قررت الحكومة المغربية زيادة أسعار المحروقات في المغرب بنسبة 5 في المئة، في ثاني زيادة تطاول المنتوجات البترولية في اقل من ثلاثة أشهر. وعللت الحكومة لجوءها إلى رفع أسعار المحروقات في محطات البنزين بارتفاع اسعار النفط في السوق الدولية الذي تجاوز 62 دولاراً للبرميل، وسط مخاوف من احتمال بلوغ سقف 70 دولاراً قبل نهاية العام الجاري. وقال بيان وزارة الشؤون الاقتصادية والعامة ان أسعار البترول زادت 53 في المئة منذ مطلع عام 2005، إذ أن سعر البرميل ارتفع من 40 دولار في شهر كانون ثاني يناير إلى 61 دولاراً في نهاية شهر تموز يوليو، ما كبد الخزانة مبالغ إضافية بلغت 3.5 بليون درهم نحو 388 مليون دولار للابقاء على الاسعار السابقة نفسها لدى المستهلكين. وبحسب الاسعار الجديدة، فقد أصبح سعر البنزين الممتاز 10.40 درهم نحو يورو، وسعر الغاز أويل الخفيف 8.20 درهم والغاز أويل العادي 6.97 درهم، بينما لم يطرأ أي تغيير على اسعار قارورات الغاز وبدل الكهرباء لأسباب اجتماعية. وقدر مجموع الزيادات في أسعار المحروقات بنحو 17 في المئة منذ منتصف صيف العام الماضي. واعتبرت الحكومة ان صندوق المقاصة لدعم المواد الاساسية لم يعد بامكانه تمويل فارق اسعار المحروقات بعد ان تكبد خسائر تصل في نهاية العام إلى 700 مليون دولار 6.5 بليون درهم، وكانت موازنة عام 2005 وضعت تقديرات أسعار النفط في حدود 35 دولاراً للبرميل، ما جعل الخزانة العامة تتحمل بقية الأتعاب في وقت يواجه الاقتصاد المغربي وضعاً مناخياً ودولياً غير مساعد تراجع فيه النمو إلى ما دون 2 في المئة. وفسر محللون لجوء الحكومة إلى رفع الاسعار في وقت العطلة الصيفية لتفادي أي احتجاجات اجتماعية خاصة من قبل شركات النقل وسائقي سيارات الاجرة وأصحاب العربات كما حدث في الماضي. وتتخوف السلطات المغربية من عودة التضخم، ما ينذر بصعوبات اجتماعية تشهد عليها المظاهرات العنيفة التي شهدتها بعض المدن في الأسابيع الأخيرة نتيجة الجفاف وتدني مستويات المعيشة كما حدث أول أمس في مدينة افني في الجنوب. وقالت الحكومة أن فاتورة النفط زادت 73 في المئة في النصف الاول من العام الجاري إلى اكثر من 10 بلايين درهم، ويرجح ان تبلغ واردات الطاقة قرابة ثلاثة بلايين دولار بنهاية عام 2005، وهي مبالغ كبيرة ترهق موازنة المملكة في وقت تراجعت صادرات المغرب من المنتجات الزراعية والسمكية والملابس الجاهزة والنسيج نتيجة الجفاف والمنافسة الآسيوية، ما ادى الى تفاقم عجز الميزان التجاري إلى نحو 5 بلايين دولار في النصف الاول من العام الجاري. وتعتبر اسعار النفط في المغرب الاغلى ها في المنطقة العربية بسبب اعتماد الرباط بالكامل على الاستيراد الخارجي للطاقة ، وكانت الكلفة تقدر 14 في المئة من مجموع الواردات، لكنها قفزت الى 20 في المئة في الشهر الحالي بعد ان وصل سعر النفط الى 62 دولاراً. ويتوقع المحللون ان يتجاوز السعر سقف 70 الى 73 دولاراً في نهاية العام بسبب العوامل الجيوسياسية وتقلص وتيرة تكرير النفط وزيادة الطلب في دول الصين والهند. وقالت مصادر حكومية لپ"الحياة""ان استمرار ارتفاع اسعار النفط في السوق الدولية يربك وضع سيناريوات موازنة العام المقبل، لذلك سيتم اعتماد متوسط سعر النفط فوق 50 دولاراً"، لكن أطرافا في الحكومة تتوقع أن يستمر النفط فوق 60 دولاراً على اعتبار أن العوامل المؤثرة لازالت قائمة، اضافة إلى أن الاسواق قبلت بسعر 60 دولاراً واستمرت عليه مدة تزيد على الاسبوع. يذكر ان الخزانة العامة تحصل ضرائب على مبيعات النفط تقدر بپ12 بليون درهم، تستعمل في معظمها لتمويل فارق اسعار المواد الاساسية، وكلما ارتفعت الاسعار تقلص العائد الضريبي للخزانة وزاد عجز صندوق المقاصة لدعم الاسعار، وهي معادلة في غير مصلحة الفئات المحدودة الدخل التي تتضرر من اسعار الطاقة ومن عودة التضخم الذي يؤدي بدوره الى ارتفاع اسعار الفائدة وغلاء سوق المال.