفة هي تهديدها الخطير صحة وسلامة المريض". وشرح ثيرياولت أن الأدوية التي زيفت أكثر من غيرها في البداية كانت دواء العجز الجنسي"فياغرا"وأدوية الملاريا، إلا أنه يجرى حالياً تزييف العقاقير الأخرى مثل أدوية السرطان والقلب ومنتجات خفض الكوليسترول، والأمصال المضادة للأنفلونزا ووسائل منع الحمل". ويلفت ثيرياولت إلى"أن المشكلة لا تنحصر في شركة"فايزر"للأدوية فحسب، بل إنها مشكلة تطاول كل شركة أدوية أخلاقية مشروعة تقوم على البحث"، مشيراً إلى"خطورة الوضع بعد أن أنشأت شركة"فايزر"وحدة أمنية خاصة بها للبدء بتتبع وتوثيق نطاق المشكلة". وقال ثيرياولت إن تزوير الدواء هو"صناعة ظل"نمت بفضل وجود أموال طائلة ضالعة في هذه التجارة. وأكد"عثور الشركة على أنواع مزيفة من الأدوية التي تصنعها شركة"فايزر"في 65 بلداً." وتقدر"منظمة الصحة العالمية"حجم مبيعات الأدوية المزيفة بين 35 بليوناً و40 بليون دولار سنوياً. وتقدر إدارة الأغذية والعقاقير الأميركية أن العقاقير المزيفة تشكل 10 في المئة من سوق الأدوية العالمية لاسيما في الدول الصناعية والنامية، حيث تشكل الأدوية المزيفة 25 في المئة من حجم العقاقير المستهلكة في البلدان الفقيرة. وضبط في عام 2004 حوالى 10.5 مليون وحدة من منتجات"فايزر"المزيفة عالمياً، وتتوقع الشركة ضبط حوالى 10 ملايين وحدة هذا العام. خطر شديد يهدد حياة المرضى وتتراوح المشكلة من الأدوية التي تحتوي على المكونات الصيدلية النشيطة ذاتها، ولكنها أنتجت في ظروف غير منظمة، إلى تلك التي تحتوي على مكونات قاتلة. وتنتج كميات منها بواسطة عصابات إجرامية باستخدام أجهزة متطورة قادرة على استنساخ نسخة مطابقة للنسخة الأصلية للتغليف. وأضاف ثيرياولت أن"المشكلة تفاقمت بسبب الإنترنت، إذ أن السرية والقدرة الهائلة على الاتصال التي يتيحها الإنترنت تمثل وصفة لحدوث كارثة عندما يتعلق الأمر بالأدوية". وقال:"تلقينا تقارير تفيد بوجود منتجات مزيفة تحتوي على مستويات عالية من المعادن الثقيلة، والزرنيخ، والنيكل". وأشار إلى أن المسؤولين الكنديين يحققون في مقتل خمسة أشخاص يحتمل أن تكون وفاتهم نتجت عن تناول عقاقير مزيفة مثل عقار"نورفاسك"مزيف، المخفف لضغط الدم. وقال ثيرياولت إن استراتيجية شركة"فايزر""هي محاولة إقناع الحكومات بالتعامل بصرامة مع الأشخاص الذين يتورطون في صنع وبيع السلع المزيفة. وإننا نعمل مع الوكالات التنظيمية وأجهزة تطبيق القانون المحلية"، مؤكداً"أن هذه تمثل قضية تجارية بين البلدان، وأنها مسألة تهم البلدان النامية بقدر ما تهم الأسواق الناضجة". واعتبر أن"للقطاع الخاص مصلحة كبيرة في ذلك، لكنه لا يستطيع حل المشكلة بمفرده". وأشار إلى أن"الاعتقالات تدل على أننا نحرز تقدماً، وأن الحكومة بدأت تتعامل مع هذه المشكلة بشيء من الجدية. ففي عام 2004، اعتقلت 369 شخصاً تقريباً، والعدد نفسه في 2005. كما اعتقل أكثر من 400 في شتى أنحاء العالم منذ بداية هذه السنة". وتعتبر الصين والهند على أنهما تمثلان المركز الرئيس لتجارة الأدوية المزيفة. لكن أكبر عملية تزوير حدثت في الولاياتالمتحدة عام 2003 عندما سُحب أكثر من 18 مليون قرص من دواء"ليبيتور"لخفض الكولسترول، وهو أكثر الأدوية مبيعاً في العالم، من السوق الأميركية. وأفاد ثيرياولت بأن هذه الأقراص أنتجت في كوستاريكا.