لو قطعنا البطيخة الى اقراص دائرية ونظرنا ملياً اليها فبماذا يذكرنا شكلها؟ ان شكلها يشبه الدولاب، ويقال والكلام على ذمة قائليه، ان هذا الشكل كان الشرارة التي اوحت الى ابتكار الدولاب؟! وسواء صدقنا هذه الرواية أولاً فهذا ليس مهماً، فالمهم ان نقوم باطلالة قصيرة على البطيخ لنتعرف الى خصائصه الغذائية والشفائية. يعد البطيخ من اكثر الفواكه الصيفية انتاجاً واستهلاكاً، فالناس يتهافتون عليه، زرافات ووحداناً، في ايام القيظ للتخفيف من وطأة لهيب الصيف ولترطيب الجسم واطفاء العطش نظراً لغناه بالماء الذي تتجاوز نسبته فيه التسعين في المئة من وزنه قشراً ولباً وبذوراً. وينصح المصابون بارتفاع ارقام الضغط الشرياني ان يكثروا من وضع البطيخ على موائدهم بسبب غناه بمعدن البوتاسيوم الذي يسهم في در البول فيريح الجسم من عناء السوائل المتراكمة التي تشكل عبئاً ثقيلاً على القلب والاوعية الدموية، ونتيجة ذلك فان ارقام الضغط المرتفع تميل الى الهبوط. والى جانب البوتاسيوم يحتوي البطيخ على كميات متواضعة من معادن الكلس والمغنيزيوم والفوسفور وكميات شحيحة من المعادن الاخرى مثل الزنك والنحاس والحديد والمنغنيز... الخ. من جهة الفيتامينات يوجد في البطيخ بعض منها من اهمها الفيتامين حامض الفوليك الذي ينتمي الى عائلة الفيتامينات ب، وأهمية هذا الفيتامين معروفة على اكثر من صعيد، فهو يقي الجنين من التشوهات ويحمي الحوامل من التعرض للولادات الباكرة والناقصة الوزن، ويدفع عنهن شبح التعرض لنوبات الحزن والسوداوية التي تحدث عقب عملية الوضع. وحامض الفوليك يعتبر واحداً من أهم الفيتامينات التي تجنب القلب والاوعية الوقوع تحت رحمة مادة الهيموسيستيئين الضارة، وهذه الاخيرة هي مركب كيميائي ينتج عن استقلاب الحماض الاميني، ميثيونين الذي يتواجد بوفرة في المنتجات البروتينية، فكلما زاد استهلاك هذه المنتجات زادت مستويات الهيموسستيئين في الدم، وقد افادت احدى الدراسات بوجود علاقة طردية ما بين مستوى الهيموسيستيئين في الدم والاصابة بالامراض القلبية الوعائية، فكل زيادة، حتى ولو كانت طفيفة، لها وقعها السيئ على الاوعية الدموية لأنها تسرّع من عجلة تصلبها وتضيقها وانسدادها، لتؤدي عاجلاً أم آجلاً الى مطبات صحية عواقبها وخيمة للغاية. وعلى صعيد آخر، فإن لحامض الفوليك اثراً واقياً من البوليبات المعوية، وهي آفات سليمة في البداية ولكنها قد تتحول الى اورام خبيثة في النهاية، وقد اكد الباحثون ان الاشخاص الذين يأخذون كميات عالية من الفيتامين حامض الفوليك هم اقل تعرضاً لخطر مداهمة البوليبات المعوية بنسبة تتجاوز ال 33 في المئة. وفيما يتعلق بلون البطيخ فان صباغاً مشهوراً هو المسؤول عنه واسمه الليكوبين، وهو ينتمي الى عائلة لها حسب ونسب هي الكاروتينيدات التي لها سمعة طيبة على صعيد الصحة. وعلى الاخص تأخير شبح الشيخوخة ودرء شر السرطانات، ففي دراسة قام بها الدكتور جيوفانوتشي من كلية طب جامعة هارفارد الاميركية على 48 الف شخص ولمدة 7 سنوات، اوضح ان تناول اطباق غنية بالليكوبين على الاقل عشر مرات في الاسبوع يسمح بابعاد خطر التعرض لسرطان البروستاتة بمعدل 21 الى 34 في المئة. وفي دراسة اخرى اجريت من جانب البروفسور الاميركي أومير كيوتشوك استاذ علم الاورام من معهد كارامانوس لابحاث السرطان، جاءت النتائج لتبين ان اعطاء صباغ الليكوبين للمصابين بسرطان البروستاتة ادى الى تراجع الاورام عندهم وكذلك الى هبوط مستوى العامل البروستاتي PSA الدليل البيولوجي للتحري عن السرطان. ان فائدة الليكوبين لا تقتصر على الوقاية من سرطان البروستاتة فقط، بل هو يحمي من اورام آخرى مثل سرطانات الفم والحنجرة والمري والمعدة والقولون والمستقيم. مسك الختام، هناك ثلاث نقاط مهمة نشير اليها وهي: 1- ان البطيخ هو من فواكه الصيف الاقل احتواء على السعرات الحرارية فكل 100 غرام تعطي 35 سعرة فقط لا غير. 2- ان البطيخ الاصفر والاحمر متشابهان في التركيب لكن الاول اكثر غنى بالبروتينات والفيتامينات والمبالغة في أكله قد تسبب التعفنات المسؤولة عن اطلاق سلسلة من الاسهالات. 3- احذروا البطيخ المقسوم وخصوصاً المعروض على البسطات، اذ ليس مستبعداً ان يكون ملوثاً ومحملاً بما هب ودب من الجراثيم.