بعد رواجه الكبير عند صدوره في بداية الألفية الجديدة، ها هو كتاب"حياة نجمات هوليوود: أحلام وفضائح"الذي وضعه البريطاني نايغل كاوثورن وتوزعه دار"إيفرغرين"يحتل مكانة مرموقة مرة ثانية في واجهات المكتبات الأوروبية. يتناول المجلد سير ألمع نجمات الفن السابع، فاضحاً تصرفات كل منهن والخصوصية المتسترة وراء قناع الحشمة المفروض من قبل الشركات المنتجة لعدم التفريط بثقة الجمهور العريض أو حتى إعجابه بنجماته. وبين الفنانات اللاتي يقضي المؤلف على سمعتهن الطيبة تحتل غريس كيلي أميرة موناكو في ما بعد الصدارة. بحسب ما يذكره كاوثورن، بَنَت كيلي مجدها السينمائي منذ مطلع الخمسينات، على حساب أناقتها ووجهها البريء الذي أوحى للمتفرج بنفس طاهرة وأخلاق مثالية. ورسخت هذه الصورة الإيجابية في أذهان الجمهور حينما غادرت غريس عالم الفن لتتزوج من أمير موناكو وتتحول إلى ربة بيت وأميرة وأم. ويفضح الكتاب الحقيقة العارية التي طالما خبأتها كيلي وراء المظهر الناعم الذي تميزت به، مدعياً أن كل نجوم هوليوود ومخرجيها ومنتجيها كانوا في ذلك الوقت على دراية تامة بالأساليب التي طبقتها الممثلة الشابة بغية الحصول على أدوار سينمائية جيدة."فهي كانت تقضي ساعات طويلة وحدها بصحبة أي مخرج يبحث عن فنانة حلوة لتولي بطولة فيلمه المقبل. وكان اللقاء عادة ما يدور في مكتب المخرج المزعوم أو المنتج في حالة قلة تمتع المخرج بالسلطة الكافية لتعيينها". وعلى عكس الإشاعات التي روجتها الشركات المنتجة في هوليوود عن غريس كيلي والمتعلقة بانتمائها إلى عائلة أرستقراطية رفيعة المستوى، كانت الممثلة الشقراء تتحدر من عائلة مؤلفة من أب متواضع عمل خادماً بسيطاً في أحد المصانع في ولاية كاليفورنيا وقضى سنوات طويلة من عمره في الحقد على الطبقة الأرستقراطية واستخدم وسامته ولباقته من أجل إقامة علاقات دورية مع أجمل النساء، شرط انتمائهن إلى مستوى اجتماعي أرفع من مستواه الشخصي. وهكذا انتقم من القدر الذي خلقه فقيراً، كما أنه كثيراً ما شجع ابنته على تسخير جمالها في خدمة النجاح الاجتماعي. فلا عجب لمن عرف كل ذلك، أن يتفهم الأسباب التي جعلت من غريس كيلي شابة طموحة تؤمن بمبدأ انتهاز جميع الفرص لتسلّق قمة المجد. ولم تنحصر علاقات غريس كيلي العاطفية برجال هوليوود فحسب، بل امتدت إلى أصحاب النفوذ العالمي مثل شاه إيران الذي يقول الكاتب إنه أبدى استعداده التام لفك ارتباطه مع النجمة ريتا هيوارث، في حال وافقت غريس كيلي على مشاركته حياة زوجية مستقرة. لكن غريس رفضت، وآثرت تحقيق أهدافها المهنية وهوايتها في مرافقة أكثر رجال هوليوود جاذبية، من غاري كوبر وويليام هولدن والمخرج فريد زينمان وكلارك غيبل إلى الفرنسي جان بيار أومون وراي ميلاند وبينغ كروسبي والمصمم أوليغ كاسيني. ألم تطارد جيمس ستيوارت شريكها في بطولة فيلم"النافذة الخلفية"لألفريد هيتشكوك، حتى وصل به الأمر إلى منعها رسمياً من محادثته خارج أوقات العمل حفاظاً على زواجه الحديث العهد. ألم تتباهى علناً في سهرات هوليوود بأنها أوقعت كلاً من غاري غرانت وفرانك سيناترا في حبال غرامها، ثم تركتهما بعد أن لعبت بمشاعرهما مثلما تلعب الطفلة بدميتها. ويقول الكتاب إن رينيه أمير موناكو، تجاهل حياة كيلي الماضية فور تعرفه إليها إلى درجة أنه فضل تصديق الشائعات الرسمية التي لقبت غريس"بعذراء الشاشة"على الكلام الذي انتشر يومها في أروقة هوليوود. وطلب يدها في العام 1956 مشترطاً عليها الاعتزال الفني وتكريس وقتها للإمارة وتكوين أسرة سعيدة. هكذا تسقط أسطورة أميرة موناكو في ثوانٍ عقب قراءة الصفحات التي دونها كاوثورن في شأنها، وهو شيء يصيب الكثيرين من محبيها بخيبة أمل، خصوصاً أنها رحلت في ظروف أليمة.