الفترة المسائية"معا... لأجل حريتنا"التي خصصها تلفزيون"المستقبل"أول من أمس لأهل الأشرفية في بيروت، معلناً تضامنه وتضامن اللبنانيين معهم، كانت خير دليل على أن الشاشة الصغيرة يمكنها أن تكون منبراً للحوار والتلاقي وإلغاء الخلاف بين أبناء الوطن الواحد. صحيح أن التلفزيون المعاصر لا سيما التلفزيون الفضائي، أصبح فسحة لتأجيج الخلاف ونشر الأخبار الخاطئة والملفّقة أحياناً كما يشير المفكر الفرنسي بيار بورديو، لكن تلفزيون"المستقبل"خطا خطوة مهمة على مستوى علاقته بالحقيقة أولاً ثم على مستوى ترسيخ هذه الحقيقة عبر شهادات حيّة ومباشرة. هكذا أطل كثيرون من اللبنانيين ومن طوائف وطبقات وفئات مختلفة وأبدوا رأيهم بحرية، مدافعين بحماسة عن أهلهم في الأشرفية وما تعرّضوا له من حملة مدبّرة قام بها بعض الذين اندسّوا في صفوف المتظاهرين أمام سفارة الدنمارك احتجاجاً على الرسوم الكاريكاتورية الشنيعة. بدا اللبنانيون، مواطنين عاديين أم مثقفين وسياسيين، كأنهم عاشوا هذه التجربة مع أهل الأشرفية. وعلّقوا على الأحداث بجرأة ونددوا بالمندسين الذين قاموا بها محرّفين هدف التظاهرة. وبدا أيضاً جميلاً مشهد التقاء هؤلاء اللبنانيين في شاشة واحدة وفي مشهد وطني واحد، بعيد كل البعد عن الفولكلور اللبناني الذي طالما اعتاده المشاهدون. اللقاءات والحوارات والشهادات كانت مختصرة ومعبّرة، وجاءت الكلمات مؤثرة وحافلة بالمشاعر الحقيقية التي أحسها هؤلاء اللبنانيون إزاء الحملة المغرضة والأحداث التي نددت بها دار الفتوى في بيروت وكل المرجعيات الإسلامية. ومثلما نقلت الشاشات الصغيرة وقائع تلك الأحداث المؤلمة وأظهرت الحقد الذي يعرو وجوه الذين قاموا بأعمال الحرق والتكسير والسرقة، نقلت شاشة"المستقبل"الناحية الأخرى للبنانيين الذين يرفضون النزاع الطائفي والنعرات المذهبية ويدعون الى الوفاق والوحدة والتآلف، مؤكدين ان من المستحيل العودة الى جوّ الحرب. وأظهرت الساعات التلفزيونية التي طلع بها تلفزيون"المستقبل"ان هذا"القطوع"فات لبنان وأن الوطن سيظل واحداً على رغم كل الاشاعات السيئة والنيات العدائية المبيّتة لدى الأقلية القليلة التي لا تريد للبنان ان ينهض من محنته. ما أجمل الشاشة الصغيرة عندما تكون فسحة للأمل والأمل الكبير.