لا تملك أفريقيا وجهاً واحداً للبؤس. ويعيق تخلص هذه القارة من البؤس عدم استباق اندلاع النزاعات وحلّها 186 انقلاباً حكومياً، وستة وعشرون نزاعاً في خمسين عاماً، وأداء النخب الحاكمة السيئ والفساد، وكابوس الأوبئة انخفض متوسط معدل الحياة في لوزوتو عشرين عاماً، ونقص البنى التحتية، وهجرة الادمغة، وتركة الاستعمار الثقيلة. وليست المساعدات الاجنبية لأفريقيا كافية. فمساعدات التنمية الحكومية في البلدان الغنية ارتفعت من 58 بليون دولار عام 2002 الى 78 بليون دولار عام 2004. وفي حين يتباهى بوش بتضاعف المساعدات المخصصة لأفريقيا ثلاث مرات في السنوات الخمس الماضية، سددت أفريقيا ضعف قيمة ديونها الخارجية العائدة الى العام 1980، وأصبحت مدينة بأكثر من ثلاثة أضعاف قيمة ديونها. أما اوروبا فتعهدت الالتزام عام 2015 بما سبق لها تعهده عام 1970، أي تخصيص برنامج مساعدة التنمية الحكومية ب 0،7 في المئة من الناتج القومي المحلي. وتخصص فرنسا بعض بلدان ما وراء البحار بالمساعدات. وكانت جزيرة مايوت من أبرز المستفيدين من المساعدات الفرنسية 140 مليون دولار عام 2003. ولكن هذه المساعدات تُقيد بعقود مع شركات البلدان الغنية الخاصة، ويصح الامر في سبعين في المئة من المساعدات الاميركية أو الايطالية. فتتبعثر المساعدات، ويبتلعها المستشارون الاجانب. ولطالما كانت مجموعة الدول الثماني من اشد المدافعين عن التبادل التجاري الحر، وعمليات الخصخصة، وتخفيض الرسوم الجمركية. وفي ثمانينات القرن المنصرم وتسعيناته، اعتمد كل من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي على السياسات القائلة بأن التبادل الحر يشجع التجارة، ويحفز النمو والتنمية، وربط بين تطبيق بنود هذه السياسات وبين حصول الدول على المساعدات. ولكن حصة افريقيا من التجارة العالمية انخفضت في العشرين سنة الماضية من ستة في المئة الى اثنين في المئة. وتعتبر منظمة كريستيان أيد البريطانية أن تخفيف القيود التجارية كلف جنوب الصحراء الأفريقية الكبرى 272 بليون دولار في العقدين الماضيين. وتخوض أفريقيا معركة غير متكافئة، ويتوجب عليها منافسة منتجات مدعومة في بلدان الشمال. فعلى سبيل المثال تقدم الولايات الاميركية 11 مليون دولار سنوياً من المساعدات الى مزارعي القطن الاميركيين، وتكتفي بتقديم 3 ملايين دولار الى أفريقيا. وتخالف بوستوانا مصنعة الماس نموذج البؤس الافريقي. فهي نجحت في بناء قطاع نسيج، وقطاع صناعة سيارات، وقطاع إلكتروني. وباتت نموذجاً ناجحاً للانتقال من اقتصاد معتمد على تصدير السكر الى اقتصاد متنوع. ولم يفلح أي بلد افريقي آخر في التخلص من قيود الاقتصاد القائم على عائدات المواد الاولية وعلى تقلب الاسعار العالمية بدءاً باسعار القهوة، والكاكاو، وانتهاء بالسكر والألومنيوم والنيكل. ويترتب على هبوط أسعار هذه المواد تدهور اقتصاد الدول الافريقية. فيتوريو دي فيليبيس وكريستيان لوسون، ليبيراسيون الفرنسية، 6/7/2005