أكد رئيس الوزراء العراقي ابراهيم الجعفري أمس انه واثق من ان الهجمات لن تمنع العراقيين من التوجه الى مراكز الاقتراع للادلاء بأصواتهم في الاستفتاء على الدستور منتصف الشهر الجاري، فيما ضاعفت وسائل الإعلام حملتها لحض العراقيين على المشاركة في التصويت. وأشار الجعفري في مؤتمر صحافي رداً على سؤال عن تأثير الهجمات في الاستفتاء، الى"تجربة 30 كانون الثاني يناير الماضي"، حين جرت الانتخابات التشريعية. وقال:"مورست عمليات تفجير ومدفعية وما شاكل ذلك لكنها لم تعيق الانتخابات ابدأ"، وموضحاً ان"بعض قطرات المطر في بعض بلدان العالم قد تسبب انخفاض عدد الناخبين". وتابع ان"العراقيين اثبتوا انهم يمارسون عملية الانتخابات تحت وابل الرصاص ومرمى المدفعية وقرقعة السلاح والتهديد بالتفجيرات"، مؤكداً انها"لم تكن مجرد تهديدات فقد سقط 36 شهيداً"في ذلك الوقت. وزاد ان"استعداد شعبنا لا يعني اننا سنقصر في حقن الدماء وفي توفير الأمن المطلوب. بل سنعمل قصارى جهدنا، سواء في المنطقة الغربية او اي منطقة من مناطق العراق من دون استثناء، لتوفير الأمن المطلوب للاستفتاء حتى يكون المواطن في منأى ومأمن عن أي سوء". الى ذلك، ضاعفت وسائل الاعلام العراقية حملتها داعية الناخبين الى الادلاء بأصواتهم بعد عامين ونصف العام من سقوط نظام صدام حسين. ويتوقع ان يشارك أكثر من 80 في المئة من العراقيين في الاستفتاء، بحسب استطلاع للرأي نشرت نتائجه الاسبوع الماضي. وعلق عدد كبير من الاعلانات وسط بغداد بأشكال واحجام مختلفة. وكتب عليها"شاركوا في الاستفتاء لضمان مستقبلكم ومستقبل ابنائكم"و"دستورنا خيمتنا"و"معاً لضمان حقوقنا في الدستور"و"الدستور سلاحنا الأمضى". كما علق رسم كاريكاتوري لعراقي علق وردة حمراء على صدره ووضع ورقة في صندوق الاقتراع بيد فيما وضع يده الاخرى في عين وحش كتب عليه بالعربية والانكليزية"الارهاب". وحذر الرئيس جورج بوش الشهر الماضي من وقوع المزيد من اعمال العنف قبيل الاستفتاء والانتخابات. وتمتلئ صفحات الصحف اليومية بالاعلانات المدفوعة الثمن بالعربية والكردية التي تنشرها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات لتشجيع العراقيين على المشاركة في الاستفتاء، وشرح الخطوات الواجب اتباعها. وفي أحد هذه الاعلانات"لنشارك في الاستفتاء على الدستور ونقول كلمتنا في دستورنا الجديد من أجل عراق المستقبل ومن أجل ترسيخ الديموقراطية والحرية". وفي اعلان آخر"القرار في يدنا فلنصوت معا لنضمن حقوق اطفالنا"، بينما يؤكد اعلان ثالث يظهر فيه رجل وامرأة يلوحان بعلامة النصر"مستقبل العراق له صوت هو صوتك". اما في التلفزيونات فتبدو تلك الاعلانات اكثر حيوية وتركز على التعايش بين مكونات الشعب العراقي بعيدا عن الطائفية. ويظهر في احد هذه الاعلانات رجال بملابسهم العربية يسحبون زورقاً من المياه، وقد امتلأ بالأسماك، ثم نساء يضعن الحلويات استعداداً لحفل خطوبة، ثم صورة رجال يصلون في احد المساجد، واخيراً رجل وامرأة وطفل يحملون الحقائب عائدين الى منزلهم المهجور. وفي آخر اللقطة يظهر صوت يقول"ليكن قرارنا من أجل العراق. فلنصوت من أجل العراق". وفي اعلان آخر يظهر أطفال يلعبون الكرة على مرمى حجر من مكان انفجرت فيه قنبلة، يعقبها لقطة لمحل حلاقة يظهر فيه شخص يحلق لحيته ثم لقطة لطلاب على مقاعد الدراسة. ويقول الاعلان:"يريدون خطف ابتسامتنا. يريدون سفك دمائنا. يريدون ان يكفروا صلواتنا. ويريدون اغتيال احلامنا، لكن مهما فعلوا، عن طريقنا لن نحيد. نحن العراق ابطال العراق"مع صورة شاب يضع ورقته في صندوق الاقتراع. من جهته، يقول جواد سعيد 45 عاماً وهو موظف"انا غير مقتنع بالدستور لأنه صيغ بأياد وأفكار كانت غائبة عن المسرح العراقي اكثر من ثلاثين عاماً". ويضيف:"مضى عامان ونصف العام منذ سقوط النظام السابق والوضع يسير من سيئ الى أسوأ ولم ينجح هؤلاء في انتشال العراق من المأزق"، مؤكداً"لهذا لن اصوت بلا او بنعم بل سأضع ورقتي بيضاء". ويقول عمر عبدالله 30 عاماً سائق سيارة اجرة:"سأصوت ضد الدستور لأنني أشعر انه سيقسم العراق"، مشدداً على انه"صحيح ان الدعايات والاعلانات المتعلقة بالدستور جميلة لكن الدستور نفسه غير جميل". ويتابع:"آمل ان تعاد صياغته ليصون وحدة العراق ارضاً وشعباً حينها سأكون أول المصوتين بنعم وبلا تردد من أجل العراق ولا شيء غير العراق". والسنّة الذين أمسكوا بالسلطة في العراق لعقود يعترضون على الدستور، خصوصاً الفقرات المتعلقة بانتماء العراق الى العالم العربي والنظام الفيديرالي وتوزيع الثروات. وهم يشعرون ان نص الدستور"يهدد مصالحهم الأساسية بتسهيله ضمناً تفكيك البلاد مما يؤدي الى حصرهم في منطقة معينة وتجريدهم من الموارد"وفقاً لما جاء في تقرير"مجموعة الأزمات الدولية"، وهي مؤسسة مهمة للابحاث في بروكسيل الاسبوع الماضي.