لعلها من الإطلالات"الفضائية"النادرة تلك الإطلالة التي فاجأ بها الدكتور غازي القصيبي جمهور تلفزيون"دبي"كوزير للعمل في السعودية وليس كشاعر وروائي. وكان الزميل داود الشريان استضافه ليل الأحد الفائت في برنامجه السجالي"المقال"وحاوره في السياسة والاقتصاد وشؤون التنمية والتحديث انطلاقاً من رؤية الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز ومن خلال الأدوار التي اداها والإنجازات التي حققها. وتطرّق أيضاً الى الملفات التي بين يدي الملك عبدالله. وبدا الدكتور القصيبي خبيراً في الميدان السياسي والاقتصادي ومتابعاً دؤوباً لمراحل التنمية والتطوير التي شهدتها المملكة في الحقبة الأخيرة. ونجح الزميل داود في محاورته بجرأة وعمق بغية الإفادة من ذاكرته والمعلومات التي يختزنها. وبدا كلام القصيبي عن الملك فهد، متزناً واضحاً وموضوعياً، وتمكن من خلال هذا اللقاء التلفزيوني ان يستعيد مسيرة الملك الراحل في الحكم، مفنّداً مراحلها وإنجازاتها، مقارناً بينها وبين ما حصل في الدول العربية. ورأى القصيبي ان الملك فهد اعتمد مفهوم"التنمية السريعة"القائمة على التحديث والتطوير، وقد وضع"إطاراً خاصاً للمشاريع التنموية داخل اطار الدولة نفسها"، واحيا القطاع الخاص وجعل التخطيط في منتهى الإتقان. وأشار القصيبي الى ان الملك فهد"كان من اكثر الناس ليبرالية ومحافظة"وشرح هذه المقولة من خلال المعاني التي اكتسبتها الليبرالية لدى الملك وهي تقوم على التنمية والتعليم والتطبيب والتفاعل مع العالم. اما"المحافظة"فتعني لديه الحفاظ على قيم المجتمع وتقاليده وعاداته الراسخة. وقد اصر الملك فهد على تطوير الخدمات الصحية، تطبيباً واستشفاء وخدمات. وهو كان انشأ مشروع"الصناديق"من اجل تطوير العمل والصناعة والإنشاءات ومنها: الصندوق الصناعي، الصندوق العقاري، صندوق التسليف وسواها. وكانت قرارات الملك كما اوضح القصيبي"تتمشى مع حاجات الناس"وكان يصر على"ألاّ يمزّق القرار وحدة المجتمع". وركّز الملك فهد على ما سمّاه القصيبي"نظرية إشباع حاجات الإنسان"على مستويات عدة. ورداً على اسئلة الشريان، عدد القصيبي ابرز انجازات الملك فهد والأدوار السياسية التي اداها سعودياً وعربياً وخليجياً وعالمياً. فالملك كان له دور اساسي في ترسيخ مجلس التعاون الخليجي وفي دعم جامعة الدول العربية. وكانت القضية الفلسطينية بمثابة الهاجس الوطني لديه، وسعى الى طرح مشروع للسلام لقي الكثير من الترحاب والسجال السياسي. وتكفي مبادرته المهمة الى عقد لقاء الطائف الذي وضع حداً للحرب اللبنانية ونجم عنه اتفاق الطائف الشهير. وإن كان يصعب تعداد كل الإنجازات التي حققها الملك فهد فلا بد من ذكر دعمه لخدمة القرآن الكريم وعمله الدؤوب على توسعة الحرمين الشريفين... لقد استطاع القصيبي، بصفته وزيراً للعمل ان يختصر الملامح الرئيسة من شخصية الملك فهد وأن يلقي ضوءاً ساطعاً على مسيرته ومساره. وكانت اسئلة الشريان دقيقة وجريئة وهو لم يطرحها على القصيبي إلا ليحفزه على الكلام المفيد. واللافت ان اطلالة القصيبي اقتصر على وجهه الآخر، أي وجه وزير العمل السعودي، مؤجلاً كلامه عن الشعر والأدب الى اطلالة اخرى.