ليس هناك ادنى شك في ان الدول العربية وشعوبها قادرة، على عكس ما يروج البعض، على إدارة انتخابات حرة وديموقراطية وفي كنف روح المسؤولية. وقد جرت في الآونة الأخيرة انتخابات جيدة ومقبولة النزاهة في كل من العراق والأراضي الفلسطينية، وقبل ذلك في المغرب والكويت، إلا انه وللأسف الشديد لا تزال غالبية الدول العربية تتحايل على اجراء انتخابات نزيهة وشفافة بشتى الوسائل كالإقصاء والتزوير والبلطجة. ان الخوف من صعود الأحزاب الإسلامية شيء تجب دراسته على حدة، ولا يجب ان يبقى سيفاً مسلطاً في وجه الحرية السياسية وسبباً لإبقاء الديكتاتورية وما يتبعها من فساد يهلك اجيالاً بكاملها. ولقد اثبتت التجربة ان الإسلاميين المعتدلين افضل من بقاء الديكتاتورية في جميع الأحوال. وهذا الخوف، الذي تجلى بوضوح بعد فوز حركة حماس في انتخابات الضفة الغربية، مصدره خارجي اكثر منه داخلياً لأن الداخل هو الذي أنتج الحركات الإسلامية. على الغرب ان يبحث جدياً عن اسباب العلاقة السيئة التي تنشأ مع الإسلاميين او الوطنيين في المنطقة العربية، فهذا الأمر له مسببات وجذور عميقة، وهي ليست بالضرورة نابعة من نطاق الإسلام او الدين عموماً. بل اهمها يتلخص في القضية الفلسطينية وفي كيفية التصرف في الثروات الطبيعية للدول العربية وإزاحة مخلفات الاستعمار والغزو الثقافي الغربي. ومن الغباء ان يكون الخوف على نشاط السياحة مثلاً سبباً لمنع الأحزاب الإسلامية من المشاركة السياسية. ولم نسمع مثلاً عن تأثر السياحة التركية المعروفة على اثر وصول إسلاميين الى السلطة. ان مشكلة الديموقراطية في المنطقة العربية تتلخص في ان الدول الأوروبية الكبرى، وخصوصاً العلمانية منها، لا تريد صعوداً للإسلاميين، اضافة الى ان اميركا ستشترط مستقبلاً الاعتراف بإسرائيل لتكوين ومشاركة الأحزاب العربية. وكلنا يفهم لماذا لم تعرقل اميركا مشاركة الإسلاميين في الانتخابات العراقية، فقد كانت تبحث عن حل مشرّف للخروج من المأزق العراقي، وبالطبع مع شرط عدم تعرّض حليفتها اسرائيل لأي خطر آني قد ينتج من تلك الانتخابات. المبروك بن عبدالعزيز - تونس - بريد إلكتروني