أنهى الجيش اللبناني المرحلة الأخيرة من عملية الانتشار في القرى الجنوبية أمس، باستثناء القسم اللبناني من قرية الغجر الذي ما زال تحت الاحتلال الإسرائيلي. ووصل قائد الجيش العماد ميشال سليمان إلى منطقة صور أمس، على متن طوافة عسكرية تابعة للجيش اللبناني حطت بالقرب من ميناء الناقورة، ومن هناك انطلق والوفد المرافق من كبار الضباط إلى اللبونة. ورفع سليمان لدى وصوله إلى البلدة العلم اللبناني في حضور كبار الضباط ووحدات اللواء السادس، وخاطب أفراد الجيش قائلا:"اعلموا أن الحفاظ على شرف المهمة المنوطة بكم ونجاحها هما رهن حسن ادائكم وتنفيذكم الحازم والكامل لها"، وقال:"اسهروا على إعلاء كلمة القانون وردع كل من تسول له نفسه العبث بمسيرة الأمن والاستقرار". ثم أزاح سليمان الستار عن لوحة رخامية كتب عليها:"الجيش اللبناني- اللواء السادس- مركز اللبونة- هنا يد التاريخ ترفع علم لبنان افتخاراً بالنصر وإشعاراً بانسحاب العدو المحتل وإقراراً باحتضان الجيش لكل أهله وأرضه واعتزازاً بالمكان الذي باشر فيه العماد ميشال سليمان أولى خطواته في مسيرة تضحياته". وتلا سليمان نشرة عممتها قيادة الجيش- مديرية التوجيه على العسكريين، وفيها: 1- الجيش ينفذ قرار السلطة السياسية: بعدما أقدم العدو الإسرائيلي على شن حرب واسعة النطاق ضد لبنان، وإزاء صلابة موقف الدولة بحكومتها ومؤسساتها، إلى جانب صمود الشعب اللبناني وتضحياته، حصلت تطورات عدة على المشهد اللبناني، أبرزها: اقتناع العدو باستحالة تحقيق أهدافه بواسطة القوة العسكرية، واقتناع دول القرار أيضا بأن لا حل للأزمة إلا عبر المفاوضات والأخذ بمذكرة البنود السبعة التي أقرتها الحكومة اللبنانية وأصرت على تبنيها. وجوهر المذكرة يتعلق بانتشار الجيش في الجنوب للاضطلاع بواجباته الدفاعية والأمنية والإنمائية، بمؤازرة من قوى الأممالمتحدة التي نص على وجودها وعلى مهماتها القرار 1701، بعدما أبدى المجتمع الدولي رغبة قوية في مساندة لبنان، بحيث ستعمل هذه القوى بتعاون وتنسيق كاملين مع وحدات الجيش المنتشرة أثناء تنفيذ مختلف المهمات الموكلة إليها، وتبقى المسؤولية الأولى على عاتق الجيش في تحقيق الأهداف الوطنية المنشودة. 2- قدرة الجيش تتجسد صموداً ووحدة وطنية على رغم عدم التكافؤ في موازين القوى بين الجيش اللبناني وجيش العدو الإسرائيلي، كان الجيش في ساحة المواجهة يعكس صورة الوطن، اذ قامت وحداته في أماكن انتشارها بأداء دورها الدفاعي بكل الامكانات والوسائل المتوافرة، من خلال التصدي للطائرات المعادية واحباط العديد من محاولات الانزال والتسلل. كما استمرت في أداء مهماتها الامنية والانمائية على مساحة الوطن، متأهبة لوأد أي فتنة داخلية وقطع اليد التي تحاول العبث بالأمن والاستقرار. الى جانب ذلك، وضعت قيادة الجيش في الحسبان مختلف النتائج والاحتمالات التي ستؤول اليها الحرب، بحيث قامت بوضع خطة عملانية تتضمن نشر زهاء 15 ألف عسكري في الجنوب، وبادرت الى الطلب من الحكومة تعزيز قدرات الجيش الدفاعية لتمكينه من القيام بمهماته الوطنية، فكان الوعد بتأمين حاجاته من الاسلحة والعتاد، كالصواريخ على اختلافها وطوافات القتال والزوارق الحربية، اضافة الى وسائل وأجهزة الرصد المتطورة لمراقبة الحدود الجنوبية والمعابر البرية والبحرية لمنع الاعتداءات والتهريب والاسلحة والممنوعات. وتلبية لنداء الواجب، التحق بالجيش عسكريون متقاعدون في الاحتياط ومجندون سابقون وحاليون. 3- بسط سلطة الدولة والحفاظ على شرف المهمة ان كرامتكم الوطنية جعلتكم تلبون نداء الواجب، فانتشرتم في ارض الجنوب الطيبة خلال مهلة قصيرة، تجاوزتم فيها المراهنين على قدراتكم، وحزتم على تقدير مواطنيكم وثقتهم، ملتزمين قرار الحكومة، لتبرهنوا ان لا شيء مستحيلاً. ان وجودكم اليوم على ثغور الوطن وانتم توجهون بوصلة التضحيات مجدداً الى الجنوب، لتولي مهمات الدفاع عنه ورفع المعاناة عن أهله، انما يشكل جسور عودة المواطنين الى قراهم وبلداتهم، وجسور التواصل بين هذه البقعة العزيزة وبين أطراف الوطن. لقد أثبتم أيضاً قدرتكم على منع التهريب براً وبحراً بصورة قاطعة لا تقبل التأويل، مما أدى الى تجسيد حضور الدولة القادرة السيدة المستقلة، وبسط سلطتها القوية التي يعززها حفاظكم على قيم الجيش اللبناني العريقة، المتمثلة باحترام الديموقراطية والحريات العامة وحقوق الإنسان، ومناهضة الارهاب والتعصب بأشكالهما كافة. اعلموا أن الحفاظ على شرف المهمة المنوطة بكم ونجاحها، هما رهن بحسن أدائكم وتنفيذكم الحازم والكامل لها. لذا، ادعوكم الى التصدي للاعتداءات والخروق الاسرائيلية بالمتوافر حالياً من إمكانات على قلتها، ريثما يتحقق ما وعدت به الحكومة من تعزيزات بأسلحة وأعتدة تتناسب وارادة القتال لديكم، فاسهروا على اعلاء كلمة القانون، وردع كل من تسول له نفسه العبث بمسيرة الأمن والاستقرار، وبذل كل المستطاع في سبيل خدمة مواطنيكم، واعملوا بكل وعي وتجرد واستعداد دائم للبذل والتضحية، لتكسبوا ثقة الشعب ورهانه عليكم من جديد. ومن أولى وأجدر منكم بتلبية نداء الوطن والتزام الواجب والوفاء للقسم". ومنذ صباح أمس، انتشرت وحدات من اللواءين العاشر والحادي عشر في بلدات كفركلا، بليدا، عديسة، مارون الراس، حولا ومركبا الحدودية في القطاع الأوسط. وقابل الأهالي دخول الجيش بنثر الرز والورود. وتقدمت ملالة للجيش الى محيط بوابة فاطمة عند المدخل الشمالي لبلدة كفركلا وأقامت نقطة مراقبة في المنطقة، فيما اتجهت قوة اخرى الى تلة الحمامص عند الأطراف الجنوبية لبلدة الخيام وأقامت نقطة مراقبة عليها بعدما تم رفع العلم اللبناني في المنطقة. وفي منطقة العباد عند الاطراف الشرقية لبلدة حولا، استطلعت قوة للجيش المنطقة المحاذية للموقع الاسرائيلي، اضافة الى موقع للكتيبة الهندية العاملة في اطار قوات"يونيفيل". وأجرى ضابط وجنود من الجيش تفتيشاً لأحد المنازل المهجورة يقع على تلة بين بلدتي حولا ومركبا، وكان جنود الاحتلال اتخذوه موقعاً لهم إبان العدوان على الجنوب وعمدوا الى تخريبه. وانتشرت صباحاً وحدة من اللواء السادس، مؤلفة من 8 آليات، في بلدة مروحين. وعلى خط الانتشار الدولي، تمركزت وحدة من الكتيبة الفرنسية العاملة في اطار"يونيفيل"في سهل مارون الراس وفي منطقة برانيت في بلدة رميش. وسيرت الكتيبة الاسبانية دوريات روتينية في بلدات العديسة، كفركلا، رب الثلاثين، مركبا وحولا، اضافة الى اقامة حواجز ونقاط مراقبة موقتة في ساحة بلدة عديسة وعند تقاطع تل النحاس- الوزاني ومرجعيون. وصول الروس من جهة ثانية، وصلت أمس، أولى الطائرات العسكرية الروسية محملة معدات وآليات هندسية خاصة ببناء الجسور، كما وصلت طائرة عسكرية روسية أخرى تنقل فريقا من الضباط وأفراد القوات الهندسية المولجة عملية إعادة بناء الجسور المتفق عليها، حسبما أفاد بيان صادر عن المكتب الإعلامي لسفارة الاتحاد الروسي. ونقلت وكالة"رويترز"عن وزير الدفاع الإندونيسي جوونو سودارسونو أن قوات"يونيفيل"قد تمد مهمة الأمن المنوطة بها لتشمل نزع سلاح"حزب الله"وعناصر إسرائيلية اذا رأت أن ذلك مبرر. وأضاف:"الأمر في مكان ما بين الفصل السادس المعني بحفظ السلام والفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة المعني بفرض الأمن. انهم سيخولون بفرض ما يرونه مناسباً بما في ذلك نزع سلاح كل العناصر المسلحة".