في سبيل مكافحة التغير المناخي يلجأ الى تقليص الغاز الناجم عن الاحتراق. ولكن يمكن تخزين المسبب الأول لظاهرة الدفيئة أو الانحباس الحراري، وهو الغاز الناتج عن النشاط الصناعي البشري، في جوف طبقات جيولوجية في غور الأرض. وحتى لو لم يتضمّن بروتوكول"كيوتو"وسيلة المكافحة هذه، فثمة خطوط باتت متقدّمة جداً، من هذا النوع. ويبذل الباحثون جهوداً لتطوير بدائل عن الوقود الأفوري النفط. وهذه البدائل قد تساعد تكنولوجيا جرّ غاز ثاني أوكسيد الكربون، المنبعث من المصانع والمحطات، إلى عمق الأرض، على بلورتها. فتحول هي، بدورها، في الحؤول دون تفاقم مشكلة الانحباس الحراري. في أثناء السنوات القليلة الماضية، بدأت هيئات وكتل تمثل المصالح الكبرى وشركات النفط، وحتى إدارة الرئيس بوش المترددة، تعيد النظر في اعتبار ظاهرة الانحباس الحراري وهماً. ويدعم الحلفاء الجدد هؤلاء علماء، مثل سالي بنسون من مختبرات لورانس بركلي الأميركية، يعدون العدة لعالم جديد ترسم معالمه الحاجةُ إلى معالجة مخلفات الكوكب من ثاني أوكسيد الكربون. والدلائل على تأثيرات الانحباس الحراري باتت كثيرة: فثمة كميات كبيرة من الجليد تذوب في المحيط المتجمد الشمالي بعدما ظلت مستقرة طوال نحو 3 آلاف سنة، وارتفعت حرارة المحيطات نحو درجتين عما كانت منذ قرن، والأعاصير باتت أكثر شدة وهولاً. وتشاء المصادفة هل هي فعلاً مصادفة؟ أن تنبثق تكنولوجيا مكافحة انبعاث الغازات من خبرة شركات النفط طوال 30 سنة. ففي 1972، حاول مهندسون من تكساس استخراج متخلفات نفط مستعصية، بضخ ثاني أوكسيد الكربون في خزان جوفي، ونجحوا في جرّها نحو البئر القائمة في الموقع، واستخرجوها من هناك بيسر. ولم تلبث هذه التقنية إن درجت، ولكنها لم تحظ باهتمام العلماء الى تسعينات القرن الماضي، حين تقرر استخدامها في ابطاء الانبحاس الحراري. وانكبت بنسون على حل المشكلة منذ 1998، بعدما طُلب منها النظر في جملة مسائل ومعالجتها: هل يبقى ثاني أوكسيد الكربون محبوساً في جوف الأرض؟ هل مراقبة تقلباته في المتناول؟ هل هو آمن حيث هو؟ فعملت بنسون ومساعدوها على تبديد المخاوف البادية فأثبتت أن لمنع ثاني أوكسيد الكربون من التسرب تدريجاً، يقتضي حبسه في الوعاء الملائم، فتكون طبقاته الصخرية عصية على الارتشاح. والأمثلة على ذلك هي خزانات الغاز الطبيعي حيث يقبع غاز الميثاين ملايين السنين. وليست مخاطر الخزانات أكبر من تلك التي يواجهها المنقبون عن الغاز الطبيعي. ولن يحبس ثاني أوكسيد الكربون في شكل عشوائي. ولكن مجموعات بيئية أبدت قلقها من هذه التقنية ظناً منها انها تقضم قسماً من تمويل البحث عن مصادر طاقة بديلة. ورأى خبراء آخرون ان الوقود الطبيعي موجود ليبقى مدة طويلة، وينبغي التطرق لمشكلاته من دون التوقف عن تطوير بدائله. ونظراً الى ثقل المشكلة الراهنة ومداهمتها، فلا ضير من التطلع الى تقنيات كثيرة المناهج. عن إليزا ستريكلاند، إيست باي أكسبرس الأميركية، 14/9/2005