عاد أعضاء الفريق الدولي للتحقق من الانسحاب السوري الكامل الى لبنان، فيما اتجهت الانظار أمس الى الشمال الذي يشهد الاحد المقبل الجولة الأخيرة من الانتخابات النيابية. وزار العماد ميشال عون أمس المنطقة مسجلاً اختراقاً سياسياً، بعد انتصار انتخابي في المتن وكسروان - جبيل، بحصوله على دعم رئيس الوزراء السابق عمر كرامي بعدما صالحه مع النائب سليمان فرنجية. وفيما سعى عون الى استثمار انتصاره في الجبل يتوجه النائب المنتخب سعد الحريري اليوم الى الشمال لاستنهاض مؤيديه في مواجهة تحالف عون وفرنجية. راجع ص 2 و3 و4 وكرس اعلان النتائج الرسمية للمرحلة الثالثة من الانتخابات فوز العماد عون بكتلة نيابية من 14 نائباً في جبل لبنان والبقاع وتحوله زعيماً مسيحياً في وجه المعارضة، فيما ثبتت أرجحية رئيس"الحزب التقدمي الاشتراكي"وليد جنبلاط على الجزء الجنوبي من الجبل، وزعامته الدرزية الكاسحة، بالتحالف مع جميع قوى المعارضة و"حزب الله"وحركة"امل"وصولاً الى البقاع الغربي وراشيا، بكتلة نيابية من 17 نائباً. وفيما كرست النتائج أرجحية"حزب الله"الكاسحة مع حلفائه في البقاع الشمالي، حيث نجحت اللائحة المدعومة منه ومن حركة"امل"بكاملها وأرجحية"تيار المستقبل"في البقاع الغربي الذي حصد أربعة نواب جدد ينضمون الى كتلته في بيروت، فإن الأخير خسر الاختبار امام زعامة النائب الياس سكاف المتحالف مع عون في البقاع الأوسط، اذ لم يتمكن من اختراقها سوى النائب نقولا فتوش. وفيما ثبتت النتائج النهائية نيابة بيار امين الجميل عن المقعد الماروني في دائرة المتن الشمالي، اذ كان الوحيد الذي تمكن من اختراق لائحة التيار العوني المتحالف مع نائب رئيس المجلس النيابي ميشال المر، فإن انتصار عون في جبل لبنان الشمالي جاء ترجمة لتحولات سياسية في الوسط الشعبي المسيحي جعلت الجنرال قطباً مسيحياً رئيساً، نجح في إسقاط رموز نيابية مارونية أبرزها نسيب لحود وفارس سعيد ومنصور البون وفريد الخازن وعميد حزب الكتلة الوطنية كارلوس اده في كسروان - جبيل والمتن الشمالي، ما يطرح على هؤلاء تحديات كبرى في المرحلة المقبلة. لكن هذه النتائج ثبتت في الوقت نفسه انتصار المعارضة في جبل لبنان الجنوبي، في شكل أخرج القطب الدرزي الثاني في جبل لبنان النائب طلال ارسلان، فحصد جنبلاط نائبين درزيين اضافيين من المقربين إليه في عاليه والبقاع الغربي، وكان للتحالف مع"حزب الله"دور رئيسي في الكسب الذي حققه الزعيم الدرزي. وأبعد انتصار"تيار المستقبل"في البقاع الغربي رمزين اساسيين من رموز الموالاة للسلطة وسورية، هما عبدالرحيم مراد وإيلي الفرزلي، فيما ابعد تحالف عون مع سكاف في البقاع الأوسط رمزاً حليفاً لآل الحريري هو النائب محسن دلول. ونقل عون منذ أمس، معركته متسلحاً بانتصاره في جبل لبنان، الى الشمال، فزاره لتكريس تحالفه مع النائب فرنجية لاستنهاض الناخبين هناك. ثم انتقل مع فرنجية لزيارة عمر كرامي الذي كان أعلن مقاطعة الانتخابات ترشحاً واقتراعاً، ما أسفر عن اعطاء كرامي ضوءاً اخضر لأنصاره كي يشاركوا في التصويت لمصلحة اللائحة المدعومة من عون وفرنجية. وكانت الزيارة مناسبة لمصالحة فرنجية وكرامي بعد انزعاج الأخير من تسمية فرنجية منافسين له على لائحة تحالفه مع عون. وأكد كرامي انه سيتعاون مع العماد عون على الصعيد السياسي في المرحلة المقبلة. وعلم ان تحرك عون في اتجاه الشمال يعود الى ان استطلاعات الرأي اشارت الى انتعاش تحالفه مع فرنجية بسبب انتصار الجبل، وإمكان حصد 60 في المئة من الأصوات المسيحية. لكن مصادر مطلعة دعت الى رصد رد الفعل على انتصار الجبل في الوسط السني الذي يشكل اكثرية الناخبين الشماليين، ومدى نسبة الاقتراع فيه وفي الطوائف المسيحية الأخرى، وبالتالي مدى قدرة القوى المضادة للتحالف على الاستنفار. وذكرت مصادر مطلعة ان زيارة عون وفرنجية لكرامي قد تؤسس لتعاون يتعدى الانتخابات في المرحلة المقبلة. وكان فرنجية أجرى اتصالات مع نواب استبعدهم من لائحته، هم جان عبيد وسايد عقل وصالح الخير لتسوية الخلاف معهم بحيث يؤيد مناصروهم اللائحة. في موازاة ذلك، ينتظر ان يزور طرابلس اليوم النائب المنتخب سعد الحريري لعقد سلسلة لقاءات واستنفار ماكينته الانتخابية وأنصاره استعداداً لانتخابات الشمال. وترأس جنبلاط مساء امس اجتماعاً للنواب الذين فازوا على اللوائح المدعومة منه ومن المعارضة في الجبل والبقاع. وأشار في مؤتمر صحافي الى التحالفات المتنوعة التي"اوصلتنا الى النجاح الكبير"، ووجه الشكر الى"سيد المقاومة وحزب الله الذي قال انه سينتخب سياسياً فانتخب انتخاباً سياسياً وسنجيبه بالتحالف السياسي بحماية المقاومة". كما شكر"القوات اللبنانية"وحزب الكتائب، مؤكداً"المصالحة والشراكة التي ارسيناها مع البطريرك الماروني نصرالله صفير الذي هو معنا". وشكر جنبلاط"تيار المستقبل"والمعتدلين من الحلفاء في الشوف وعاليه وبعبدا. وتحدث عن التجديد في التمثيل الدرزي بفيصل الصايغ هزم ارسلان ووائل ابو فاعور، ونوه باللواء المتقاعد انطوان سعد"الذي يعلم دقائق الأمور عن بعض الرموز الذين يدعون العفة اليوم عون ومعاً سنشارك في دحض كل الادعاءات". وقال"ان معركة سوق الغرب العام 1989 ضد قوات عون اتت باتفاق الطائف وبالسلم والمشاركة والعيش المشترك وحماية المقاومة". وقال:"لا نخاف من الغوغائية والشعبوية". وحيا جنبلاط نسيب لحود وفارس سعيد وكارلوس اده"رفاق"لقاء البريستول قائلاً:"كنا حفنة صغيرة وصمدنا ورفضنا التمديد ومفاعيله واستشهد من استشهد". ونبه"من التصويت مع رموز السلطة الذين شاركوا في اغتيال رفيق الحريري". وقال انه:"اوتي بالعماد عون كي يكون متراساً ويدافع عن الرئاسة"، وأنه لن يغامر وحده في معركة الرئاسة الأولى، و"اليوم اصبحت الأمور اصعب بكثير، ولست ادري كيف سنستمر كقوى ديموقراطية في مواجهة تفكيك النظام الأمني". ورأى ان التصويت لعون"ليس للمستقبل بل للماضي وليست هي الصورة التي نريدها للمسيحيين". ونفى ان يكون قال بحصول حرب أهلية"بل أتمنى ألا تطل علينا حالات مماثلة". في واشنطن، أكد الناطق باسم البيت الابيض سكوت ماكليلان ان على فريق التحقق من الانسحاب السوري البقاء في لبنان حتى استكمال العملية الانتخابية وتشكيل المجلس النيابي الجديد. وذكر ان الاولوية هي ل"ضمان نزاهة الانتخابات وحريتها وليست للاشخاص"المنتخبين. على صعيد آخر، أصدر الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان تقويماً ايجابياً للاجتماع المنفرد الذي استمر ساعتين بين مبعوثه المكلف مراقبة تنفيذ القرار الدولي الرقم 1559 تيري رود - لارسن والرئيس السوري بشار الاسد، ووصف المحادثات بأنها"بناءة ومساعدة". وقال الناطق ستيفان دوجاريك ان أنان تلقى تقريراً"مشجعاً من لارسن وان الاخير سيستمر في العمل مع الرئيس الأسد والحكومة السورية ومع آخرين من أجل التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 1559". وبدأ أعضاء الفريق الدولي للتحقق من الانسحاب السوري التام من لبنان جيشاً واستخبارات، بالوصول الى بيروت، وقال الناطق باسم الأمين العام في نيويورك فرد اكهارت، ان الفريق جاء الى بيروت من عواصم مختلفة. وأنه"يضم الاعضاء الثلاثة أنفسهم"الذين كانوا قدموا لمجلس الأمن تقريراً أفاد بأن القوات السورية أكملت انسحابها من لبنان، وان الفريق لم يتمكن من التأكد من انسحاب جميع العناصر الاستخبارية. وبحسب اكهارت"لا توجد حدود زمنية لانتهاء الفريق من عمله". وأوضح ان الفريق يعود الى لبنان"بعد تقارير افادت أن عناصر استخبارية سورية ربما لا تزال في لبنان"، وان مهمة الأممالمتحدة والأمين العام هي "التأكد من ان الانسحاب كامل".