تقص أمية حمدان القيسي في نصوصها"ثمة ما يبقى وثمة ما يزول"2006، دار نلسن، بيروت - السويد، 111 صفحة من القطع الوسط، لوحة الغلاف: عمران القيسي، الرسوم الداخلية: أحمد عبدالعال سيرتها النفسية على صورة يوميات ما بين 1981 و2005، أي قرابة ربع قرن من هيجان وتوهج في أسلوب شعري وشكل نوراني، أما محتوى النصوص فأنين عبر أقبية الذاكرة. تتحدث أميمة حمدان القيسي عن حلم يشارف حدّ الرؤيا ويكشف عن الجوهر ويحدد ملامح الحركة الداخلية، مختزلاً إياها بخطوط بسيطة وواضحة، فيسقط الحلم المسافة بين الظاهر والباطن، فيوحد أبجدية العالم ويخترق التراب ليصل الى عروق الأرض، فيصورها ثم يغيب من حيث أتى، نبضاً أثيري الوجود. الحلم في عرف الكتابة مسألة جدية وإن بزغت من أعماق الوعي الباطن. وأميمة حمدان القيسي لا تبارح الحلم ولو في الواقع الصلد، فهي حين تهدأ نفسها الى زاوية دافئة في منزل وسط المدينة الهاربة من حقيقتها، مدينة زئبقية، وتطمئن الى طاولتها في تلك الزاوية الدافئة، تسرّح الكاتبة نظرها عبر النافذة المؤطرة بالعريش الأخضر فتبحث من خلال الخضرة عن بقية حلم أو عن بداية حلم يغسل عينيها بالنور فيفيض اللون وتتزاوج الألوان. نصوص أميمة لوحات نفسية في تجلياتها. عين الكاتبة أبداً على اللامرئي. في 5 / 9 / 2003 تلاحظ ان الستائر المتدلية من شرفات الأبنية المقابلة في الشقة التي تسكنها تتحرك بفعل الهواء، فتقرر ان اللامرئي يحرك المرئي، فتتساءل: من أين تأتي الريح؟ وكيف تهب؟ أهي الحقول المغناطيسية تنظم المسار عبر الفوضى المباغتة لتزرع فيها اليقظة؟ على هذا النحو تخلع أميمة حمدان القيسي على الطبيعة بُعداً ميتافيزيقياً يردّ الى الكثرة وحدة تآلف ووجود، فالثابت عندها تكثيف للحركة ونقطة ارتكاز للرغبة في تحفّزها للانطلاق نحو الدفء. الكاتبة تحاور اللغة من باب ان الكلمات هي التي تحيل الظلام الى نور، أما الحياة ففي حنجرة طائر غرّد يوقظ الضجر. من جديد تردّنا أميمة حمدان القيسي الى أجواء تتلمس الأمل على رغم عتمة دامسة تحوط بها، فالنفق له نهاية، والضوء أبداً قائم في ثنايا نصوصها الأثيرية.