تواجه الولاياتالمتحدة معضلة في شأن كيفية التعامل مع كوريا الشمالية التي يبدو أنها أصبحت تملك أسلحة نووية قادرة على بيعها إلى آخرين، في وقت لا تملك واشنطن خيارات عسكرية كبيرة. وتأكيد إجراء بيونغيانغ تجربة على سلاح نووي سيزيل أي شك متبق في أن هذه الدولة الستالينية التي يصعب التكهن بتصرفاتها، طورت أسلحة نووية وامتلكت ما يطمح خصوم الولاياتالمتحدة الآخرين الى امتلاكه. ورداً على التجربة الكورية الشمالية، أعلن رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي أن الولاياتالمتحدةواليابان ستعززان التعاون في مجال أنظمة الدفاع الصاروخي. وأضاف:"حفاظاً على سلامة اليابان والشعب الياباني ولتعميق علاقات الثقة القائمة على التحالف الياباني - الأميركي، ستعزز اليابان تعاونها مع الولاياتالمتحدة في مجالات من بينها الدفاع الصاروخي الياباني-الأميركي". وكانت اليابانوالولاياتالمتحدة بدأتا العمل الحثيث على إقامة درع صاروخي بعدما أطلقت كوريا الشمالية صاروخاً فوق اليابان عام 1998، وكان وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد قال الأسبوع الماضي:"اعتقد بأن الأشخاص العاقلين يجب أن يشعروا بالقلق بأن دولة تنشر الأسلحة قد تنشر أسلحة من هذا النوع". الخيار العسكري ولمح المبعوث الأميركي كريستوفر هيل إلى أن كوريا الشمالية تفكر في عمل عسكري. وقال:"لن نعيش مع كوريا شمالية نووية. ولن نقبلها". وقال رامسفيلد إن شن عمل عسكري هو قرار يعود إلى الرئيس الأميركي جورج بوش. لكن خبراء أميركيين يرون أن الولاياتالمتحدة في موقف ضعيف حين يتعلق الأمر بالخيارات العسكرية. وتنتشر غواصات وسفن حربية أميركية في المحيط الهادئ فيما تتمركز قاذفات"بي-52"في قاعدة غوام ويمكن أن تطلق صواريخ كروز في عمق كوريا الشمالية في اللحظة التي يأمر فيها بوش بذلك. ويتمركز نحو 28 ألف جندي أميركي في كوريا الجنوبية إلى جانب قوة من 670 ألف جندي كوري جنوبي. وتملك كوريا الشمالية جيشاً من 1.2 مليون عسكري ولديها أسلحة كيماوية ونحو 11 ألف قطعة مدفعية يمكن أن تمطر بالموت والدمار كوريا الجنوبية حليفة الولاياتالمتحدة. كما تملك كوريا الشمالية ترسانة من الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى التي يمكن أن تكون مزودة رؤوساً نووية، ما يعرض للخطر اليابان والجنود الأميركيين المقدر عددهم بنحو أربعين ألف جندي. ويؤكد روبرت اينهورن المساعد السابق لوزير الخارجية لشؤون الحد من الانتشار النووي ان"الولاياتالمتحدة تشتبه في أن لدى كوريا الشمالية برنامجاً لتخصيب اليورانيوم وكمية من البلوتونيوم تكفي لإنتاج ما بين عشرة و11 سلاحاً نووياً. لكنه قال:"ليس لدينا اي علم بمكانها". وبإمكان الولاياتالمتحدة شن غارات جوية تدمر مفاعلاً صغيراً في يونغبيون يعتقد بأنه يزود كوريا الشمالية بمادة البلوتونيوم، لكن ذلك يهدد بخطر التسبب في سحابة من الإشعاعات النووية. وذلك سيمنع كوريا الشمالية من تسريع إنتاج البلوتونيوم في المستقبل، لكنه لن يعالج قدرات بيونغيانغ على إنتاج البلوتونيوم أو أي أسلحة تمتلكها. وقد تلجأ الولاياتالمتحدة إلى فرض حصار بحري على كوريا الشمالية لمحاولة منعها من تصدير أي مواد نووية. العقوبات غير مجدية وفيما يبدو العالم أمام سبيلين لمواجهة كوريا الشمالية، إما الحرب وإما المفاوضات، قال الخبير الألماني إيبرهارد ساندشنيدر رئيس المجلس الألماني للعلاقات الخارجية إن اللجوء إلى فرض عقوبات على بيونغيانغ لن يجدي نفعاً، مضيفاً أنه يمكن نزع فتيل الأزمة من خلال فتح الولاياتالمتحدة حواراً مع النظام الكوري الشمالي من دون أي شروط مسبقة. وأوضح ساندشنيدر:"كوريا الشمالية تتبنى استراتيجية بسيطة للغاية. تريد أن تظهر للعالم أن لديها سلاحاً نووياً لمنع أي عقوبات أو ضربات من قبل الولاياتالمتحدة". واستبعد ساندشنيدر أن يكون لفرض عقوبات على كوريا الشمالية بعد التجربة النووية التي أجرتها تأثير كبير. وقال:"للعقوبات أثر سلبي وقد أظهر هذا النظام قدرته العالية على مقاومة العقوبات... من المحتمل أن تؤدي هذه العقوبات فقط إلى تدعيم نظام الحكم في كوريا الشمالية". وقال إن الأمن هو قضية ذات أهمية حيوية بالنسبة للنظام الكوري الشمالي، مشيراً إلى أن محادثات مماثلة يجب أن تتم بمبادرة من الولاياتالمتحدة التي تعتبرها كوريا الشمالية التهديد الأكبر الموجه إليها بالنظر إلى أن بيونغيانغ لا تساورها أي مخاوف من قبل"اليابان أو كوريا الجنوبية". وعما إذا كانت التجربة النووية التي أجرتها كوريا الشمالية ستدفع دولاً آسيوية لا تمتلك أسلحة نووية مثل اليابان وتايوان إلى امتلاك أسلحة مماثلة، قال ساندشنيدر:"هذا هو الخطر". وحذر الخبير الألماني من أنه بات أمام المجتمع الدولي حالياً"كثير من العمل"لمنع اندلاع سباق جديد للتسلح النووي في آسيا مماثل لذاك الناشب ما بين الهند وباكستان واللتين أجرت كل منهما تجارب نووية عام 1998.