اكد الرئيس السوري بشار الاسد عشية قيامه بزيارة تاريخية الى أنقرة "معارضة قيام دولة كردية" في شمال العراق، وقال: "ان تقسيم العراق خط أحمر ليس لتركيا وسورية وحسب، بل لكل دول المنطقة". وسيزور الاسد اليوم الثلثاء قبل محادثاته الرسمية مع الرئيس التركي احمد نجدت سيزر ضريح مؤسس الدولة التركية مصطفى كمال اتاتورك. وبدا ان تقاسم "القلق" من الوضع في العراق وعمق العلاقات الثنائية، وفرا أرضية مشتركة ل"النظر بايجابية" الى ملفي لواء اسكندرون والمياه تمهيداً للتوصل الى "اعلان مبادئ مشترك" ينظم العلاقات بينهما في كل المجالات. ويتضمن البرنامج الرسمي ل"زيارة الدولة" خطوات رمزية خرج فيها الجانب التركي عن البروتوكول الرسمي احتفاء بأول زيارة لرئيس سوري منذ الانفصال عن الامبراطورية العثمانية العام 1916 والاستقلال العام 1946. وقال مسؤول سوري رفيع المستوى ل"الحياة" ان هذه الزيارة "تتوج تطور العلاقات في السنوات الخمس الماضية وتفتح عهداً جديداً في العلاقات بين انقرةودمشق"، معرباً عن امله بأن "تكون العلاقات الثنائية نواة للعلاقات العربية - التركية بعدما وصلت العلاقات بين أنقرة وتل ابيب الى طريق مسدود". وكان البلدان وقعا في السنوات الاخيرة عدداً من الاتفاقات الاقتصادية والتجارية والثقافية والامنية كان آخرها اتفاق للتعاون في مكافحة الارهاب وتبادل تسليم المطلوبين جرى توقيعه خلال زيارة وزير الداخلية السوري اللواء علي حمود الى انقرة منتصف الشهر الماضي. ويرافق الرئيس الاسد في زيارته وزيرا الخارجية فاروق الشرع والسياحة سعدالله أغا القلعة ومعاونا وزيري الخارجية والاقتصاد وليد المعلم وغسان حبش. اذ من المقرر ان يوقع البلدان اتفاقين لمنع الازواج الضريبي وحماية الاستثمارات، اضافة الى توقيع الدكتور اغا القلعة البروتوكول التنفيذي للاتفاق السياحي للعامين المقبلين. وفيما يعتبر الجانب التركي اتفاق اضنا الأمني في تشرين الاول اكتوبر 1998 الذي أدى لاحقا الى اعتقال زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله اوجلان "نقطة الانعطاف" في العلاقات بين دمشقوانقرة، قال المسؤول السوري: "ان نقطة الانعطاف كانت عندما شارك الرئيس سيزر في تشييع الرئيس الراحل حافظ الاسد في حزيران يونيو 2000". وما اعطى بعداً اضافياً الى العلاقات الثنائية رفض تركيا السماح لاميركا باستخدام أراضيها لغزو العراق. ويعتقد المسؤولون السوريون ان ذلك "كان مؤشراً لاجراء مراجعة تركية للعلاقة مع العالم العربي ومدى خطأ سياساتهم في العقود السابقة"، قبل ان يعزز قرار دمشق تسليم 22 مشتبها بهم في انفجارات اسطنبول الشهر الماضي، الثقة بين البلدين. ويجمع الطرفان ان اتفاقهما على رفض تقسيم العراق ومنع قيام كيان كردي يلهم الاكراد في الدول المجاورة للعراق و"القلق من الفوضى فيه" وتسلل مجموعات ارهابية عبر حدود كل منهما مع العراق، من الامور التي شجعتهما على الانخراط في اجتماع دول جوار العراق ومصر واستضافته في دمشقواسطنبول. وسيكون الملف العراقي في صلب محادثات الاسد مع سيزر ورئيس الوزراء رجب طيب اردوغان بعد ظهر اليوم الثلثاء، قبل زيارته الى البرلمان ولقائه رئيس جمعية الصداقة السورية - التركية رئيس لجنة الدفاع يوكسال جاووش اوغلو الذي اكد قبل ايام ان الجانب السوري "وعد بمنع أي عمليات ارهابية ضد تركيا". ومن المقرر ان يجتمع الرئيس الاسد غدا الاربعاء مع وزير الخارجية عبدالله غل الذي "يكسر البروتوكول" التركي بخروجه الى المطار صباح اليوم، يعقبه لقاء مع رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض دنجيز بايكال، قبل ان يزوره رئيس الاركان حلمي اوزكوك في مقر اقامة الاسد. والى المبادرتين الرمزيتين التركيتين خروج غل وزيارة اوزكوك سيحضر الرئيس سيزر مع الاسد الحفلة التي تقيمها مساء الاربعاء فرقة "انانا" الفنية السورية بعنوان "شام شريف" التي تتحدث عن العلاقات التاريخية بين بلاد الشام والعثمانيين. وعلمت "الحياة" ان الجانب التركي طلب من الجانب السوري ترتيب حفلة اضافية في انقرة كي يستطيع الرئيس سيزر حضورها، بعدما علم ان وزارة السياحة السورية تنظم حفلة في اسطنبول مساء الخميس في ختام زيارة الاسد، علماً ان الوفد الرسمي السوري سينتقل صباح الخميس الى اسطنبول حيث سيزور الاسد البورصة ويجتمع مع رجال اعمال واعلاميين فيها. وسيبقى الدكتور اغا القلعة يومين اضافيين لافتتاح معرض سياحي وعقد اللجنة المشتركة واجتماعات لرجال الاعمال والبحث في تطوير التعاون السياحي والإفادة من الخبرة التركية في هذا المجال. وقبل قيام الاسد بأول زيارة لرئيس سوري الى تركيا في التاريخ، توقف هاشم الاتاسي، في طريق عودته من المفاوضات مع فرنسا قبل الاستقلال وقبل ان يصبح رئيساً، في انقرة في ايلول سبتمبر 1936 واجتمع مع اتاتورك. وفي العام اللاحق كلف الرئيس الاتاسي رئيس الوزراء جميل مردم بيك بالسفر الى انقرة للتفاوض حول لواء اسكندرون الذي "اعطته" فرنسا الانتدابية الى تركيا في العام 1939.