تعتبر جزيرة سري لانكا واحدة من أجمل الجزر الآسيوية على الاطلاق، فهي متميزة بجوها الدافئ ومياهها الصافية وطبيعتها الخلابة وأيضاً بتطور صناعتها السياحية التي تروق لجميع الزوار المتدفقين عليها بالملايين سنوياً، والقادمين من القارات الخمس. كانت ولا تزال موضع اهتمام الاوروبيين الذين ان غادروها كمستعمرين، لكنهم لم يغادروها كعاشقين لذلك الجمال المتألق، فأصبحوا من أكثر المعجبين بها على الاطلاق. هذه الجزيرة العائمة في مياه المحيط، تعرضت كما تعرضت المناطق الاخرى، للتسونامي اثناء أعياد الميلاد في العام الماضي، حيث تضررت سياحتها بشكل رئيس. فقد دمر الاعصار 48 مجمعاً من الفنادق الساحلية، ومن بين هذا العدد انهار 8 فنادق بالكامل، والآن لم يتبق سوى 26 فندقاً أعيدت اليها الحياة من جديد، فأصبحت نواة الانطلاق لاعادة حركة السياحة الى طبيعتها الاولى في عملية بدت وكأنها تتسابق مع الزمن. احدى ابرز المدن السياحية في سري لانكا هي مدينة"وادوفا"، التي تضم عدداً من الفنادق الصغيرة والمتوسطة، ولكنها ايضاً تضم واحداً من اشهر فنادق الدرجة الاولى، انه فندق"الماء الازرق"الذي يقع في الجنوب من مدينة كولومبو. ومن مصادفات القدر، ان هذه المدينة لم تتعرض الى الاعصار، فسلمت سياحتها بشكل تام تقريباً، مما ساعدها في النهوض على قدمها لتعويض ما لحق بالمدن والسواحل الاخرى من خسائر لا تعد ولا تحصى. هذا الفندق الشيق يطل على ساحل البحر، وينبطح امامه حوض كبير تغطيه المياه الصافية المائلة الى الزرقة، وتصطف حوله او على جانب منه اشجار النخيل الشاهقة، ويحاول استعادة انفاسه وكفاءته بفضل طاقمه الشاب المتحمس. في منطقة الفندق حيث تتمدد المدينة، فتحت المطاعم أبوابها لاستقبال الضيوف، وهناك يوجد احد ابرز هذه المطاعم وهو مطعم"فيلا اوسيان فيو"الذي يأمه السواح على مدى الليل والنهار. وعلى مسافة بضعة كيلومترات نحو الجنوب من مدينة"وادوفا"تقع مدينة سياحية اخرى هي العاصمة التاريخية لسري لانكا"كالي"، واخرى لا تقل اهمية عن سواها وهي مدينة"اوناواتون"التي تبعد نحو 120 كيلومتراً من مدينة كولومبو، ويوجد فيها اجمل وارقى السواحل الرملية الشهيرة، التي يقصدها السواح من كل مكان. وهذه المدينة لا زالت تحتفظ برونقها وبهائها، وفيها احد الفنادق الراقية الذي لم يتعرض الى اي مخاطر جراء المد البحري. شوارع المدينة ومطاعمها وفنادقها الصغيرة المتناثرة في كل مكان تقريبا تتحرك بحيوية كبيرة، حيث بدأت مجاميع الزوار تحط رحالها فيها من جديد. وراحت ملامح الازدهار السياحي تطل على مدن سري لانكا بعد ان خمدت الكارثة ورحل الاعصار عنها، ففي مدينة"اوناواتون"او في المدينة التي تقع جنوبها"كوكالا"قام السكان المحليون وقبل كل شيء بتنظيف الموانئ الصغيرة وميناء الرياضة المائية المعروف ومراكز السياحة المائية الاخرى، ومواقع غوص السباحين. وفي مدن اخرى استعادت الخدمات السياحية نشاطها، وبدأت المؤسسات المعنية بهذه الخدمات تقديم التسهيلات الكبيرة للسواح بغية جذبهم من جديد، والامل شد هذه المؤسسات بأن هذه المرحلة الانتقالية سوف لن تتعدى الشهرين تقريباً حتى تعود الحركة السياحية الى سابق عهدها. سري لانكا تقع على خط الاستواء، وحرارة الجو فيها تتحرك بحدود 27 درجة مئوية، وينسحب الامر على مياهها ايضاً. والموسم الرئيس للسياحة يبدأ من الشهر الثامن من كل عام وينتهي في الشهر الثالث من العام الذي يليه. كانت سري لانكا موضع اهتمام الاجناس القديمة، التي جاءتها من الاصقاع القريبة او البعيدة. ومنذ القرن الخامس الميلادي اصبحت تضم مجتمعات استيطانية كبيرة، ولكن قبل هذا التاريخ، اي في القرن الاول الميلادي سكنها ايضا مجموعات بشرية قليلة الى حد ما، ولكن في زمنها كانت تعتبر شعوبا كبيرة، وفيها ظهرت البوذية التي يعتنقها اليوم ثلاثة ارباع سكانها البالغ عددهم 20 مليونا، اما المجموعة الدينية الثانية في سري لانكا، فهي مجموعة الاقلية الهندوسية. وتعتبر منطقة مرتفعات الاسود"سيغيريا"واحدة من اجمل المناطق الجبلية، ولها قصة فريدة بطلها الامير"كاسيجابا"الذي قتل والده طمعاً بالاستحواذ على المملكة. تأخذك السيارة الى مرتفعات الاسود وهي عبارة عن قرية صغيرة، وتمر بسهول منبسطة باتجاه المرتفعات التي ترتفع نحو 200 متر عن سطح البحر. ولهذه القرية تاريخ حافل فهي فضلا عن كونها اشهر القرى التاريخية في آسيا، كانت في وقت من الاوقات عاصمة مملكة"لانكا". وحين قتل"كاسيجابا"والده، اختار اعلى هذه المرتفعات لبناء مقره عليها خوفاً من انتقام الاعداء، وخلال اقامته في هذا المقر الذي يناطح السحاب، بنى سلسلة من القصور الفخمة التي لا زالت قائمة الى الآن، وانشأ الحدائق الواسعة والبحيرات الجبلية الرائعة وفتح منافذ للشلالات التي يتدفق منها الماء على تلكالصخور الصماء، فضلا عن احواض الزينة والسياحة والنافورات والمتنزهات. وتحت الجبل توجد غاليري كانت تحتوي على عدة مئات من اللوحات، لم يتبق منها سوى 20 لوحة. ولكن حتى هذه اللوحات تعكس روعة الفن التشكيلي السري لانكي الذي يدل على نضوج الحركة الفنية في عموم البلاد. سري لانكا تنهض من جديد، وتستعيد حضورها السياحي المتألق وهي تستقبل المزيد من أفواج السواح من بريطانيا والمانيا والدول الاسكندينافية المختلفة اضافة الى سواح آسيا ذاتهم. وما هي الا اشهر قليلة حتى تعود هذه الصناعة الى سابق عهدها، كما كانت عليه في السابق.