ينتخب الألمان غداً الأحد، وقبل سنة بالتحديد من الموعد العادي، برلماناً جديداً يقررون عبره اذا كانوا يختارون برنامج غيرهارد شرودر الاصلاحي أم برنامج منافسته الديموقراطية المسيحية انغيلا مركل. وينطلق الجميع من حقيقة ان هذه الانتخابات"مصيرية"لأنها ستقرر وجهة سير المانيا على المستويين الاقتصادي والاجتماعي في عالم تشتد فيه العولمة والتنافس الدولي. وكان شرودر قرر في أيار مايو الماضي، بعد خسائره المتتالية وخصوصاً هزيمته المرة في ولاية شمال الراين ووستفاليا، القلعة الصامدة لحزبه الاشتراكي الديموقراطي طوال 40 عاماً، الدعوة الى انتخابات مبكرة، وذلك بعدما شعر بأن جناح اليسار في الحزب بدأ بابتزازه وتهديد أكثريته النيابية ليفرض عليه التخلي عن نهجه. ودعا شرودر الشعب والناخبين الى قول الكلمة الفصل والاختيار بين اصلاحاته الضرورية التي تحافظ على الدولة الاجتماعية وبين اصلاحات المعارضة المسيحية والليبرالية الجذرية التي تقضي عليها وتبني اقتصاد السوق فوقها. وبدا شرودر منذ ذاك التاريخ وكأنه الخاسر الأكبر في هذه المعركة التي أرادها وفاجأ الجميع بها. وكانت الاستطلاعات الأولية حسمت المعركة لصالح المعارضة وزعيمتها مركل التي بدا أن انتصارها الساحق وتتويجها مستشارة أولى للبلاد لم يعد الا مسألة وقت، غير أن كفاح شرودر العنيد وكاريزميته القوية أخذا يقلبان رويداً رويداً المعادلة. ومنذ المنازلة التلفزيونية مع مركل التي أجراها في الرابع من الشهر الجاري وفاز فيها بوضوح راح شرودر يستعيد شعبية حزبه التي كانت وصلت الى الحضيض أكثر فأكثر الى ان أظهر مختلف الاستطلاعات التي جرت خلال الاسبوعين الماضيين ان نتيجة الاقتراع مساء غد أصبحت مفتوحة على كل الاحتمالات، خصوصاً ان ما بين 20 و30 في المئة من الناخبين لا يزالون مترددين في اختياراتهم. ولذلك تنصب كل الجهود حالياً لكسب هؤلاء في اللحظة الأخيرة، الأمر الذي يفسر استمرار الحملة الانتخابية حتى مساء اليوم السبت على غير عادة، اذ سيختتمها كل من شرودر ومركل في مهرجانين ضخمين لأنصارهما. وفيما يتوقع ان يحصل الاتحاد المسيحي على 41 أو 42 من الأصوات تراوح حصة الاشتراكي الديموقراطي بين 34 و35 في المئة. وتأكد ان نشوء حزب اليسار الجديد شكل استقطاباص لكل اليساريين المعارضين مع نهج الاصلاحات، وبينهم عدد كبير من أعضاء حزب المستشار الذين غادروه احتجاجاً وعلى رأسهم غريمه أوسكار لافونتين الرئيس السابق للحزب. وتعطي الاستطلاعات حزب اليسار حالياً بين 7 و9 في المئة بعد 12 في المئة. وعلى رغم ان معسكر اليسار يمكن أن ينال حسابياً أكثرية أصوات الناخبين، إلا أن تحالفاً ثلاثياً يجمع الاشتراكيين مع الخضر واليسار مرفوض حتى الآن من الأطراف الثلاثة. وفي حال ان المعارضة المسيحية والليبرالية لم تحصل على غالبية الأصوات يبرز احتمال قيام"تحالف كبير"بين مركل والاشتراكيين الذين سيفتشون عن زعيم جديد يحل محل شرودر. وحسب الاستطلاعات يفضل الناخب الالماني التحالف الكبير على غيره، وقد يصوت ايضاً بصورة هادفة في هذا الاتجاه علماً بأن كل الاحزاب والسياسيين والاقتصاديين حذروا منه. ومن غير المستبعد أن يلعب الناخبون الشرقيون دوراً أساسياً هذه المرة ايضاً لصالح الحزب الاشتراكي الديموقراطي بعد الاهانات التي وجهها اليهم حليف مركل البافاري ادموند شتويبر بسبب خسارته الانتخابات الماضية ضد شرودر ب6000 صوت شرقي.