اوصى اجتماع لوزراء الخزانة والمال في مجموعة الثماني"قمة اسكتلندا"التي ستنعقد الشهر المقبل بشطب نصف ديون البنك وصندوق النقد الدوليين وصندوق التنمية الافريقية، والمترتبة على 38 دولة افريقية. وأقر توصيات"انقاذ القارة "بتخفيف اعباء الديون عنها عبر إلغاء ما يراوح بين 40 و55 بليون دولار من ديون دول افريقية بينها ثلاث دول عربية هي موريتانيا والصومال والسودان. راجع ص8 وأفاد بيان صدر عن اجتماع لندن"ان اغنى دول العالم وافقت على إلغاء كامل لديون 18 دولة". وأعلن وزير الخزانة البريطاني غوردون براون ان 40 بليون دولار"ستكون متاحة لإلغاء ديون الدول الأكثر فقراً، وان كلفة تغطية الديون المستحقة لصندوق النقد الدولي ستدبر من موارد الصندوق". وستتحمل بعض الدول العربية"اعباء شطب ديون افريقية". لكن الغاء هذه الشريحة من الديون"لن يلغي المشكلة المستعصية المتمثلة بان كل طفل افريقي يولد وفي عنقه دين لا يستطيع سداده طيلة حياته العملية"كما تفيد دراسة اعدت لحساب منظمات الاغاثة الدولية. وعندما يصل بول وولفوفيتز الى نيجيريا اليوم، في اولى مهماته الصعبة كرئيس للبنك الدولي، ستستقبله تظاهرات الجياع والفقراء المطالبة بشطب ديون الدول الافريقية بأكملها التي تتجاوز 272 بليون دولار، منها نحو 90 بليوناً للبنك وصندوق النقد الدوليين وصندوق التنمية الافريقية و182 بليوناً للديون التي تتجاوز فترة سدادها عشر سنوات. كما ستستقبله لافتات تشير الى أن"الاقساط السنوية لخدمة ديون القارة تتجاوز مستوى 15 بليون دولار"! وتصل ديون القارة السمراء، بسكانها الذين يتجاوز عددهم 600 مليون نسمة يعيش نصفهم تقريباً من دون رعاية صحية او مياه شفة صحية وتموت نسبة 40 في المئة منهم قبل بلوغ الخامسة والثلاثين، الى ضعفي ديون أي منطقة اخرى في العالم. وتتجمع فيها نسبة 11 في المئة من الديون الدولية، في مقابل خمسة في المئة من الدخل العالمي. ويُقدر ان معدل الدخل الفردي السنوي يصل الى 308 دولارات في مقابل دين متوجب يصل الى 365 دولاراً. وقبل توجه وولفوفيتز الى افريقيا اجرى محادثات مع الوزراء المجتمعين في لندن لايجاد"آلية لزيادة الموارد التي تمنح افريقيا فرصة للخروج من أزمتها". وقال كولن برادفورد، خبير التنمية في معهد"بروكينغز"، لوكالة"فرانس برس":"ان مجرد الزيارة مؤشر جيد جداً"مع انه شدد على ان مهمة وولفوفيتز"ليست الترياق لاخراج افريقيا من البؤس". ولا يحبذ وولفوفيتز، وهو أحد كبار الصقور السابقين في وزارة الدفاع الاميركية، إلغاء الديون الافريقية من دون مقابل، ويؤكد ان"الاعفاء من دون تشجيع مناخ الاستثمار في القارة، عبر تطوير القطاع الخاص بهدف زيادة التجارة والنمو، لا يؤدي الى نتيجة". ولا يرى خبراء البنك الدولي ان حل أزمة الديون الافريقية يقتضي فقط تنويع الاقتصاد او تطبيق اقتصاد السوق بل القضاء على الحكومات الفاسدة في حين حضت منظمة"اوكسفام"الخيرية البنك الدولي على"التخلي عن فرض الليبرالية التجارية في دول فقيرة عاجزة عن منافسة المنتجين الاغنياء". وتعتبر"اوكسفام"، وغيرها من منظمات المساعدة الدولية، أن افريقيا"ليست بحاجة الى برامج تنمية جديدة أو توجيهات من البنك الدولي أو حتى من صندوق النقد، بل الى وقف مبيعات الاسلحة الى بلدان القارة ومنع الشركات الدولية العملاقة من تمويل الحروب بين دولها للحصول على مكاسب مادية". وكانت الديون الافريقية تراكمت في فترة ما بعد استقلال دول القارة في الستينات والسبعينات وبدء تولي العسكر الحكم فيها وتأسيس عدد من الديكتاتوريات فيها. وزادت الديون بشكل كبير بعدما تضخم حجم الودائع في المصارف الغربية نتيجة ارتفاع اسعار النفط ما دفعها الى منح القروض الى الدول الفتية من دون الأخذ بالاعتبار كيفية انفاقها او قدرتها على السداد مستقبلاً. ومع منتصف الثمانينات بدأت تظهر آثار الصدمة النفطية في الاقتصادات الغربية وساد الركود فيها، ما دفع اسعار السلع الاولية الى التراجع وادى الى عجز الكثير من الدول الافريقية المدينة عن السداد واندفاعها الى الاستدانة بفوائد عالية من أسواق المال. وكان مؤتمر للمرأة الافريقية انعقد في نيروبي الشهر الماضي، وحضرته 250 امرأة من 18 دولة افريقية، اتهم قادة الدول الغنية بافقار القارة السمراء وبالفشل في انقاذها من الديون والامراض وسوء التغذية. ودعا الحكومات الى التوقف عن دفع الديون للبنك وصندوق النقد الدوليين والى المصارف الغربية والى حل منظمة التجارة الدولية. كما دعا بيان"نساء القارة"مجموعة الثماني الى إلغاء الديون بأكملها.