اتفقت دمشقوأنقرة على خطورة "تحول العراق مركزاً لتدريب الإرهابيين وتصدير الإرهاب الى المنطقة". وكذلك خطورة "تساهل" الجانبين الأميركي والعراقي في التعامل مع هذا الأمر، والتركيز فقط على الداخل العراقي، و"استغلال" حوادث الإرهاب في العراق سياسياً للضغط على سورية من دون اتخاذ العراق خطوات على الأرض لضبط الحدود، أو التنسيق الأمني مع سورية وتركيا. جاء ذلك خلال زيارة نائب وزير الخارجية السوري وليد المعلم الجمعة الى أنقرة، حيث التقى وزير الخارجية التركي عبدالله غُل وبحثا الوضع في العراق لأكثر من 3 ساعات. ولم يعلن عن الزيارة حتى وقت متقدم ليل الجمعة، وعقد المعلم مؤتمراً صحافياً في أنقرة، نوّه خلاله بالتعاون الأمني التركي - السوري، معتبراً اياه "مثالاً يحتذى لدول المنطقة". ولمح الى أن فشل التعاون السوري - العراقي في المجال الأمني لن يكون مسؤولية دمشق، داعياً الجانب العراقي الى تعاون جدي و "عملي" مع دمشق، لمنع تسلل الإرهابيين الى العراق ومنه وقطع "التدريب والتمويل عنهم". وذكّر بالاجراءات الأمنية التي اتخذتها سورية على الحدود، في مقابل عدم اتخاذ الجانب العراقي "تدابير تذكر". وقال المعلم إنه كلما زادت دمشق اجراءاتها الأمنية ضد الإرهابيين، كلما تعرض الأمن السوري للخطر، وكما استهدف هؤلاء الإرهابيون سورية. وشدد في تصريح الى "الحياة" على خطورة انتشار الإرهاب في المنطقة و "ضرب سورية ولبنان ومصر والسعودية وتركيا بالإضافة الى العراق"، مؤكداً ضرورة "تفعيل تعاون أمني بين العراق وجواره يكون هدفه القضاء على هذه الآفة، بدلاً من سياسة تبادل الاتهامات واستثمار هذه الأحداث لأهداف سياسية". وقالت مصادر في الخارجية التركية ل "الحياة" إنها تتفق تماماً مع الموقف السوري، خصوصاً أن "العراق أصبح ملجأ لأوكار حزب العمال الكردستاني الذي جدد هجماته ضد الجيش والمدنيين الأتراك". وزادت أن الأمن التركي كشف أن مدبري هجمات 15 و20 تشرين الثاني نوفمبر 2003 التي استهدفت معبدين يهوديين والقنصلية البريطانية في اسطنبول، لاذوا بالفرار الى العراق، وكانوا خططوا للعمليات أثناء وجودهم فيه الى جوار تنظيم "القاعدة" هناك. ورأت مصادر تركية مطلعة أن "وقوف التعاون العراقي عند حد كيل الاتهامات، والتركيز على أمن المدن دون الحدود، واستهداف المتسللين الى العراق دون المستللين منه الى دول الجوار، يقوض التعاون الأمني المنشود في المنطقة، ويهدد بانتشار الإرهاب فيها انطلاقاً من العراق". وفي دمشق، اكدت مصادر مطلعة ل "الحياة" أمس أن المعلم أبلغ المسؤولين الأتراك أن بلاده تعتبر حزب العمال الكردستاني "منظمة إرهابية محظورة بحسب القوانين السورية". وكانت سورية سلمت أنقرة أكثر من 50 عنصراً وقيادياً تركياً في حزب العمال، كما أن السلطات الأمنية تعتقل عشرات من السوريين المنضوين تحت لواء الحزب، وبينهم 80 شخصاً لم يفرج عنهم ضمن قائمة ال312 كردياً الذين قرر الرئيس بشار الأسد اطلاقهم، على خلفية أحداث الشغب في القامشلي العام الماضي. وجاءت زيارة السفير المعلم لأنقرة، في وقت تمارس واشنطن ضغوطاً واسعة على تركيا ل "الانضمام الى نادي الضغط وفرض العزلة على سورية"، الأمر الذي أدى الى تأجيل "زيارة خاصة" لتركيا كان مقرراً أن يقوم بها الرئيس الأسد وعقيلته.