تُعد الجزر اليونانية من أهم مناطق الجذب السياحي في العالم، ويبلغ عددها نحو 1400 جزيرة شكّلت قاعدة انطلاق الحضارة اليونانية القديمة التي غزت العالم من جهاته الأربع، وتركت وراءها إرثاً غنياً بالفنون والآداب أصبح جزءاً من تراث العالم الانساني. ومن أجمل جزر اليونان على الإطلاق جزيرة"كارباثوس"الواقعة على سواحل بحر ايجه. وهذه الجزيرة الرائعة عاشت محن التاريخ القديم بكل تفاصيله، وآخر مراحلها تلك الحقبة التي خضعت فيها على مدى 650 عاماً للاحتلالين العثماني والايطالي. لكنها في العام 1947 عادت الى أحضان اليونان من جديد والتحقت بركب الجزر اليونانية الأخرى، ثم بدأت مشوارها السياحي المتطور حتى أضحت في وقتنا الراهن إحدى أهم الجزر السياحية المزدهرة في أوروبا. "كارباثوس"جزيرة هادئة، وهي مثالية للسياحة العائلية حيث يتوافر فيها كل مستلزمات الراحة والاستجمام والمتعة، فضلاً عن المرافق الرياضية المختلفة، خصوصاً الرياضات المائية. وهي تمتلك سواحل بحرية جميلة ونظيفة للغاية، مثل شاطئ"آموي"الشهير الذي يحتضن بلاجات متنوعة منها بلاجات خاصة بالاطفال. وبين المرافق السياحية الواقعة على أطراف الجزيرة والعاصمة"بيكاديا"تتوافر المواصلات اليومية بشكل مضمون للغاية، فهناك باصات مخصصة لنقل السياح من وإلى العاصمة يومياً في أوقات محددة تعمم على جميع الزوار وتعيّن مناطق انطلاقها. وتكلف فترة الاقامة لمدة اسبوعين تقريباً في أحد فنادق الدرجة الثالثة، اضافة الى تذكرة السفر، نحو 700 دولار. وهذا المبلغ يعتبر في مقاييس السياحة العالمية رقماً زهيداً للغاية. وهناك مطاعم ملحقة بالفنادق تقدم وجبات منتظمة بأسعار زهيدة ايضاً، فضلاً عن الخدمات الأخرى التي يحتاجها السائح خلال إقامته في الجزيرة. يبلغ عدد سكان"كارباثوس"نحو 5300 نسمة، معظمهم يقطن المناطق السكنية الواقعة في المرتفعات الجبلية في جنوب الجزيرة. والاهالي يمارسون اعمال الخدمات والصيد والى حد ما إنتاج البضائع الزراعية المحدودة. تضم الجزيرة أروع السواحل المائية الصالحة لممارسة السباحة، خصوصاً شواطئ آخاتا وآموي وآركاسا المشهورة بصفاء مياهها وعذوبة هوائها وجمال شمسها التي تغمر كل أجزاء الجزيرة في الربيع والصيف وبعض أشهر الخريف. طبيعة الجزيرة الساحرة اختلطت مع طبيعة التراث الشعبي العريق الملقح بالثقافات المتنوعة. فبحكم تعاقب الأقوام الأوروبية والشرقية على هذه المدينة منذ القدم، أصبح تراثها يشبه الموزاييك الثقافي المتعدد الاصول، فالأتراك تركوا وراءهم آثاراً كثيرة من بينها طراز العمارة والمطاعم وبعض الألعاب والمقاهي، والايطاليون أيضاً خلّفوا جانباً من حضارتهم ذات الأصول الرومانية ومن بينها المعمار والمطبخ الايطالي وبعض العادات والتقاليد المكتسبة. لكن الأهالي ما زالوا متمسكين بتقاليدهم الوطنية الراسخة مثل المهرجانات والاحتفالات التي يرتدي فيها الرجال والنساء ملابسهم الشعبية القديمة، وتتزين النساء بالحلي القديمة المتوارثة. وفي هذه الأعياد والمناسبات، خصوصاً في مواسم السياحة المختلفة، تزدحم المقاهي بالناس من مختلف الاعمار، وتصدح الموسيقى والرقصات الشعبية حتى الصباح، الأمر الذي يترك أثراً بالغاً في نفوس السياح والزوار الأجانب الذين يندهشون لهذه الاحتفالات ويتأثرون بها كثيراً. الطبيعة الوحشية البكر تميز معظم المناطق في هذه الجزيرة الرائعة، خصوصاً مناطق الشمال حيث توجد على قمة إحدى المرتفعات القرية الأولمبية الشهيرة. وعلى امتداد الجزيرة تنتشر المتنزهات الجذابة والبيوت الريفية الجميلة والأزقة الصخرية المتميزة. وهناك كثير من المعالم السياحية الأخرى، إضافة الى مجالات اللهو المتنوعة، ومن بينها مرافق الرياضة المائية المزدهرة، وتشمل ممارسة سباق الزوارق والألعاب البهلوانية والغوص. إنها جزيرة رائعة تستحق الزيارة، وتكاليف الاقامة فيها زهيدة للغاية. وهي تشبه في معظم حياتها اليومية حياة المدن الشرقية، خصوصاً المدن العربية.