أطلقت كوريا الشمالية صاروخاً قطع نحو 560 كيلومتراً من موقع قرب مدينة بوكتشانغ على ساحلها الغربي والتي تبعد 60 كيلومتراً من شمال شرقي العاصمة بيونغيانغ. وسقط الصاروخ خارج المنطقة الاقتصادية الحصرية لليابان من دون أن يلحق أضراراً بالسفن أو الطائرات. وقال مسؤول عسكري كوري جنوبي بعد إعلان تنفيذ التجربة: «يشبه الصاروخ نموذج بوكغوكسونغ 2 الذي تصنعه بيونغيانغ، وهو نسخة مطورة أبعد مدى من صاروخها الباليستي الذي تطلقه الغواصات»، في حين استبعدت وكالة أنباء «يونهاب» الكورية الجنوبية كون هذا الصاروخ باليستياً عابراً للقارات. ونددت وزارة الخارجية الكورية الجنوبية بإطلاق الصاروخ، وقالت في بيان منفصل إنه «عمل طائش وغير مسؤول يحطم آمال الحكومة الجديدة في تحقيق السلام»، في إشارة إلى حكومة الرئيس الليبرالي مون جيه الذي تسلم السلطة في العاشر من الشهر الجاري، وتعهد اتباع أسلوب أكثر اعتدالاً تجاه كوريا الشمالية، وقال إنه يريد الذهاب إلى بيونغيانغ في أجواء ملائمة، مشيراً الى أن الحوار يجب أن يُستخدم جنباً إلى جنب مع العقوبات. لكن مون واجه إطلاق بيونغيانغ صاروخين خلال 11 يوماً. ولا تزال الكوريتان في حال حرب فعلياً بعدما انتهى النزاع الذي نشب بينهما بين عامي 1950 و1953 بهدنة وليس اتفاق سلام. كما دعا نائب المبعوث الكوري الشمالي لدى الأممالمتحدة كيم إن ريونغ الولاياتالمتحدة الى التراجع عن «السياسة العدائية» تجاه بلاده قبل إجراء محادثات. وقال: «لمّح الأميركيون إلى حوار. لكن الأفعال هي المهمة وليس الأقوال، والتراجع عن السياسة المعادية تجاهنا شرط مسبق لحل كل المشكلات في شبه الجزيرة الكورية». وأبدت طوكيو احتجاجها الشديد لكوريا الشمالية على التجربة. وقال يوشيهيدي سوغا، كبير أمناء مجلس وزرائها: «لا نستطيع أن نغض الطرف عن مواصلة بيونغيانغ تصرفاتها الاستفزازية»، علماً أن طوكيو دعت الى اجتماع طارئ لكبار مسؤوليها الأمنيين، وهو ما فعلته سيول. جاء ذلك بعد أسبوع على اختبار بيونغيانغ صاروخاً بعيد المدى قطع مسافة 787 كيلومتراً وبلغ ارتفاع 2111.5 كيلومتراً، ورأت سيول أنه «من نوع متطور مقارنة بصواريخ موسودان التي فشل إطلاقها، ومصمم لقطع مسافة تصل بين 3 و4 آلاف كيلومتر». وأيد خبراء أن الاختبار مثل تقدماً في البرنامج الصاروخي لبيونغيانغ التي أعلن نظامها أن التجربة هدفت الى اختبار قدرة الصاروخ على حمل «رأس حربي نووي كبير الحجم وثقيل الوزن». ولاحقاً، أعلن سفير كوريا الشمالية لدى الصين أن بلاده ستواصل إجراء تجارب إطلاق الصواريخ «في أي وقت وأي مكان». وتعمل بيونغيانغ على تطوير صاروخ يستطيع حمل رؤوس نووية ويستطيع قصف البر الرئيسي للولايات المتحدة التي علّقت على التجربة الجديدة لبيونغيانغ بأنها تعلم بإطلاق الصاروخ الباليستي المتوسط المدى، والذي أكدت أن مداه أقل من الصواريخ التي أختبرت في ثلاثة تجارب أخيرة. وقال مسؤول في البيت الأبيض يرافق الرئيس الأميركي دونالد ترامب في زيارته السعودية: «التجربة الجديدة شملت نظاماً اختبر للمرة الأخيرة في شباط (فبراير) الماضي». وكان وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس قال الجمعة الماضي إن «أي حل عسكري للأزمة مع كوريا الشمالية سيكون مأسوياً على نطاق لا يصدق»، مشدداً على أن واشنطن تعمل على مستوى دولي لإيجاد حل ديبلوماسي. وأضاف: «سنواصل الاهتمام بالقضية، ونبذل الجهود للعمل مع الأممالمتحدةوالصين واليابان وكوريا الجنوبية في محاولة للتوصل الى مخرج من هذا الوضع». وفي تصريحات سابقة أدلى بها هذا الشهر، حذر الرئيس الأميركي ترامب من أن «صراعاً كبيراً جداً مع كوريا الشمالية بات محتملاً»، علماً انه أرسل في استعراض للقوة مجموعة قتالية تابعة لحاملة الطائرات «كارل فينسون» إلى مياه قبالة شبه الجزيرة الكورية للمشاركة في مناورات مع كوريا الجنوبية واليابان. وقال الأميرال هاري هاريس، قائد القوات الأميركية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ: «أفعال كوريا الشمالية غير المقبولة لا تؤكد فقط أهمية التحالف الأميركي– الياباني، بل أيضاً التعاون الثلاثي بين الولاياتالمتحدة واليابان وكوريا الجنوبية». وكان مجلس الأمن رد على التجربة الصاروخية لكوريا الشمالية الأسبوع الماضي، في بيان أيدّه كل أعضائه ال 15 وبينهم الصين الحليفة الأهم لكوريا الشمالية، بأنه «من المهم جداً أن تظهر كوريا الشمالية التزاماً صادقاً بنزع السلاح النووي عبر إجراء ملموس، وتأكيد أهمية العمل لخفض التوتر، لذا نطالبها بعدم إجراء مزيد من التجارب الصاروخية والنووية، ونحن مستعدون لفرض مزيد من العقوبات عليها». وأوضح السفير الأميركي لنزع السلاح روبرت وود: «نبحث إجراءات سياسية واقتصادية وأمنية عدة للتعامل مع الاستفزازات الكورية الشمالية التي تشكل أعمالاً خطرة في حالات كثيرة، لذا سنرفع مستوى التعامل مع الصين في ما يتعلق بهذه المسألة، لأنها مفتاح التعامل مع المسألة الكورية الشمالية التي تجري نسبة 90 في المئة من تجارتها معها، لذلك واضح أن الصين تملك ثقلاً كبيراً نريد أن تستخدمه». الى ذلك، تدرس وزارة الخزانة الأميركية الإفادة من النظام المالي العالمي من خلال برامج مكاتب إدارة الاستخبارات المالية والإرهاب ومكتب رقابة الأصول الأجنبية، من أجل كبح برامج كوريا الشمالية لتطوير أسلحة وصواريخ نووية. وناقش وزير الخزانة ستيفن منوتشين هذه النقاط مع نظرائه في اجتماع مجموعة الدول السبع الكبرى في مدينة باري الإيطالية هذا الشهر. وفرض مجلس الأمن أول عقوباته على كوريا الشمالية في 2006، ثم عززها رداً على إجرائها خمس تجارب نووية وإطلاقها صاروخين طويلي المدى، علماً أن بيونغيانغ تلوح بإجراء تجربة نووية سادسة.