تستعد دور النشر الفرنسية وككل صيف لتدشين الموسم الأدبي الجديد انطلاقاً من العاصمة باريس. والموسم الأدبي يشكل ككل عام أيضاً الحدث الثقافي الأبرز الذي ينخرط في إحيائه، إضافة إلى دور النشر المختلفة، ونقّاد الأدب في مختلف الوسائل الإعلامية المرئيّة والمسموعة، الكتّاب والمؤلّفون الذين بات يتجاوز عددهم الستمئة كاتب ومؤلّف. كيف لا وعدد الأعمال الروائية فقط، المكتوبة أو المترجمة إلى الفرنسية 214 رواية مترجمة، الصادرة في الموسم الجديد يبلغ 663 عملاً أدبياً. يتصدر هذه المجموعة 121 عملاً أدبياً ينشر أصحابها للمرة الأولى في حياتهم، أي أن هذه الأعمال هي باكورة الأعمال الأدبية للروائيين الشباب في فرنسا، ومنهم من تجاوز سن الشباب. تؤكد هذه النسبة الكبيرة من الإصدارات ديناميكية صناعة الكتاب وسوقه في فرنسا على رغم الأزمة التي تشير إليها دور النشر من حين الى آخر. من هؤلاء الروائيين الشباب نذكر، على سبيل المثال، باسكال موران الذي ينشر روايته"ماء الحمام"، وإيغو بوريس وعنوان روايته"قبلة على العنق"، ونجاة غوتي وروايتها"نور"، وجون مارك بينوتي"وروايته"غداً سأهرب من الجحيم". تأتي الرواية الفرنسية في مقدّم الإصدارات الأدبية، إذ تبلغ العناوين الجديدة 449 عنواناً، من هذه الكتب ما يتناول عوالم الطفولة والعائلة والعلاقات الإنسانية على وجه العموم وبخاصة منها العلاقة بين المرأة والرجل، بين الآباء والأبناء. روايات تحاول الغوص في طبيعة هذه العلاقات وتشابكها وصعوبة استمرارها، بل وفي إعادة بنائها في كل مرة. من عناوين الروايات الجديدة:"العشاق غير المكتملين"لبييرات بلونسيو أكت سود،"لحظة استرخاء"لفيليب بيسون جوليار،"الهروب"لجون فيليب فوسييه،"حفلة الدموع"لجان دورمسون غاليمار. أما ميشال ويلباك فيعود برواية رابعة تحمل عنوان"إمكانات جزيرة"فايار. وهذه الرواية التي أثارت ضجة كبيرة قبل نزولها إلى المكتبات سيطبع منها 200000 نسخة. الأديبة البلجيكية أميلي نوطومب تقدم"الحامض الكبريتي"ألبان ميشال، ألكسندر جوردان"رواية الحدائق"غراسيه، الجزائري بوعلام صنصال"حراقة"غاليمار وپ"سجن المجانين"لريجيس جوفري غاليمار. هناك أيضاً عدد من العناوين التي توغل في الإباحيّة مثل رواية"البذر المتحرك"لصوفي جابس لاتيس. يضاف إلى ذلك 745 عنواناً جديداً تتوزع على كل أقسام المعرفة، من البحث التاريخي والمقال السياسي إلى الدراسة والسيرة. من جهة أخرى تجدر الإشارة إلى أن نسبة الكتّاب الأجانب تحتلّ حيزاً كبيراً في هذا الموسم بحيث نجد أنّ نصفهم من الأميركيين وفي مقدمهم بول أوستير وروايته"بروكلين الجنون"التي ستصدر عن أكت سود وسيو ميلار وروايته"العالم السفلي". من الأسماء الأخرى: طوم شارب، سينتيا أوزيك، يوكو أوجاوا، آني برولاكس التي تعد من أهم الأدباء الأميركيين المعاصرين. وسيكون للكتابات السينمائية والبوليسية حيز مهم مع كتاب ونقاد ومخرجين مثل وودي آلان، ماري- ماك جاري، جاك أرنوت وهنينغ مونكل. كما ستطالعنا كتب تضم مراسلات بعض كبار الأدباء والفنانين. المتتبع لسوق الكتاب الفرنسي يلاحظ أن بعض أحداث الساعة أصبحت نوعاً أدبياً قائماً بذاته، كموضوعي الإسلام والإرهاب، والتمييز العنصري وقضايا المرأة في البلاد العربية. وهذه الكتب إمّا تعتمد على المنهج النقدي، أو تعمل على تأريخ الأحداث فحسب. هذا ومن المنتظر أن يختتم الموسم الأدبي الجديد بدخول الأعمال الروائية التي أتينا على ذكرها مجال التنافس على الكثير من الجوائز المشهورة مثل جائزة"غونكور"الأدبيّة وپ"الميديسيس"وپ"الفيمينا". ومنذ الآن أيضاً بدأ بعض الكتّاب والنقاد النافذين في المجال الأدبي، والإعلامي أيضاً، بترشيح بعض الأسماء الروائية لنيل هذه الجائزة أو تلك. ولم تبق مجلّة أدبية هذا الصيف ولا حتى صفحة ثقافية في الصحف المعروفة لوموند، ليبيراسيون ولوفيغارو إلاّ ودخلت غمار معركة الجوائز قبل الأوان.