عادة ما تعتمد قرارات المستثمرين في أسواق الأسهم الخليجية والعربية سواء بالبيع أو الشراء على البيانات المالية الربعية كل ثلاثة اشهر التي تنشرها الشركات المساهمة العامة، وهي ما تسمى البيانات الدورية، إضافة إلى اعتمادهم على البيانات الفورية والتي تنشرها الشركات خلال العام، وتتضمن معلومات اخرى غير مالية أو جوهرية تؤثر في أسعار اسهم الشركات، وسعرها العادل. وتنبع أهمية توقيت الإفصاح الدوري والفوري في الحفاظ على عدالة التعامل بين المستثمرين في الأسواق المالية، وعدم استغلال المعلومات من المطلعين على البيانات المالية بهدف تعزيز الثقة في الاستثمار في هذه الأسواق. غير أن المراهنة على نتائج الشركات قبل نشرها، أو استباق النتائج، أصبحت إحدى الظواهر الاستثنائية التي نلمسها حالياً، والتي تعتبر من إفرازات التوسع الكبير في مؤشرات الأسواق المالية خلال العامين الماضي والحالي، وفي مقدمها أسعار الأسهم المدرجة، إضافة إلى اتساع قاعدة المضاربين والمستثمرين. وعزز هذا بالطبع الدور الذي تلعبه الإشاعات والتي يروجها المضاربون قبل نشر البيانات بحيث أصبحت الإشاعات صانعة لبعض الأسوق market makers. ويلاحظ التفاوت الواضح في أداء مؤشرات الأسواق الخليجية والعربية خلال الفترة التي مضت من هذا العام. وهذا بالطبع يعكس تفاوت نشاط المضاربين والمستثمرين واتساع قاعدتهم، إضافة إلى تفاوت حجم السيولة، وتفاوت أداء الشركات. وكذلك نلاحظ أن مؤشر السوق السعودي، والذي يحتل المرتبة الأولى بين الأسواق الخليجية والعربية في الكثير من المؤشرات، وفي مقدمها القيمة السوقية، ارتفع خلال هذا العام بنسبة 58.3في المئة، بينما ارتفع مؤشر سوق الإمارات استناداً إلى مؤشر بنك أبو ظبي الوطني بنسبة 92 في المئة، وارتفع مؤشر سوق الكويت للأوراق المالية بنسبة 37.9 في المئة، ومؤشر سوق البحرين بنسبة 23.4 في المئة، ومؤشر سوق الدوحة للأوراق المالية بنسبة 48 في المئة، ومؤشر سوق مسقط بنسبة 52 في المئة ومؤشر سوق الأردن بنسبة 41 في المئة. والملاحظ خلال هذه الفترة نشاط غير طبيعي تشهده بعض الأسواق الخليجية والعربية سببه استباق نشر نتائج الربع الثاني، أو النصف الأول من هذا العام، من جانب المضاربين بحيث نلاحظ ارتفاعاً كبيراً في أسعار اسهم بعض الشركات إلى مستويات تعتبر في الكثير من الأحيان غير مبررة وغير منطقية. وفي المقابل يعتمد بعض المستثمرين أو المضاربين في تقديرات أرباح الربع الثاني على أداء الشركات خلال فترة الربع الأول على رغم توقعاتنا عدم تكرار أرباح بعض الشركات لأسباب مختلفة. كما نلاحظ تجاهل بعضهم للمؤشرات المالية ومؤشرات تقويم أسعار اسهم الشركات المدرجة عند اتخاذ قرارات الشراء. والتفاؤل في أداء الشركات مطلوب في بعض الأسواق، يعززه أداء الاقتصاديات الوطنية وانعكاسه على ربحية هذه الشركات. إلا أننا ننصح بعدم الإفراط في التفاؤل حتى لا تكون انعكاساته سلبية بصورة عميقة على أداء هذه الأسواق. ويلعب انخفاض الوعي الاستثماري وعدم معرفة الأسعار العادلة لأسهم الشركات المدرجة، دوراً مهماً في تحرك الأسعار واستقرار الأسواق. والملاحظ أن مضاعف الأسعار، وهو من المؤشرات المهمة في الحكم على واقعية الأسعار في بعض الأسواق الخليجية، تجاوز حاجز 40 مرة، وتحديداً في سوق الإمارات وسوق السعودية وسوق الدوحة. ويعكس هذا الارتفاع الكبير في هذا المؤشر ارتفاع المضاربة والمخاطرة في هذه الأسواق، ما لم يساهم نمو كبير في أرباح الشركات في تخفيض مستوى هذا المؤشر. مستشار بنك ابو ظبي الوطني للأوراق المالية.