عندما رشح تكتل يسار الوسط الحكومي كوفنير ثافين"، الحاكم في سانتياغو تشيلي منذ 1990، قبل عام ونصف العام امرأتين الى انتخابات الرئاسة التشيلية، استجاب الرأي العام الترشيح، وأظهر حماسته. وانسحبت المرشحة الأخرى، سوليداد ألفيار، من الحملة الرئاسية. وقد يصدق القول ان الرأي العام فرض على حزبي المرشحين تفضيله ترشيح نساء. واستمالت المرأتان، وطريقتهما في مزاولة السياسة، الرأي العام. فهما تعمدتا ألا تناكف الواحدة الأخرى أو تجرحها. فآذن ذلك بصورة جديدة عن السياسة وخوض معاركها. ولعل الأمر البارز في شخصية ميشيل باشليت أوباشليه هو ماضيها، ماضي ناشطة عادية في قواعد الحزب الاشتراكي، وليس أنوثتها، على خلاف تشديد بعض الصحافة الفرنسية الدولية. فهي طبيبة أولاد، ونشطت وقتاً طويلاً في الأحياء والحارات الفقيرة، وتعاونت مع منظمات غير حكومية أو مع جمعيات وروابط محلية. وكانت، بعدها ? وزيرة مرتين، تولت فيهما وزارة الصحة ووزارة الدفاع، واضطلعت بعملها على خير وجه. وماضيها، معارضة"للجنرال بينوشيه 1972 - 1990، وماضي والدها الجنرال ألبرتو باشليت الذي قضى تحت التعذيب، الناس كلهم في تشيلي يعرفونه. ولم ترد المرشحة التوسل في حملتها الانتخابية بهذا الماضي المزدوج. ولم تلمح الى وفاة والدها إلا في خطبتها مساء اعلان فوزها. ويتوقع أن تكون سياستها الآتية والمزمعة صدى لانخراطها الاجتماعي، ومرآة له. وهي التزمت اصلاحات جوهرية وعميقة في بعض الحقول مثل التربية، وتنوي تحسين توزيع الثروة. ولا ريب في تصدر هذه المسألة عملها الرئاسي. فالتشيلي نجحت في تخفيض نسبة الفقر الى النصف، في 16 عاماً. فكان الفقراء 38 في المئة من السكان، وأمسوا 19 في المئة. ولكن التفاوت بين المداخيل بقي على حاله. والدولة التشيلية قوية فيما يعود الى الضبط والادارة، ولكنها غير قوية مالياً. فالضريبة تكاد تكون كلمة نابية، في هذا البلد. ومشكلة ميشيل باشليت الكبيرة هي انتهاج سياسة تميل الى المساواة من غير اللجوء الى الضريبة. ولعل غلبة تكتل يسار الوسط في المجلسين الشيوخ والنواب، للمرة الأولى منذ 1990، عامل ييسر معالجتها المسائل الشائكة ويشفع بها. ويجيء فوز الرئيسة الجديدة في أعقاب تعديل دستور 1980، في آب أغسطس 2005، فطوى التعديل المرحلة الانتقالية من الديكتاتورية العسكرية الى الديموقراطية بعد 15 عاماً على ابتدائها في 1990. وحذفت المواد المتخلفة عن الاستبداد وحذف معها اسم بينوشيه. عن جورج كوفينيال أستاذ علوم سياسية في معهد دراسات أميركا اللاتينية العليا بباريس، "كورييه انترناسيونال" الفرنسية، 19/1/2006