يمزج الكتاب الأول لعصمت الحجار الملحوق، الصادر عن دار الساقي في بيروت عن عنوان"الدبلوماسية واجهة ومواجهة"، والذي ينتمي الى مكتبة السيرة الذاتية، بين الروائي والتوثيقي. اذ تسرد فيه الملحوق، بصيغة المتكلم، قصة انتقالها من الفتاة"الحجار"الى الزوجة"الملحوق"، وعالم الحياة الديبلوماسية، بعد زواجها من السكرتير الأول في السفارة السعودية في لبنان آنذاك وسفير المملكة في ما بعد، عبدالله الملحوق أبو محمد الاسم الأحب الى قلبها. وتنقّلا للعيش بين لبنان والخرطوم والجزائر واليونان بصفتهما الرسمية، موثقة بالصور والمقالات والمقابلات والرسائل، أبرز محطات وانجازات حياتها وحياة عائلتها الديبلوماسية على الصعد كلها، ومشرعة النافذة على الاحداث السياسية التي طرأت على العالم العربي عموماً ولبنان. وعرض ايضاً"المهاترات التي أدت الى انقسامات خطيرة بين الدول العربية"وقسمتها الى محورين:"رجعية امبريالية"او"تقدمية وطنية"، وكذلك قضية فلسطين التي"كانت قضية الوطن العربي"مثنية على دور المملكة"بالدعوة الى التسامح والترفع عن كل هذه المهاترات". فالكتاب قصة حياة امرأة"مشاكسة"من بلدة شحيم اللبنانية، عصمت الحجار، تزوجت وهي"بالكاد تجاوزت التاسعة عشرة من"غريب"من المملكة العربية السعودية، يكبرها سناً وله طفلة من زواج سابق. وعلى رغم الأسئلة التي كانت تلتمسها في نظرات المقربين لها ،"لم أخش ولم أتوجس منه لأنه كان رجلاً يحترم عهده وكلمته"، ثم"طالما تخيلت نفسي أطوف مدناً كثيرة أتعرف الى ناسها وأزقتها". تعرض الملحوق في هذا الكتاب، الرواية الواقعية بكل تفاصيلها وأحداثها ومشاكساتها، العادات الاجتماعية والسلوكيات العامة لأهل القرى اللبنانية، وتحديداً تربية ونشأة الفتاة القروية المتعلمة، مدبرة المنزل، العاملة، الوالدة، مخزون الحنان والدفء، الماهرة في إعداد المأكولات الشهية، السيدة الاجتماعية والمضيافة، والاهم الزوجة التي تتواصل وزوجها بالأحاسيس والنظرات... فپ"لا تحتاج المرأة الى ان يبوح لها زوجها كي تعرف ما يفكر"، والتي تعود اليه لتستشيره وتستأذنه في كل تحركاتها وأعمالها. مما يدفع الى التأكيد ان الملحوق بطلة الرواية، من خلال معالجتها مواضيع الغربة والزواج المبكر، وتحمل المسؤوليات العائلية وتربية الاطفال، ومواجهة الموت وخطر فقدان الزوج. فمرض الطفل الوحيد، المرتبطة كلماتها عنه في كل مقطع من هذا الكتاب ببحر من الدموع المخنوقة خلف بوابة البسمة التي لم تكف عن تسطيرها ورسمها بالتفاؤل والقوة اللتين تتحلى بهما الحجار الملحوق لتمثيل السعودية الى جانب زوجها تمثيلاً مشرفاً ولائقاً.