رفض الرئيس التركي أحمد نجدت سيزر أمس، المصادقة على قانون العقوبات الجديد الذي أقره البرلمان وبُدء العمل به منذ بداية الشهر الجاري. وجاء اعتراض سيزر على مادتين اثنتين، تتعلق إحداهما بمقاضاة المواطنين عن جرائم ارتكبوها خارج تركيا، والثانية وهي الأهم، تحدد عقوبة على القائمين على معاهد دينية غير مرخصة. وأشار سيزر إلى أن المادة الجديدة تخفف العقوبة على المسؤول عن إنشاء معاهد غير مرخصة ويمكن تحويلها من السجن سنة واحدة إلى غرامة مالية، كما أن المادة الجديدة تعفي العاملين والمدرسين في هذه المعاهد من العقوبة وتحصرها فقط بصاحب المعهد، معتبراً أن تخفيف العقوبة القديمة إلى هذا الحد سيشجع المتطرفين على إنشاء معاهد دينية سرية غير مرخصة يدرسون فيها التطرف والإرهاب الديني، مما يهدد النظام العلماني في تركيا. وكان نواب المعارضة انسحبوا من جلسة التصويت على القانون في البرلمان للسبب نفسه، بعدما فشلوا في إقناع رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء والحزب الحاكم في تشديد العقوبة على كل من يدرس الدين خفية وبعيداً من أنظار الحكومة، إذ تمسّك أردوغان بموقف حكومته، قائلاً إن الشعب التركي مسلم ولا يحق لأحد أن يمنعه من تعلم دينه. واستندت المعارضة في موقفها إلى إحصاء يشير إلى أن في تركيا أكثر من 4000 معهد مرخص لتدريس القرآن الكريم، وأن 800 فقط منهم يلقى إقبالاً من الشعب، مما يعني أن الدولة توفر تعليم القرآن للجميع، ولكن بضوابط محددة تمنع المتطرفين من الاستيلاء على هذه المعاهد وتحويلها إلى مراكز تدريب للإرهابيين. إلا أن مصادر في حزب العدالة والتنمية ذكرت ل"الحياة"أن الكثيرين من الاتراك لا يثقون بمعاهد الدولة لتدريس القرآن لأن الكثير منها يحجب بعض المعلومات عن طلابه وخصوصاً في ما يتعلق بأمور الشريعة والجهاد، وأن شريحة كبيرة من الناس تفضل تعليم أبنائها القرآن على يد من تثق به وهو في الغالب لا يحصل على إذن لإنشاء معهد ديني. وأضافت هذه المصادر أن الحكومة لن تتراجع عن موقفها وستعيد القانون الجديد إلى سيزر ليصادق عليه. من جهة أخرى، لفتت مصادر قومية إلى أن القانون الجديد أهمل أيضاً معاقبة المبشرين المسيحيين والذين ينشؤون كنائس غير مرخصة. وكان مجلس الأمن القومي اعتبر أن نشاط المبشرين المتزايد في تركيا ومن دون رقابة أو ترخيص يشكل تهديدًا للأمن القومي.