في وسط البحر الأبيض المتوسط من الجانب الغربي تقع جزيرة"مايوركا"التي تبدو أكبر جزر منظومة البليار، وهي تتمتع بحضور سياحي متميز، حيث تتعانق الطبيعة الساحرة مع التراث القديم، خصوصاً التراث العربي، لتشكل عناصر جذب ومتعة وتأمل لا مثيل لها عند مجاميع السواح القادمين الى هذه الجزيرة من كل أنحاء العالم. ويبدأ تراث الجزيرة الغزير منذ الفتح العربي لاسبانيا، حيث مرت الجيوش العربية، قبل وصولها الى شرق اسبانيا وشمالها وجنوب فرنسا بهذه الجزيرة التي لا تزال تحتفظ ببعض مرافقها العمرانية وقراها وسواحلها باسمائها العربية القديمة، مثل قرية"والدي موسى"التي تعتبر واحدة من أجمل القرى في الجزيرة، حيث يؤمها السواح يومياً للتمتع بجمال ريف مايوركا الساحر، وقد زارها عدد من الشخصيات العالمية المشهورة منهم على سبيل المثال الموسيقار الكبير جورج شوبان العام 1838 1839، والكاتبة الروائية جورج ساند وغيرهما كثيرون. بيد ان التراث الزاهر هذا وجد تعبيراً أعمق حين امتزج مع جمال الطبيعة المتميز، فالجزيرة تكاد تكون قطعة خيالية لا تضاهيها أية جزيرة من جزر البحر المتوسط الأخرى. فهي تتميز بتعدد الوجوه والمظاهر، فأينما تذهب تجد ما يضفي على مزاجك المزيد من الارتياح والغبطة والراحة. والشيء الذي يسهل عليك عملية الانتقال بين أطراف الجزيرة المختلفة، سهولة وانتظام ورقي شبكة المواصلات التي تعتبر نموذجاً للمواصلات في عموم القارة الأوروبية، فكل شيء متوافر، ولا يشعر السائح أو الزائر بأي صعوبة في التنقل من مكان الى آخر. شريط السواحل البحرية مليء بالبلاجات الفاخرة التي تؤمن كل مستلزمات الراحة والاسترخاء، اضافة الى الرياضة البحرية بأنواعها، بل وحتى الرياضات الأخرى، كتسلق الجبال وركوب الدراجات الهوائية، فهذه السواحل تتصل من أطراف عدة بالمرتفعات الجبلية التي تقدم فرصاً كثيرة لمحبي الرياضة الجبلية. غير ان اشهر الرياضات في الجزيرة هي رياضة الغولف حيث يوجد فيها نحو 15 ملعباً أو منتزهاً خاصاً بهذه اللعبة، ولأن هذه الرياضة تزدهر في"مايوركا"، كما وان بعض اللاعبين الدوليين يفضلون السفر اليها لممارسة التمارين أو أداء المسابقات، فإن الجزيرة تستقبل أيضاَ آلاف المشجعين والهواة. سواحل البحر والبلاجات والهواء النقي والمياه الزرقاء الصافية كلها تجتمع في محيط هذه الجزيرة الساحرة. فإذا أردت ان تتجول فلا بد لك ان تذهب لرؤية واحد من أجمل المعالم في الجزيرة، كنيسة سيرادي ترامونتانو، وحولها يمتد الريف الجميل وأشجار الفواكه وباستطاعتك الاستلقاء تحت احدى شجرات الزيتون لتستظل بظلها المنعش. وفي غرب الجزيرة تقع منطقة اندراكت التي تمر بها أجمل الطرق المتجهة نحو الشمال حتى حوض فورمنتور، خصوصاً منطقة سيرا دي ترامونتانو التي تعتبر لقطة مدهشة بجمالها الطبيعي ومياهها الصافية وهوائها العليل وشمسها الذهبية الساطعة. وفي عموم الجزيرة تنتشر المقاهي والمطاعم الصغيرة والكبيرة التي تقدم وجبات محلية مشهورة، مثل السمك المقلي أو المشوي مع طبق من الخضار المخلوط بعصير الطماطم والبهار الحار، أو أكلة الأرنب المشوي والمحشي بالرز، أو غيرها من الأكلات التي تتنوع بتنوع المطعم المايوركي. وعلى مدى النهار، تمتلئ سواحل الجزيرة وبلاجاتها بالسواح الذين إما أنهم يقضون وقتهم بين السباحة والتشمس، أو أنهم يمارسون أنواع الرياضة المائية والجبلية، أو يتسابقون في عباب البحر بواسطة زوارقهم. انها جزيرة تطفح بالجمال والمتعة، وهي من أفضل الأماكن لقضاء ايام الاجازة في موسمي الربيع والصيف، ولعل من يزورها للمرة الأولى لا بد أن يأتيها ثانية ولربما كل عام تقريباً.