من المتوقع ان يتراجع الحزب الحاكم في تركيا عن ازمة حادة حول قانون للتعليم العالي مثير للجدل لكن تكتيكاته اثارت تساؤلات حول اهدافه بعيدة الاجل وتهدد بتقويض مساعيه للانضمام الى الاتحاد الاوروبي. وقال العنوان الرئيسي لصحيفة حريت اليومية اوسع الصحف انتشارا امس الاول (صورتنا الممزقة) فيما وافق البرلمان على قانون التعليم العالي بعد جلسة عاصفة استمرت طول ليل الاربعاء. وقالت الصحيفة ان التوتر حول القانون قضى على المناخ الايجابي الذي وفرته في الخارج اصلاحات تركيا للانضمام للاتحاد الاوروبي. حزب العدالة والتنمية الحاكم الاسلامي يريد تخفيف القيود على دخول طلبة من المعاهد الدينية الجامعة واصلاح هياكل التعليم العالي التي ترجع الى الحكم العسكري في الثمانينات. وتقول المؤسسة العسكرية القوية التي يؤيدها رؤساء الجامعات واحزاب المعارضة العلمانية ان القانون يهدد الفصل الصارم بين الدين والدولة في تركيا. كما اثار قرار رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان تجاهل تحذير الجيش واللجوء للاغلبية الكبيرة التي يتمتع بها في البرلمان لتمرير القانون قلق المستثمرين الذين يخضعون بالفعل لتقلبات أكبر في الاسواق الناشئة في العالم كما اثار قلق الاتراك الليبراليين الذين يؤيدون الهدف الاستراتيجي الخاص بالانضمام للاتحاد الاوروبي. وقال شدت ارجين الكاتب بحريت لرويترز ان الذين يتشككون في حزب العدالة والتنمية وتبنوا وجهة نظر مؤيدة لاصلاحاته السياسية يسحبون تأييدهم الان. وتابع قائلا: الوقائع تبين ان تحويل حركة اسلامية سياسية الى حزب سياسي ينتمي لتيار الوسط ليست مهمة سهلة. وقال دبلوماسي مقيم في انقرة: هناك رائحة ثقة مفرطة بالنفس بأن النجاح يجرف حزب العدالة والتنمية. من جانبه يوافق دوجو ارجيل المحلل بجامعة انقرة على ذلك. وقال: هذا صدام عقائدي واستعراض للقوة في توقيت خاطئ لا يمكن ان يكون فيه منتصرون لكنه استطرد قائلا: بيد ان اردوغان وحكومته براجماتيون ايضا واتوقع ان يتوصلوا الى حل وسط. ومن المتوقع على نطاق واسع ان يحظر الرئيس التركي العلماني احمد نجدت سيزر القانون الجديد. وامامه مهلة 15 يوما. لكن اذا اعادته الحكومة دون تعديل مرة أخرى فلن يكون امام سيزر سوى الموافقة عليه او اللجوء الى المحكمة الدستورية. وقال دبلوماسي آخر: احساسي هو ان اردوغان سيكون مسرورا باعتراض الرئيس. هذا سيتيح لحزب العدالة ان يقول لمؤيديه.. فعلنا ما يمكننا عمله لكن منعنا ،لكن بعض المعلقين يقولون انهم يعتقدون ان الحكومة تريد ان يكون للمحكمة الدستورية القول الفصل. ولا يتوقع أحد تكرار ما يسمى (انقلاب ما بعد الحداثة) الذي حدث في عام 1997 عندما اجبر الجيش بتأييد كبير من الجماهير حكومة نجم الدين اربكان الاسلامية على الخروج من السلطة بسبب التهديد المتصور انها تشكله على النظام العلماني. ويعرف كل من اردوغان وهيئة الاركان العامة للجيش التركي ان سيناريو متطرفا كهذا سيحطم آمال تركيا في اقناع الاتحاد الاوروبي في ديسمبر القادم ببدء محادثات تأجلت كثيرا لانضمامها اليه. وقال الدبلوماسي الثاني: ارتكب حزب العدالة والتنمية اخطاء لكنه لم يبعد نظره ابدا عن ذلك الهدف الاستراتيجي المتعلق بالانضمام الى الاتحاد الاوروبي.