ردت مصر بعنف على انتقادات وجهت الى الأسلوب الذي استخدمته في معالجة قضية اللاجئين السودانيين الذين قٌتل منهم 25 خلال فض اعتصامهم المستمر منذ ثلاثة اشهر في حديقة بحي المهندسين الراقي في القاهرة أول من أمس. وقال الناطق باسم الرئاسة المصرية السفير سليمان عواد"إن مصر كانت تأمل بأن ينهي المعتصمون اعتصامهم بعد المشاورات المستمرة والمضنية التي شارك فيها مسؤولون سودانيون، ومسؤولون من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين طوال الثلاثة اشهر الماضية، ولكن لم يكن أمام مصر بعد ذلك بوصفها الدولة المضيفة لهؤلاء اللاجئين إلا ان تتدخل لإنهاء هذا الاعتصام"، مؤكداً"إن فض الاعتصام جاء تنفيذاً لطلب كتابي تقدم به مكتب المفوضية في القاهرة ثلاث مرات". ووصف تصريحات أدلى بها المفوض السامي للاجئين في جنيف بأنها"تخرج عن السياق وتجافي الحقيقة"، وأكد أن مصر ترفض تلك التصريحات شكلاً وموضوعاً ووصفها بأنها"مزايدة غير مقبولة لأن المفوضية السامية للاجئين حاولت ان تفك هذا الاعتصام بالتعاون مع السلطات في مصر طوال ثلاثة شهور، وهي ادرى من غيرها بما قدمته مصر من تسهيلات، وما قدمته مصر من صبر ومرونة في هذا الشأن". واعربت مصر عن"دهشتها"ازاء انتقادات مفوض الأممالمتحدة الأعلى للاجئين لاجلاء الشرطة المصرية بالقوة للاجئين السودانيين. وقال بيان للخارجية المصرية إن"الوزارة تلقت بالدهشة"تصريحات المفوض الاعلى للاجئين انطونيو غويتيرس، معتبرة انه"من غير المنطقي ان يتعجل المفوض الأعلى باصدار احكام مسبقة على حادثة ذكر هو نفسه ان ليس لديه تفصيلاتها أو صورتها الواضحة رغم ان مكتب المفوضية الاقليمي في القاهرة لديه كل التفصيلات التي تؤكد ان السلطات المصرية تعاملت مع الموضوع بحكمة وصبر على مدى اكثر من ثلاثة أشهر". واشارت إلى أن الخارجية المصرية"طلبت ايضاحات من مدير المكتب الاقليمي لمفوضية اللاجئين بالقاهرة حول التصريحات المنسوبة للمفوض الأعلى". واشار البيان الى أن"مكتب المفوضية العليا للامم المتحدة للاجئين ارسل خطابات عدة الى السلطات المصرية آخرها يوم 22 كانون الأول ديسمبر يطلب التدخل العاجل لحمايته، ومع ذلك واصلت السلطات المصرية محاولاتها لفض الاعتصام بشكل سلمي". واضاف ان"آخر هذه المحاولات كان مساء 29 كانون الاول ديسمبر واستمر حتى الساعات الاولى من فجر اليوم التالي واتضح ان المحرضين يمنعون بقية المعتصمين من مغادرة المكان بالقوة". ودعت منظمة"هيومان رايتس ووتش"لمراقبة حقوق الانسان الى إجراء تحقيق مستقل في وفاة اللاجئين. وقال بيان للمنظمة"ينبغي ان يشكل الرئيس المصري حسني مبارك على وجه السرعة لجنة مستقلة للتحقيق في استخدام قوات الشرطة القوة ضد المهاجرين السودانيين". واعتبر جو ستورك نائب مدير فرع المنظمة بالشرق الاوسط"أن عدد الضحايا الكبير يشير الى ان الشرطة تصرفت بوحشية مفرطة... لم تكن قوة شرطة تتصرف بمسؤولية لتسمح بوقوع مثل هذه المأساة". وقدم النائب عن"الاخوان المسلمين"في البرلمان المصري الدكتور حمدي حسن أول بيان عاجل للحكومة المصرية الجديدة عن الحادث، ودان النائب في البيان الذي قدمه الى رئيس الوزراء ووزيري الداخلية والخارجية"العنف الأعمى وغير المبرر الذي تعاملت به الشرطة مع اللاجئين السودانيين المسالمين في ميدان مصطفى محمود في الهمندسين"، مشيراً إلى"أن تعامل ضباط وجنود قوات الأمن المركزي مع اللاجئين كما ظهر في جميع الفضائيات أساء إلى مصر كلها إذ أنها لم تفرق بين امرأة، وطفل، وعجوز، وأدارت أدواتها الغليظة عليهم جميعاً من دون تفرقة". ولفت النظر إلى صورة أحد الضباط وهو يهجم على امرأة"تسير طواعيةً ويجذبها من شعرها ويوسعها ضرباً ... ما أساء إلى كل المصريين أمام العالم كله". وباشرت النيابة المصرية التحقيق في وقائع المذبحة التي تعرض لها أول من أمس اللاجئون السودانيون الذين كانوا اتخذوا من حديقة في ميدان مصطفى محمود في حي المهندسين مكاناً للاعتصام بقوا فيه لأكثر من ثلاثة أشهر في مواجهة مكتب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين احتجاجاً على رفض طلبات ترحيلهم الى دول غربية، فيما تعددت الانتقادات والادانة للأسلوب الذي تعاطت به قوات الأمن مع اللاجئين وفض اعتصامهم بالقوة ما افضى إلى مقتل نحو 25 منهم. وطالبت جهات خارجية وداخلية بمحاسبة المسؤولين عن تطور الأمور الى هذه الدرجة. وانتقد الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان الاسلوب الذي اتبع لمعالجة قضية اللاجئين السودانيين والافراط في استخدام القوة ضدهم، ووصفه بأنه حادث"مأساوي لا يمكن تبريره". وعاين فريق من نيابتي حوادث شمال الجيزة والدقي، أمس بإشراف المستشار محمد جعفر المحامي العام للنيابة الجثث في المستشفيات. وخاطبت النيابة السفارة السودانية للتعرف على الضحايا عن طريق اقاربهم ومعارفهم واجراء تحليل D.N.A للتأكد من هوية بعض القتلى بعدما تبين أن ملامح بعضهم غير واضحة. واستمعت النيابة الى أقوال المصابين السودانيين ومن بينهم 15 ما زالوا في المستشفيات، واكد هؤلاء ان رجال الشرطة استخدموا خراطيم المياه والهراوات لفض الاعتصام، مما ادى الى حدوث حال فوضى بينهم ومقتل 25 منهم غالبيتهم توفوا تحت الاقدام أو بإصابات سببتها الهراوات. كما استمعت النيابة الى أقوال المصابين من رجال الشرطة الذين اكدوا ان السودانيين رفضوا فض الاعتصام وانهالوا على قوات الأمن بالطوب والحجارة واسطوانات الغاز وربط بعضهم نفسه في الاشجار ورفضوا مغادرة الحديقة مما دفع القوات الى الرد عليهم. وأمرت النيابة باستدعاء 6 ضباط من بينهم نائب مدير أمن الجيزة لقطاع الشمال اللواء طارق عبدالرازق لسؤالهم عن ملابسات الحادث.