تتفاوت نتائج قياسات الرأي العام في الأراضي الفلسطينية حسب متغيرات عدة، لكن غالبيتها تلتقي عند نقطة واحدة هي ارتفاع نسبة من لم يقرروا بعد لمن سيدلون بأصواتهم والتي تصل الى حوالي ربع الناخبين. وأظهر استطلاع جديد للرأي أجري قبل أسبوعين من موعد الانتخابات ان تراجعاً لافتا بنسبة 10 في المئة قد طرأ على شعبية حركة"فتح". ويرى خبراء الاستطلاعات ان نتيجة الانتخابات ستتوقف الى حد بعيد على قدرة القوى والقوائم المتنافسة على جذب الأصوات العائمة خصوصاً مع التقلص المستمر في الفوارق بين القائمتين الأكبر في هذه الانتخابات وهما قائمة حركة"فتح"وقائمة حركة"حماس". ووفقاً لاستطلاع الرأي الجديد الذي أجراه مركز دراسات التنمية في جامعة بير زيت هذا الأسبوع، وتنشر نتائجه غداً السبت، لا يتجاوز الفارق بين قائمتي"فتح"و"حماس"4 في المئة، اذ حصلت الأولى على 35 في المئة فيما حصلت الثانية على 31 في المئة. أما نسبة من لم يقرروا بعد لمن سيدلون بأصواتهم فقد بلغت 22 في المئة. ويقول الدكتور نادر عزت سعيد مدير المركز ان قدرة أي من القائمتين "فتح"و"حماس" على جذب الجمهور المتردد لصالحها ستكون العامل الحاسم في نتيجة هذه الانتخابات. وتشير التطورات الأخيرة في مجريات العملية الانتخابية الى ان حركة"حماس"ما زالت في وضع أفضل للتأثير في الأصوات العامة. ويقول الدكتور سعيد:"نتيجة الانتخابات ستتوقف على أي من القوائم ستتمكن من الوصول الى النسبة الأكبر من الأصوات العامة وايصالها الى صناديق الاقتراع في يوم الانتخابات، وتجربتنا تشير الى ان"حماس"في وضع أفضل لأسباب عدة منها ان هذه الحركة أكثر تنظيماً من حركة"فتح"وغيرها". وكانت حركة"حماس"أظهرت قدرة تنظيمية عالية في جذب المصوتين لصالحها في الجولات الأربع الأخيرة من الانتخابات البلدية. ونشرت الحركة في صحيفتها الأسبوعية"الرسالة"تقريراً عن العمليات اللوجستية التي استخدمتها في انتخابات بلدية نابلس التي حققت فيها فوزا ساحقا، بيّن انها جندت الآلاف من أعضائها وأنصارها للعمل في يوم الانتخابات. وجاء في التقرير انه جرى توزيع هؤلاء المتطوعين أمام مراكز الاقتراع وهم يحملون قوائم بأسماء الناخبين المسجلين فيها حيث قاموا بعمليات استقبال الناخبين وارشادهم والإشارة على أسماء من أدلوا بأصواتهم. وبعد ساعات الظهر أخذوا يتوجهون الى بيوت من لم يدلوا بأصواتهم، وينقلونهم في سيارات الى المراكز ليدلوا ب"الأمانة التي سيسألهم الله عنها في يوم القيامة". وبينما تشهد حركة"حماس"انتعاشاً انتخابياً تظهره قوتها المتنامية في استطلاعات الرأي العام، والسير السلس لحملتها الانتخابية، تشهد حركة"فتح"تراجعاً ملحوظاً في شعبيتها بلغ حسب نتائج استطلاع جامعة بير زيت الأخير 10 في المئة. ويعزو الدكتور سعيد هذا التراجع الى حالة الصراع والفوضى التي تعيشها"فتح". وقال:"الأسابيع الأربعة الأخيرة كانت الأسوأ على حركة"فتح"، فقد شهدنا صراعاً داخلياً ظهر في تقديم قائمتين للحركة في الانتخابات، وحتى بعد توحيد القائمتين شهدنا تصاعداً في أعمال خطف الأجانب ومهاجمة مقار السلطة ومقار الانتخابات على أيدي مسلحين من الحركة". وبموازاة هذه الأخطاء التي تنفّر الجمهور وتدفعه الى خيارات أخرى، لم تنجح الحملة الانتخابية لحركة"فتح"حتى اليوم في الإقلاع. وقد قررت الحركة في اجتماع عقد أول من أمس في مقر الرئيس محمود عباس تغيير تكتيك حملتها الانتخابية على نحو يظهر الحركة موحدة ومنظمة. ويأخذ المراقبون على حملة"فتح"الانتخابية تكريس الانقسام وعدم جاذبية الشعار. فقد دأب مرشحو الحركة في الدوائر على القيام بحملاتهم بصورة فردية. أما الشعار المركزي للحركة فهو"صناع التاريخ.. بنّاء المستقبل"وهو شعار غير مقنع للجمهور بالنظر الى حجم الأخطاء التي حفل بها تاريخ الحركة والحجم الأكبر من الأخطاء التي شهدتها عملية بناء السلطة. كما خلت قائمة الحركة من الكفاءات المهنية والأكاديمية التي امتلأت بها قائمة"حماس". وقد تلقت الحركة اخيراً اقتراحات من خبراء ومؤيدين بالاعلان عن تشكيلة اصلاحية لحكومتها المقبلة وذلك بعد اخفاقها في تشكيل قائمة مرشحين تحمل هذه الصفة. وتشكل التناقضات والصراعات بين مرشحي حركة"فتح"في الدوائر المشكلة الأبرز التي تواجهها الحركة في الوصول الى الناخبين. وبيّن استطلاع جامعة بير زيت ان"فتح"قد تخسر غالبية المقاعد في الدوائر الثلاث الأكبر، وهي مدن غزة والخليل ونابلس، في حال لم تنجح في توحيد حملة مرشحيها في هذه الدوائر التي تضم 23 مقعداً من المقاعد ال66 المخصصة للدوائر. لكن الدكتور نادر سعيد يقول ان نتائج الانتخابات ستعتمد على جهود الحركة في الأيام المتبقية على الانتخابات التي ستجري في الخامس والعشرين من هذا الشهر خصوصاً وان نتائج الاستطلاعات تشير الى نسبة التصويت ستكون مرتفعة الى نسبة 85 في المئة، وهي من أعلى النسب في العالم.