أعلنت لجنة الأممالمتحدة الخاصة بتعويضات حرب الخليج مساء أول من أمس عن"إنجاز مهماتها وتقليص نشاطها"في نطاق سكرتارية صغيرة تتولى متابعة مخلفات أعمالها التي استمرت 12 عاماً، ألزمت خلالها العراق على دفع أكثر من 52 بليون دولار تعويضات عن احتلاله الكويت بين 2 آب أغسطس 1990 و2 آذار مارس 1991، وهو تاريخ وقف إطلاق النار. وفي محصلة عامة، تلقت اللجنة ما يصل إلى 2.680.446 طلب تعويض من مختلف أنحاء العالم، بلغت قيمتها الإجمالية نحو 354.853 بليون دولار. وتمت الموافقة على 1.519 مليون طلب تعويض بلغت قيمتها الاجمالية نحو 53 بليون دولار، أي ما يوازي 14.9 في المئة من قيمة المطالبات المقدمة. وسدد العراق لغاية تاريخه نحو 19.167 بليون دولار من المبلغ الكلي الذي أقرته الهيئة، أي نحو 36 في المئة من المبالغ المقرة. التعويضات البيئية واختتمت اللجنة، التي تتكون من الدول الخمس عشرة الأعضاء الدائمين وغير الدائمين في مجلس الأمن، أعمالها الأخيرة في مجال دراسة طلبات التعويض التي امتدت على ثلاثة أيام وهي الجلسة السادسة والخمسين، حيث وافق مجلس إدارة اللجنة برئاسة السفير تاسوسو كريكوكيس ممثل اليونان على التقارير الأربعة الأخيرة الصادرة عن لجان المفوضين التي شملت 32.672 ألف طلب تضمن مطالب الأضرار التي لحقت بالبيئة، تقدمت بها في شكل خاص كل من الكويت والمملكة العربية السعودية، وإيران، والأردن، وسورية، وتركيا. ووصلت القيمة الإجمالية للمطالبات التي تم عرضها في هذه الدورة إلى نحو 51بليون دولار. غير أن اللجنة أقرت منح 366.772 مليون دولار، وهو ما يعادل أقل من 1 في المئة من القيمة الإجمالية لهذه المطالبات، علماً ان معظمها خصص لتعويضات المطالبات البيئية. وقالت لجنة التعويضات أنها ستقوم"بتوزيع نحو 200 مليون دولار في تموز يوليو الجاري في مقابل مطالبات التعويضات التي تم إقرارها سابقاً". ويوازي هذا المبلغ المبالغ التي اعتاد العراق أن يسددها لمصلحة الهيئة كل ثلاثة أشهر أي بمعدل 800 مليون دولار سنوياً. وإذا ما استمرت عمليات الدفع على هذا المعدل، يفي العراق التزاماته المالية الإجمالية للهيئة البالغة نحو 32.9 بليون دولار بحلول 2035. محاور الجلسات وفي اليوم الأول للجلسات، طالب رئيس الوفد العراقي ووكيل وزارة الخارجية ورئيس لجنة التعويضات في الوزارة د. محمد الحاج حمود بپ"وقف دفع التعويضات نهائياً". غير أن طلبه لم يلق الصدى المطلوب في الهيئة. وكرر رئيس الوفد طلبه المذكور في تصريح أدلاه أمام الصحافيين في جنيف قائلاً:"نعتقد بأن الوقت قد حان لإيقاف الدفع وترك العراق يتفاوض مباشرة مع الدول المعنية، خصوصاً الكويت، كون هذه المبالغ تتجاوز طاقتنا وقدراتنا...". وأمام هذا الرفض، طالب الوفد العراقي بپ"تعليق دفع التعويضات لمدة خمس سنوات على الأقل"، لكنه جوبه مرّة أخرى بالرفض، إذ رد عليه رئيس الوفد الكويتي، خالد أحمد المضيف، بالمطالبة"بدعم سياسي دولي لضمان عدم توقف العراق عن الدفع". ومن ناحية أخرى، قالت الهيئة في مؤتمر صحافي عقده رئيسها السفير كريكوكيس في جنيف، أن"مطالب الأفراد تتمتع بالأولوية على مطالب الحكومات والشركات". وأنه"ينبغي الانتهاء من مطالبات الأفراد من الآن حتى بداية 2007". وفي اليوم التالي للجلسات، طالب الوفد العراقي"تقليص نسب الاقتطاع من العوائد النفطية من 5 في المئة إلى 1 في المئة، باعتبار أن الأسعار المرتفعة للنفط توفر المبالغ المطلوبة". ورفضت الهيئة هذا الطلب مجدداًً مذكّرة الوفد أنها"لا تملك صلاحية تغيير قرار مجلس الأمن الدولي"، وأن"مثل هذه المطالب ينبغي أن ترفع إلى مجلس الأمن مباشرة". لمحة تاريخية على عمل اللجنة تجدر الإشارة ان لجنة التعويضات كانت تسدد المطالبات، من صندوق تابع للأمم المتحدة تتم تغذيته عبر اقتطاع 30 في المئة من عوائد تصدير النفط العراقي بموجب برنامج"النفط مقابل الغذاء". غير أن هذه النسبة عدلت إلى 25 في المئة بموجب قرار صدر عن مجلس الأمن في 5 كانون الأول ديسمبر 2000. وبعد احتلال العراق، أصدر مجلس الأمن في 22 أيار مايو2003 القرار الرقم 1483، قلص بموجبه نسبة المبالغ المقتطعة إلى 5 في المئة من صادرات النفط العراقي، ومن ضمنه المنتجات النفطية والغاز الطبيعي. وأشار السفير كريكوكيس أن"الفحص والدراسة والتدقيق في أكثر من 2.5 مليون طلب تعويضات، خلال فترة زمنية قصيرة لا تتجاوز 12 عاماً، يُمثل إنجازاً هائلاً لا سابقة له في تاريخ قرارات المطالب الدولية". علماً ان مطالب التعويضات جاءت من 96 حكومة بالنيابة عن مواطنيها وشركاتها، إلى جانب مطالبات من منظمات دولية تابعة معظمها إلى الأممالمتحدة. واحتجت منظمات عدة غير حكومية، وخصوصاً منظمتي"صرخة في البرية"و"اليوبيل العراقي"أمام المقر الأوروبي للأمم المتحدة في جنيف ضد"استمرار عمل هيئة التعويضات". وأضرب عن الطعام بضعة عشر شخصاً هم أعضاء في المنظمتين لمدة أسبوعين احتجاجاً على"إلزام العراق بدفع التعويضات". ورفعوا شعارات حمل بعضها عنوان"العراق يدفع التعويضات للشركات الغنية". وقررت اللجنة ان تواصل عملها، بعد الانتهاء من مرحلة فحص المطالب وإقرارها، عبر سكرتارية صغيرة تتولى متابعة دفع التعويضات وتصفية مهماتها المتبقية. وتعقد الهيئة جلسة عادية من 27 إلى 29 أيلول سبتمبر المقبل. ووافقت اللجنة، في جلستها الأخيرة، على موازنتها المقترحة لعامي 2006/2007 التي تمول أيضاً من عائدات النفط العراقي.