كيف تؤثّر إدارة مواردك البشرية في نتائج شركتك أين تستثمر الشركات أكثر من ثلث مداخيلها بدون أن تقيس في شكل دقيق عائدات هذا الاستثمار؟ في مواردها البشرية! يتحدّث أصحاب العمل ومديرو الموارد البشرية عن"رأس مال بشري"ويدّعون أنّ"الموظفّين هم رأس مالنا الأكبر"، لكنّهم لا يديرون مستخدَميهم وكأنّهم أصول حقيقية. فهم يعتبرون الموظّفين كلفة تشغيلية يجب التحكّم بها وليس أصولاً قادرة على توليد قيمة قابلة للقياس. ولا يهتمّ أيّ جزء في الشركة، بما في ذلك قسم الموارد البشرية، برأس المال البشري في شكل كامل. استناداً إلى دراسة عن الشركات الرائدة حول العالم دامت تسع سنوات وبلغت كلفتها عشرة ملايين دولار، يشرح مؤلّفو"استثمر رأس مالك البشري"، وجميعهم مسؤولون في مجموعة"مرسر للاستشارات حول الموارد البشرية"، كيف يتمّ تفعيل استراتيجيا رأس المال البشري في الشركة للحصول على نتائج في الأعمال قابلة للقياس ومربِحة وتخلق مزايا تنافسية استثنائية طويلة الأمد. ويقولون إنّ أفضل مصدر لتحقيق أفضليّة تنافسية دائمة يتوافر في عنصر متأصّل وفريد في كلّ شركة: رأس مالها البشري. وينصحون باستعمال أساليب علمية لإعداد استراتيجيا رأس المال البشري الأنسب لتحقيق أهداف الأداء التي تحدّدها الشركة لنفسها. يجب أن تتواءم نماذج العمل مع استراتيجيات رأس المال البشري. فالقرارات المتعلّقة بكلّ منهما مترابطة ولا شكّ في أنّها ستفشل إذا تمّ التعاطي مع قرارات بطريقة منفصلة عن الأخرى. كما أنّه ينبغي عليها أن تتوافق مع الأسواق أي العميل والأجواء التنافسية والتنظيمية التي تتواجد فيها الشركة. I- الالتزام بثلاثة مبادئ جوهرية تعريف رأس المال البشري هو أنّه المخزون المتراكِم للمهارات والخبرات والمعارف الذي يتوافر لدى القوّة العاملة في الشركة ويحفّز العمل المنتِج. بما أنّ رأس المال البشري يُصنَّف في خانة الأصول، فهذا يعني أنّ استراتيجيا رأس المال البشري هي نوع من إدارة الأصول: أي خطّة للحصول على قوّة عاملة قادرة على تحقيق أهداف العمل، ولإدارتها وتحفيزها. ويعتمد هذا الأسلوب الجديد لتحقيق أداء أفضل في الأعمال وأفضليّة تنافسية بارزة على الالتزام بثلاثة مبادئ جوهرية: 1 - شدّد على التفكير النظامي الشركات أنظمة معقَّدة تملك العديد من العناصر والأنظمة الفرعية. يولّد تغيير في نظام فرعيّ واحد آثاراً في أنظمة فرعية أخرى. والشركات بدورها جزء من أنظمة أكبر تتضمّن العملاء والمورِّدين والمساهمين والمنافسين والمنظِّمين والاقتصاد العام. بالتالي يكون لأيّ تغيير أساسي في الأسعار أو المنتجات أو السياسات الداخلية تأثير في النظام الأكبر. يفترض التفكير النظامي إدراك الروابط بين وحدات الشركة والموظّفين والعمليّات والسلوك. من شأن المزج غير المتقَن بين التغييرات أو ممارسات الموظّفين أن يسبّب مشكلات مكلِفة. لنأخذ مثلاً على ذلك"تيككو"التي تبيِّن قيمة التفكير النظامي. تصمّم"تيككو"وتنتج رقاقات كمبيوتر تُستعمل في المنتجات الاستهلاكية ومعدّات الشركات. تصنِّع الشركة باستمرار منتجات جديدة لتلبية حاجات عملائها، وترتكز معظم تلك المنتجات على تصاميم ناجحة سابقة. في الواقع، التأخير مهلِك بالنسبة إلى"تيككو". فحياة المنتج قصيرة وتعتمد الإرباحيّة تالياً على النفاذ بسرعة إلى السوق من خلال منتج عمليّ. في منتصف التسعينات، واجهت"تيككو"مشكلات كبيرة، وكانت إيراداتها وعائدات مساهميها في حالة تراجع. وكان سبب تلك المشكلات الزيادة في نسبة دوران مهندسي التصاميم أي في عدد المهندسين الذين يتركون العمل في الشركة من 6 إلى 15 في المئة في سبع سنوات. كان المدير العام يدرك المشكلة لكنّه كان عاجزاً عن كبحها، وقد قال في هذا الصدد"جرّبنا كلّ شيء، الأجور، تخصيص أسهم، التدريب. لكن لم ننجح". في الواقع، لم تنجح أيّ وسيلة لأنّه لم يتمّ تحديد سبب دوران المهندسين. ولم تُعرَف الأسباب الفعلية إلا عند التمعّن في نظام رأس المال البشري بكامله، وقد تبيّن ما يأتي: كان هناك عائق واضح أمام التقدّم. كان المهندسون الأفضل تدرّباً والأكثر خبرة يصطدمون ب"جدار"الترقية في منتصف سلّم المراتب الوظيفية. كانت الحوافز غير مناسبة. كان ثلث أجر المهندس رهناً بالأداء. تناسب هذه الممارسات روح المبادرة التي لم تكن متوافرة في"تيككو". كانت"تيككو"تدفع مرّتين ثمن الإشراف. كانت الشركة تدفع أجوراً أعلى من الأجور المعتمدة في السوق ظنّاً منها أنها تستقطب بذلك الأفراد المحفَّزين الذين لا يحتاجون إلى الكثير من الإشراف. لكنّها دفعت المزيد من خلال الإشراف المكثَّف والرقابة اللذين مورِسا ظاهرياً باسم الحدّ من الأخطاء. سمحت هذه الاستنتاجات بتحديد عدد من الحلول لمشكلات"تيككو"بدءاً بالتغييرات في فلسفة الإدارة والمناخ التنظيمي وصولاً إلى التغييرات في طريقة استخدام الموظّفين وتطوير حياتهم المهنيّة. 2 - احصل على الحقائق الصحيحة الحقائق الصحيحة - لا سيما الحقائق السببيّة - هي أساس القرارات الجيّدة. تتألّف المقاربة الأفضل للحصول على حقائق داخلية من جزئين: جمع معلومات نوعيّة من خلال الدراسات والمقابلات، ما يعطي فكرة عن كيفية سير العمل في المنظّمة و"رأياً خبيراً"حول الحقائق الحالية والحاجات المستقبلية. جمع حقائق كمّية من خلال القياس والنمذجة الإحصائيّة. صمّم مؤلّفو الكتاب أدوات خاصّة لهذا الغرض هي تحليل سوق العمل الداخلية ILM ونَمذجة تأثير الأعمال مفصّلة في المقطع II. 3 - ركّز على القيمة تقيس الشركات تكاليف قوّتها العاملة لكنّ قلّة منها تحدّد بدقّة القيمة التي تولّدها. تشمل مصادر القيمة: مواصفات رأس المال البشري مثل المدّة والخبرة وشهادات المؤهّلات المهنيّة. الممارسات التنظيمية مثل آليّات المكافأة، والإشراف وعمليّات المراقبة وأساليب التوظيف. شركة"فيرست تينيسي ناشونال كوربوريشن"مثال جيّد عن كيفية تأثير ممارسات الموظّفين في القيمة. إنّها من بين أكبر خمسين شركة مصرفية قابضة في الولايات المتّحدة وتضمّ أكثر من عشرة آلاف موظّف. من خلال البحوث المعمّقة عن الأسواق، استنتج هذا المصرف أنّ نوعية خدمة العميل هي أساس موقعه التنافسي. وبما أنّ نوعيّة الخدمة تعتمد على التفاعلات بين العملاء وموظّفي المصرف الذين يتعاطون مباشرةً مع العملاء، أرادت الإدارة العليا معرفة المزيد عن موظّفيها. عبر استخدام البيانات الخاصّة بأداء الموظّفين والأعمال، وتقنيّات النمذجة الإحصائية، تمكّنت الشركة من معرفة كيفية تأثير الممارسات البشرية ومواصفات الموظّفين في نتائج أعمالها. على سبيل المثال، اكتشفت الشركة أنّ الفروع التي تضمّ الموظّفين الأقدم عهداً في الخدمة تملك أداء أفضل في مجالات الحفاظ على الزبائن ونموّ حسابات"بريميوم"، والمكاسب الصافية وحصّة السوق. وتفوّقت سنوات الخبرة من حيث الأهمّية على كلّ العناصر الأخرى. بناءً عليه، استنتج المصرف أنّ زيادة معدّل سنوات الخدمة للموظّفين الذين يتعاطون مباشرةً مع العملاء سنةً واحدة فقط، يعود بالفائدتَين الآتيتين على عائدات الشركة في شكل عام: تزيد العائدات لكلّ زبون بنسبة 4% أو 15 مليون دولار في السنة. تزيد حصّة السوق بنسبة 2% ما يؤدّي إلى زيادة في العائدات تبلغ 25 مليون دولار سنوياً. علاوةً على هذه الزيادة في العائدات والتي تصل إلى 40 مليون دولار، تسمح التغييرات في ممارسات الموظّفين بادّخار 20 مليون دولار أخرى بفضل خفض معدّل دوران الموظّفين، وزيادة فاعلية العمليّات، وخفض النفقات المترتّبة عن جدول الرواتب. II- قياس قيمة القوّة العاملة يجب أن يقارن قادة الأعمال بين"ما هي عليه"الإمكانات البشرية و"ما يجب أن تكون عليه"، من خلال أداتين تحليليّتَين طوّرهما المؤلّفون. 1 - تحليل سوق العمل الداخلية حتى الآن، لم يقدّم أحد نظرة شاملة عن آليّة سير أسواق العمل الداخلية أو يتطرّق إلى ميزات الديناميكيّات التي تحرّك هذا النظام من خلال استعمال مجموعة من النماذج الإحصائية المدمَجة. هذا بالضبط ما يفعله تحليل سوق العمل الداخلية. يقدّم تحليل سوق العمل الداخلية أرضيّة مستندة إلى الوقائع لاتّخاذ العديد من القرارات الأساسية حول رأس المال البشري. يبدأ التحليل بإنشاء"خريطة لسوق العمل الداخلية"أي صورة بيانية وكمّية تصف الديناميكيات الأساسية المرتبطة بتدفّق الأشخاص إلى شركة وعبرها ومنها لفترة ثلاث إلى خمس سنوات. ويقدّم صورة دقيقة عن رأس المال البشري للشركة. على مستوى أعلى، يركّز تحليل سوق العمل الداخلية على"النمذَجة الإحصائية"للعملية الديناميكية التي تتضمّنها الخريطة، فيكشف آلية السير الفعلية لأسواق العمل الداخلية والأسباب الكامنة وراءها. هنا تبرز القصّة الحقيقية لرأس المال البشري في الشركة، وكذلك التفاصيل التي تحتاج إليها كلّ شركة لإدارة سوق عملها الداخلية بنجاح. تعتمد النماذج الإحصائية على مجموعة من المتغيّرات وآليات التحكّم المستقلّة التي تُقسَم إلى ثلاث فئات: مواصفات الموظّف العمر، الجندر، الشهادات العلمية، الخبرة، شهادات المؤهِّلات... ومواصفات الشركة حجم الأقسام أو مجموعات العمل، معدّل دوران الموظّفين... والتأثيرات الخارجية معدّلات البطالة، حصّة السوق، الموقع.... 2 - نمذجة تأثير الأعمال بعد تحديد الوضع الحالي لقوّتها العاملة عبر تحليل سوق العمل الداخلية، يجب أن تعمد الشركة إلى تحديد الوضع المستقبلي المرتجى عبر ما يسمّيه المؤلّفون"نمذجة تأثير الأعمال". إنها مجموعة من الأدوات الكمّية التي تحدّد تأثير ممارسات رأس المال البشري في نتائج الأعمال. في حين أنّ نماذج تحليل سوق العمل الداخلية تركّز على نتائج القوّة العاملة، تركّز نماذج تأثير الأعمال على إنتاجية الشركة. يمكن أن تتطرّق نمذجة تأثير الأعمال إلى مجموعة واسعة من الأسئلة: هل ترتفع الإنتاجية مع زيادة سنوات الخدمة؟ ما هو تأثير التدريب على خدمة العملاء في المبيعات؟ هل يعطي برنامج الأجور المحفِّزة النتائج المرجوَّة؟ ما هو تأثير الموظّفين بدوام جزئي في الأعمال؟ هل يحسّن برنامج تطوير القيادة أداء الأعمال؟ تنجم أفضل الاستراتيجيات المتعلّقة برأس المال البشري عن الدمج بين تحليل سوق العمل الداخلية ونمذجة تأثير الأعمال والبيانات الكمّية. III- مضاعفات رأس المال البشري يمكن تطبيق مبادئ استراتيجيا رأس المال البشري وأدواته على مسائل مهمّة تواجهها شركات عدّة: التحوّلات الاستراتيجية في وقت كان وضع استراتيجيات ناجحة يستحوذ على اهتمام معظم الأكاديميين والمستشارين، كتب أستاذ إدارة الأعمال في كلية ستانفورد،"جيفري بفيفر":"إدارة أعمالك بطريقة مناسبة أهمّ من عملك في المجال المناسب". قد يبدو هذا هرطقياً لجيل من المديرين التنفيذيين الذين نشأوا على استراتيجيّات كبار خبراء الأعمال، لكن كما قال بفيفر"ينبع النجاح من تطبيق الاستراتيجيا بطريقة ناجحة وليس فقط من امتلاكها. وتُستمَدّ القدرة على التنفيذ إلى حدّ كبير من الأشخاص الموجودين في الشركة، وطريقة التعامل معهم ومهاراتهم وكفاءاتهم والجهود التي يبذلونها من أجل الشركة". بعبارة أبسط، يتحقّق النجاح في التغيير الاستراتيجي من خلال إدارة رأس المال البشري في شكل أساسي. شراء ودمج الشركات أنتجت بعض أكبر الصفقات أسوأ النتائج، والدمج بين شركتَي"تايم وارنر"و"أي أو إل" أحدث مثال على ذلك. تفشل 50 إلى 80 في المئة من عمليّات الدمج بين الشركات في تأمين المنافع المتوقّعة. ويعود ذلك إلى سببين أساسيين: لا تأخذ أساليب التقييم المالي التقليدية بالاعتبار رأس المال البشري في الشركة التي يتمّ شراؤها. لا يتمّ التطرّق كما يجب إلى مسائل الاندماج. يعني الاندماج تحقيق الانسجام بين الهيكليّات والعمليّات، وتحديد أهداف مشتركة للشركتَين. يجب أن يركّز كلّ من الشركة الشارية والشركة المشتراة على النواحي المتعلّقة برأس المال البشري واندماجه. يجب أن تكشفا، وتقيّما كلّ الوقائع ذات الصلة حول القوّتين العاملتين اللتين ستجتمعان معاً، كما ينبغي عليهما تحديد نوع الرساميل البشرية التي ستحتاج إليها استراتيجيا الأعمال المطبّقة في الشركة بهدف توليد قيمة. خدمة العميل تقدّم "كونتيننتال ايرلاينز" مثالاً ممتازاً عن شركة أطلقت وعداً جديداً لتسويق ماركاتها ثمّ نظّمت ممارساتها المتعلّقة برأس المال البشري كي تدعم هذه الاستراتيجيا. أدخلت الشركة تغييرات واسعة النطاق في السياسة والممارسات المرتبطة بالموارد البشرية. وكان الإحراق العلني لكتيّب سياسة العمل الخاصّ بالشركة والمؤلّف من 800 صفحة واستبداله بنسخة مصغَّرة من 80 صفحة، مؤشّراً قوياً على انتهاء الهرميّة، وعلى أنّه يتمّ تمكين الموظّفين كي يخدموا العملاء في شكل أفضل. حافظت"كونتيننتال ايرلاينز"على مستويات عالية من الأداء في خدمة العملاء، ولم تواجه المصير القاسي الذي لاقاه العديد من منافسيها في الأوقات الصعبة التي أعقبت سبتمبر 2001. العلاقات مع المستثمرين يهتمّ المستثمرون أكثر فأكثر برأس المال البشري. بناءً عليه، إذا كنت مديراً عاماً أو مسؤولاً تنفيذياً مالياً، يمكنك أن تزيد سعر أسهم شركتك عبر كشف كلّ المعلومات حول رأس مالك البشري. إليك كيف تحقّق ذلك: تذكّر أنّ المستثمرين لا يمكنهم أن يتصرّفوا انطلاقاً من أمور لا يستطيعون رؤيتها. إذا كنت تعامل رأس المال البشري كأصول أساسية في شركتك، تشاطر مع المستثمرين الأخبار التي تساعدهم على تقييم الشركة كما يجب. اجعل هذا الأمر جزءاً من آليات التواصل مع المستثمرين. اطّلع جيداً على نقاط القوّة والضعف في سوق العمل الداخلية في شركتك، وطوّر معايير راسخة للتقييم وتابعها عن كثب وأعدّ تقارير عنها عبر التركيز على الوقائع الأكثر تأثيراً في أعمال الشركة. دور قادة الشركة يجب أن يتوقّف المديرون العامّون والمديرون التنفيذيون الماليون عن وضع الموظّفين في خانة"النفقات"، وبالتالي معاملتهم على أنّهم"استثمار". ويجب أن يطرحوا الأسئلة الآتية: ما هو الحجم الفعلي لاستثماراتنا في رأس المال البشري مثل الأجور وتكاليف التقدمات الاجتماعية وكلفة خطط تنمية الإدارة، إلخ...؟ كيف يُدار رأس المال البشري كأصول في هذه الشركة؟ إلى أيّ حدّ نخدم حاجات استراتيجيا الأعمال المطبَّقة في الشركة؟ ما هي مواصفات موظّفينا وممارساتهم التي تؤثّر في نتائج الأعمال، وما هو مدى التأثير؟ تتطلّب الإجابة عن هذه الأسئلة تحليلاً منهجياً. هل عائدات الاستثمار في رأس المال البشري مرضية؟ كيف يمكننا أن نعيد توجيه استثماراتنا لتحقيق عائدات أفضل؟ النقاط الأساسية لكلّ شركة أصول ملموسة مالية، عينيّة وأصول غير ملموسة ماركات، العلاقات مع الزبون، والأفراد. في الماضي، كانت الأصول الملموسة مصادر أساسية للأفضليّة التنافسيّة، لكن تلاشت قدرتها على أن تكون عامل تميّز ? فالموقع أصبح أقلّ أهمية بكثير في العصر الرقمي، ويتدفّق رأس المال بحرّية في الأسواق العالمية، وتُنسَخ التكنولوجيات الجديدة بسرعة. استراتيجيا رأس المال البشري هي الأصول الأحدث التي تستطيع الشركات بواسطتها تحقيق تنافسية مستدامة. يصف المؤلّفون العِلم الجديد لإدارة رأس المال البشري ويقدّمون للقادة في مجال الأعمال مقاربة جديدة كلياً لكن مثبَتة لقياس قيمة القوّة العاملة لديهم وإدارتها انطلاقاً من نتائج الأعمال ? وتكون موثَّقة بكاملها من داخل الشركة. يشرح الكتاب الذي يستند إلى بحوث معمَّقة، كيفيّة وضع، وتنفيذ استراتيجيّات للقوّة العاملة تكون قيّمة للشركة بقدر الاستراتيجيّات التجارية نفسها. ويقدّم للمديرين والمسؤولين التنفيذيين الرفيعي المستوى والمستشارين النظريّة والأدوات والعمليّات التي يحتاجون إليها، وهي: فهم الروابط السببية بين ممارسات القوّة العاملة ونتائج الأعمال القابلة للقياس. التفكير بطريقة استراتيجية في الناحية البشرية للأعمال. قياس رأس المال البشري وإدارته بفاعليّة. الاطّلاع على ما يجهله الآخرون عن عمل الشركة، ومحاولة استثماره. بناء آليّة مساءلة حقيقية لزيادة عائدات استثمار رأس المال البشري إلى أقصى حدّ. مصادر مفهوم رأس المال البشري بالنسبة إلى علماء الاقتصاد، لعبارة"رأس المال البشري"معنى محدَّد جداً ظهر أوّل مرّة في أعمال"جايكوب مينسر"و"ثيودور شولتز"و"غاري بيكر"في مطلع الستّينات، وطوّره أكثر فأكثر"شروين روزين"و"ريتشارد فريمن"وسواهما. فاز كلّ من"بيكر"و"شولتز"بجائزة نوبل بفضل عملهما في هذا المجال في شكل خاص، وحوّلا رأس المال البشري مفهوماً أساسياً في اقتصاديّات العمل. حاولت الأعمال الأولى في هذا المجال أن تحقّق فهماً أفضل للقرارات التي يتّخذها الأفراد والشركات لتحسين نوعيّة العمل من خلال الإنفاق على التربية والتدريب والتعلّم في مكان العمل. يتحمّل الأفراد والشركات تكاليف لتحسين نوعيّة العمل أملاً في توليد عائدات مستقبلية من خلال تعزيز الإنتاجية والمكاسب. وبالتالي فإنّ قراراتهم هي قرارات استثمارية. ويشبَّه استثمار رأس المال البشري باستثمار رأس المال العينيّ والمالي على الرغم من الاختلافات المعروفة بين الرأسمالَين. تستثمر الشركات مواردها الحالية في التدريب أملاً في توليد إنتاجية أكبر مع الوقت. عام 1985، قدّم"ليف إفدينسون"، كبير مسؤولي المعارف في"سكانديا كوربوريشن"، أوّل تقرير شامل على الأرجح حول رأس المال البشري كجزء من التقرير السنوي لشركته. بالنسبة إلى"إفدينسون"، يجسّد رأس المال البشري مجموعة المعارف والمهارات والخبرات العمليّة التي يملكها موظّفو الشركة والمتعاقدون معها. العوامل الستّة الأساسية في استراتيجية رأس المال البشري تشكّل هذه العوامل نظاماً حيث تتفاعل وتتوازن وتكمّل بعضها بعضاً كما تكمّل أجزاءها المختلفة. 1 - الأفراد من الجناح التنفيذي إلى غرفة البريد، لا بدّ من أن تؤثّر طبيعة الأفراد في القوّة العاملة ونوعيّتهم في أداء الشركة. ويمثّل هذا العامل في شكل خاص رأس المال البشري بذاته أي المزيج الجماعي للمواصفات التي يقدّمها الأفراد إلى الشركة ثم يطوّرونها مع الوقت. 2 - آليات العمل لآليّات العمل الأساسية آثار مباشرة وغير مباشرة على أداء الشركة. قد تنظّم شركتان في القطاع نفسه عملهما بطريقتَين مختلفتين. مثلاً تصنّع"جنرال إلكتريك"المحرّكات النفّاثة بواسطة خطّ التجميع، بينما تصنّعها"أليسون"في مجموعات عمل صغيرة. غالباً ما تتطلّب هذه الفوارق أنواعاً مختلفة من المواهب. 3 - الهيكليّة الإدارية يميّز هذا العامل طريقة إدارة الشركات لعمل الموظّفين من خلال أبعاد التوجيه الإداري رقابة عالية مقابل حرّية التصرّف الفردية رقابة منخفضة. 4 - المعلومات والمعرفة يؤدّي تدفّق المعلومات والمعرفة في الشركة إلى تحفيز الإنتاجية. ويتضمّن هذا العامل الديناميكيات الداخلية صعوداً ونزولاً وعبر الشركة والخارجية إلى العملاء والمورّدين والمنظّمين، إلخ. ومنهم. 5 - صنع القرارات يركّز هذا العامل على القرارات المهمّة المتعلّقة بالأعمال وليس القرارات على مستوى المهمّات اليومية والتي تؤثّر في المجالات الأساسية مثل الاستراتيجيا والعمليّات والشؤون المالية والتسويق والمبيعات. 6 - المكافآت يتمثّل العنصر التحفيزي في استراتيجيا رأس المال البشري بآليّة المكافآت في الشركة، أي الحوافز المادّية وغير المادّية التي تدفع الموظّفين إلى العمل بجهد والابتكار والتطوّر. المؤلّفون "ه. نالبانتيان"و"ر. غوزو"و"د. كيفر"و"ج. دوهرتي"مسؤولون في شركة"مرسر للاستشارات حول الموارد البشرية"ومن مؤسّسي مجموعة"الاستراتيجيا والمعايير". وهم المهندسون الأساسيون للنظرية والأدوات والعمليات الثوريّة الموصوفة في هذا الكتاب. للتوسّع في القراءة: * "المعادلة البشرية" - جيفري بفيفر The Human Equation - Jeffrey Pfeffer *"عامل الناس كما يجب"- إدوارد لولر III Treat People Right - Edward Lawler III * "عائدات استثمار رأس المال البشري" - جاك فيتز-إنز The ROI of Human Capital - Jac Fitz-Enz ملخّص من كتاب "Play to your Strengths" ل ه. نالبانتيان ور. غوزو ود. كيفر و ج. دوهرتي مع رذن مع إذن خاص من دار النشر ماكغرو هيل. [email protected] * * * * Business Book Review Play To Your Strengths H. Nalbantian, R. Guzzo, D. Kieffer, J. Doherty McGraw-Hill