أربك استمرار ارتفاع أسعار النفط في السوق الدولية خطط واضعي الموازنة السنوية في المغرب، الذين وجدوا أنفسهم بين سندان التهاب الأسعار, وحاجة الاقتصاد المحلي إلى تمويل الاستثمارات والتحكم في عجز النفقات. وقالت مصادر حكومية لپ"الحياة"، ان موازنة العام 2006 ستضع معدل برميل النفط في مستوى 50 دولاراً، في مقابل 34 دولاراً في موازنة العام الحالي. وأشارت المصادر، إلى ان أسعار النفط والعوامل المناخية غير المساعدة، قلصت من سقف النمو الذي توقعته الموازنة الحالية، إلى ما دون 2 في المئة. وبحسب الخبراء، فان النفط والجفاف افقدا الاقتصاد المغربي نحو نقطة ونصف نقطة من النمو, كما أدى تراجع الصادرات وزيادة الواردات إلى ارتفاع عجز الميزان التجاري إلى أرقام قياسية. ولتجنب المخاطر غير المتوقعة, حدد مهندسو الموازنة المقبلة سعر صرف الدولار بتسعة دراهم وعلى أساس 50 دولاراً كسعر وسطي لبرميل النفط, وحصروا عجز الخزانة بپ2 في المئة من الناتج الإجمالي, باستخدام آليات الخصخصة، التي قد تشمل بيع ما تبقى من حصص الدولة في شركة اتصالات المغرب. ويراهن المغرب العام المقبل على استقرار الأسعار الدولية، وعودة الانتعاش إلى الاقتصاد الاوروبي لتحقيق نمو يصل إلى 5.4 في المئة، في مقابل 1.8 في المئة في عام 2005، وهو اقل معدل نمو منذ سنوات. هذا مع العلم ان رقم النمو المطلوب لأوروبا يعتبر طموحاً وغير واقعي في ظل الأوضاع الحالية. وبالنسبة الى المغرب، البلد غير النفطي المعتمد على الزراعة والسياحة والتحويلات، فإن الاستقرار الدولي وعودة موسم الأمطار، قد يمثلان تعويضاً للاقتصاد المحلي، لأن تحسن الاقتصاد الدولي سيزيد من فرص تطوير الصادرات، والإفادة من المناطق التجارية الحرة، وسيجلب استثمارات دولية إلى المملكة. لكن تزامن العوامل الخارجية مع قساوة الجفاف، أعاد التأكيد ان المغرب يصعب عليه تحمل مشكلتين أو أزمتين في وقت واحد. تأجيل إعداد الموازنة المقبلة وربما لهذا السبب، تم تأجيل إعداد الموازنة المقبلة، إلى حين الانتهاء من وضع السيناريوات المختلفة، التي قد تضمن نمواً يقارب الپ6 في المئة من الناتج المحلي، من دون ان تضطر الحكومة إلى زيادة الضرائب. ويرى المراقبون ان على رئيس الحكومة إدريس جطو ان يتولى شخصياً وضع تفاصيل الموازنة المقبلة, لئلا تتكرر نتائج عام 2005، التي قلصت من سرعة الاقتصاد المغربي، الذي كان يتوقع ان يصل إلى 5 في المئة من النمو، قبل ان يسقط إلى ما دون 2 في المئة، أي نسبة النمو الديموغرافي نفسها. وينصح البنك الدولي بوتيرة نمو مرتفعة، على مدى عقد من الزمن, لامتصاص بطالة الشباب, وتحسين مستويات معيشة سكان الريف, وتقليص الفوارق بين المناطق المغربية, استعداداً للمناطق التجارية الحرة في عام 2012. وكانت دراسات مختلفة تناولت العلاقة بين النمو الاقتصادي, والتحسن الاجتماعي, ومعدلات البطالة, خلصت إلى ان النمو لا يؤدي بالضرورة إلى تحقيق تلك الأهداف مجتمعة، خصوصاً في مجال توفير فرص العمل, بسبب حاجة الشركات إلى تخصصات محددة قد لا تتوافر بالضرورة في طالبي العمل، في وقت توقف القطاع العام عن التوظيف، بعد ان قلّص عملية التوظيف من 20 ألفاً إلى سبعة آلاف وظيفة في عشر سنوات. واعتبر الخبراء، ان النمو الاقتصادي المغربي يبلغ ضعفي نظيره الأوروبي, لكن ذلك لم يمنع من استقرار معدلات البطالة 12 في المئة واستمرار حالات الفقر التي زادت في بعض المناطق ستة ملايين شخص، لارتباطها بعوامل مناخية الطقس أو خارجية الاستثمارات - الهجرة ، اكثر من علاقتها ببنود الموازنة العامة للدولة. وتقدر الموزانة بنحو 21 بليون دولار، والناتج المحلي الإجمالي بنحو 50 بليوناً، والدخل الفردي بأقل من ألفي دولار.