تستعد الحكومة المغربية لاقرار زيادة جديدة في أسعار المحروقات في السوق المحلية، الصيف المقبل، إذا تواصل ارتفاع أسعار النفط الدولية، إلى ما فوق ال50 دولاراً للبرميل في النصف الثاني من العام الجاري. وقالت مصادر مطلعة ان التصريحات التي صدرت عن اكثر من مسؤول حكومي في الأيام الأخيرة، حول خسائر الخزانة العامة من ارتفاع أسعار الطاقة في السوق الدولية"تمهد لإقناع الرأي العام بضرورة الزيادة في أسعار المحروقات، وهو موضوع حساس، يثير الكثير من الجدل بسبب ارتباطه بمعدلات التضخم". وأشارت المصادر الى ان الحكومة لم تحدد حتى الآن قيمة الزيادة المرتقبة في أسعار المحروقات، لكنها تدرس خيارات عدة بينها تغيير نظام أوقات العمل في الإدارات لتقليص استهلاك الطاقة. وكانت كلفة مشتريات المغرب من النفط زادت بنسبة 51 في المئة خلال الربع الاول من عام 2005، وبلغت أربعة بلايين درهم نحو 475 مليون دولار، أي بزيادة 31 في المئة في كلفة سعر الطن الواحد من النفط الخام، ما أدى إلى ارتفاع عجز صندوق المقاصة، الذي يتولى دعم المواد الأساسية إلى قرابة 700 مليون دولار منذ عام 2004. ويتولى الصندوق تسديد فارق الأسعار بين كلفة الاستيراد وسعر البيع في محطات التوزيع، التي تعتمد على السعر المرجعي في سوق روتردام النفطي في هولندا. وكانت توقعات الموازنة المغربية لعام 2005 قوّمت سعر برميل النفط على أساس 33 دولاراً، لكن الأسعار ما فتئت تسجل زيادات متواصلة، ما كبد الخزانة العامة نحو 20 دولاراً عن كل برميل بترول مستورد. وتعود آخر زيادة في أسعار المحروقات في المغرب، إلى صيف عام 2004، عندما أقدمت الحكومة على رفع الأسعار بنسبة 3.5في المئة، ما جعل ثمن ليتر البنزين يبلغ 9.4 درهم 1.1 دولار، وهو أعلى سعر في مجموع المنطقة العربية، بسبب اعتماد الرباط على النفط المستورد من الخارج بنسبة 99 في المئة. وتستهلك المملكة نحو 11 مليون طن سنوياً، معظمها من دول الخليج وايران. ويرى خبراء، ان كل زيادة في أسعار الطاقة، قد تؤثر سلباً في قدرة الاقتصاد المغربي التنافسية، خصوصاً بالنسبة الى الشركات العاملة في التصدير، التي تواجه منافسة شرسة في أسواق الاتحاد الأوروبي. وقد فقدت تلك الشركات نحو 33 في المئة من أسواقها منذ مطلع العام الحالي، بسبب المنافسة الصينية، التي تعتمد على كلفة منخفضة بفعل ضعف سعر الصرف الآسيوي إزاء الدولار، في مقابل ارتباط الدرهم المغربي باليورو الأوربي. وتجد الحكومة المغربية نفسها في وضع غير مريح، إذ ان أي زيادة في أسعار الطاقة ستؤدي إلى ارتفاع أسعار معظم السلع والخدمات، والعودة إلى معدلات التضخم المرتفعة، كما حدث في مطلع الثمانينات, في حين ان الإبقاء على الأسعار الحالية، سيضطر الحكومة إلى تمويل عجز صندوق المقاصة، والاقتطاع من مصاريف ونفقات الاستثمار العام أو الحد منها, وفي مطلق الأحوال فإن أحلى الحلين مُر. ويراهن المغرب على استقرار أسعار النفط دون سقف ال50 دولاراً، على ان تتحمل الخزانة فارق السعر بنحو 17 دولاراً للبرميل، والذي يمكن تعويضه من نشاطات قطاعات أخرى، خصوصاً السياحة، التي باتت إلى جانب تحويلات المهاجرين تمثل المصدر الاول للعملة الصعبة المعول عليها في تمويل عجز الميزان التجاري، الذي تفاقم بزيادة كلفة مشتريات الطاقة.