عادة ما يحدد الشأنان الاقتصادي والضريبي توجهات الاميركيين في الانتخابات التشريعية، لكن المقترعين الذين سيختارون بعد 10 ايام نصف اعضاء مجلسي النواب والشيوخ، يأخذون في اعتبارهم هذه المرة قضايا سياسية خارجية ابرزها الحربان في العراق وافغانستان. ويتوقع ان تكون الانتخابات استفتاء على اداء الرئيس جورج بوش في كلا البلدين، كما لن تكون نتيجته افضل من النتائج التي حققها فيهما. وتتصدر الحرب على العراق، في ظل التعثر الأمني وارتفاع عدد القتلى في صفوف القوات الأميركية هناك، أولويات الناخب في هذه الدورة، بحسب استطلاع"مركز زغبي الدولي"الأخير. وألحقت وتيرة الأنباء السيئة الواردة من العراق الضرر الأكبر بشعبية الحزب الجمهوري وأوصلتها الى 33 في المئة مقابل 44 في المئة للديموقراطيين الذين يحتاجون الى 15 مقعدا في مجلس النواب و6 مقاعد في مجلس الشيوخ لإحراز الأكثرية في الكونغرس التي خسروها في 1994. ويهدد هذا السيناريو مواقع نواب جمهوريين بارزين في مجلس الشيوخ وقريبين من بوش، مثل ريك سانتوروم بنسلفانيا وجورج آلن فيرجينيا وبوب كوركر تينيسي ومايكل ديواين أوهايو، وكلها ولايات فاز بها بوش العام 2004. ويعتمد الديموقراطيون في حملتهم أساسا على انتقاد بوش الذي تهاوت شعبيته الى 39 في المئة، ومهاجمة النواب المؤيدين للحرب أو تطويع مرشحين خدموا برتب عالية في الجيش الأميركي، انما من دون أن تكون لهم استراتيجية واضحة لإنهاء المهمة أو ايجاد مخرج من الأزمة. واستنتج الخبراء أن يوم الاقتراع سيكون أشبه باستفتاء على أداء بوش وليس تنافسا بين استراتيجيتين. وشبه هؤلاء هذه الدورة بتجربة الجمهوريين العام 1994 في عهد الرئيس الديموقراطي بيل كلينتون، حين انتزعوا الغالبية في الكونغرس للمرة الاولى منذ 1953 بعد التركيز على انتقاد كلينتون. ورغم محاولات الجمهوريين المتكررة لتغيير الخطاب السياسي الانتخابي والتركيز على أسعار النفط المنخفضة نسبيا والأرقام الاقتصادية المشجعة التي حققتها، بحسب الجمهوريين، سياسة خفض الضرائب، يخيم شبح الحرب على الوسط الانتخابي كما خيمت فضيحة"ووترغيت"أيام الرئيس الراحل ريتشارد نيكسون على انتخابات 1974 والتي خسرها الجمهوريون. وأعطت استطلاعات الرأي تقدما كبيرا للديموقراطيين 15 نقطة وغير مسبوق منذ عقدين، وأجمع خبراء أبرزهم تشارلي كوك على أرجحية فوز المعارضة بمجلس النواب وسحب ما بين 15 و30 مقعداً من ايدي الجمهوريين. ويعني مثل هذا السيناريو تحولا جذرياً في الخط السياسي للكونغرس وهيكلية لجانه وموازنته، كما يهيئ لاطلاق تحقيقات وعقد جلسات استماع متتالية حول ممارسات البيت الأبيض واحتمالات اعادة فتح ملفات أسلحة الدمار الشامل أو اعصار"كاترينا"أو انسحاب محتمل من العراق أو الفساد الاداري. وتعهدت رئيسة الأقلية الديموقراطية نانسي بلوزي، التي يحتمل أن تترأس المجلس في حال فوز حزبها، عدم اتخاذ اجراءات لمناقشة عزل بوش من منصبه. ويسعى الحزبان في الأيام الأخيرة من السباق الى ضخ المزيد من الأموال على الحملات لتضاف الى 2.7 بليون دولار التي صرفت حتى الآن، كما يحاولان التركيز على قاعدتهما لحشد أكبر عدد ممكن من الناخبين في 7 تشرين الثاني نوفمبر. وتتألف القاعدة الجمهورية من المجموعات الانغليكانية المحافظة في ولايات الجنوب والوسط والتي أوصلت بوش للرئاسة في 2004، فيما تتألف القاعدة الديموقراطية من الخط اليساري الليبرالي المعارض بشدة لسياسة بوش. وأبدى الانغليكانيون أخيرا تحفظات حيال الحزب الجمهوري وخصوصا بعد فضيحة النائب السابق مارك فولي وتحرشه جنسيا بمتدربين مراهقين في الكونغرس، واظهر استطلاع جديد للرأي اجراه مركز ابحاث"بيو"ان 58 في المئة من البروتستانت الانغليكانيين البيض الذين شملهم المسح يشعرون بأن الولاياتالمتحدة اتخذت القرار الصحيح باستخدام القوة في العراق لاطاحة صدام حسين وهو ما يقل عن نسبة 71 في المئة في استطلاع سابق أجري في ايلول سبتمبر الماضي.