تتعالى نداءات صانعي الأحذية الأوروبيين، لتنضم إلى صرخات نظرائهم في قطاع النسيج والألبسة، ضد ظاهرة الإغراق التي تتعرض له السوق الأوروبية من جراء صادرات الأحذية الصينية، بعد إلغاء نظام الحصص الجمركية عالمياً في بداية السنة الجارية. إذ ينوي أكثر من 250 صانع أحذية في كل من إيطاليا وإسبانيا والبرتغال تقديم شكوى رسمية الى المفوضية الأوروبية في الأسبوع المقبل، يدعمها الفرنسيون واليونانيون والبولنديون. وقال المدير العام للاتحاد الأوروبي لصناعة الأحذية، ليوناردو سوانا"سنطلب من الاتحاد الأوروبي ان يتخذ إجراءات ضد عمليات إغراق السوق بالأحذية الجلدية، لأن الصين تبيع الأحذية بأسعار متدنية عن أسعار السوق بنحو 28 في المئة، وبالتالي أوجدت مناخاً غير عادل عبر تجاهلها لحقوق العمال". كما سيتم التطرق أيضاً الى استخدام الصين لمواد كيماوية في دباغة الجلود ممنوعة في أوروبا. وتشير الإحصاءات الإيطالية ان"صادرات الأحذية الصينية إلى إيطاليا، قفزت 600 في المئة خلال 40 يوماً من بداية إلغاء الرسوم الجمركية في السنة الجارية، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وبلغت الزيادة في واردات الأحذية الجلدية الصينية 140 في المئة في الفترة ذاتها". وعلى رغم ان نسبة الزيادة في الأحذية الجلدية ما زالت أدنى، لكنها بدأت"تقلق"الحريصين على القطاع، إذ ذكرت صحيفة"فاينانشال تايمز"اللندنية ان نائب وزير الصناعة الإيطالي أدولفو أورسو"حث المفوض الأوروبي على التدخل بسرعة لحماية صناعة الأحذية الإيطالية"، وعقب عليه رئيس جمعية منتجي الأحذية الإيطاليين روسانو ولديني قائلاً ان"القطاع قد يخسر بين 40 ألف و100 ألف فرصة عمل". وعلق المفوض التجاري للاتحاد الأوروبي بيتر ماندلسون قائلاً انه"سيبحث في الموضوع، ويتوقع ان يتمكن من مراجعة الإحصاءات المرتبطة بقطاع الأحذية قريباً"، لكنه رفض ان يلتزم بأية وعود. ردود من الصين وتجار التجزئة الأوروبيين علق مسؤول صيني في بروكسيل قائلاً ان أرقام الجمارك الصينية تشير الى"ارتفاع معدل سعر زوج الأحذية الصينية المباع في أوروبا بنحو 25 في المئة. وان حصة صادرات الأحذية الصينية الى أوروبا انخفضت بنحو 12 نقطة مئوية من إجمالي الصادرات الصينية". وقال ان هذه الاتهامات هي"مجرد خطوات حماية متخذة من صناعة أوروبية تمر بمرحلة تراجع"، وأوضح ان"الصين تحرص على تحسين نوعية الأحذية الجلدية، وان عدداً قليلاً منها أنتج حديثاً استخدمت فيه مواد ضارة. وأضاف"على الأوروبيين ان يثبتوا فرضياتهم هذه، كون الصين أطلقت برنامجاً لتحسين نوعية وأسعار الأحذية، تجاوباً مع القلق الأوروبي". ومن جهة أخرى، يتوقع المحللون ان يؤدي هذا التحرك الذي تقوده إيطاليا، المعروفة تاريخياً بجودة أحذيتها، إلى اعتراضات من التجار، لا سيما في دول شمال أوروبا حيث لا توجد صناعة أحذية متطورة. إذ أعلنت جمعية التجارة الخارجية، وهي قوة الضغط الخاصة بتجار التجزئة الأوروبيين، انه"إذا حصل هذا الأمر، لن نكون مسرورين، وسنتدخل". وذكرت مستشارة الجمعية القانونية ماريا ليندر ان"الأحذية الجلدية الصينية مصنوعة من الجلد لكنها ليست بمواصفات الأحذية الأوروبية نفسها، أي أنها ليست فاخرة وبالتالي لا تنافسها". يذكر انه يتوجب على قطاع صناعة الأحذية الأوروبي ان يبرهن ان الصين تبيع أحذيتها في أوروبا بأسعار أدنى من الأسعار السائدة في السوق. وبعد ذلك، سينظر الاتحاد الأوروبي جدياً في الشكوى المقدمة كونها صادرة عن ربع منتجي الأحذية في الإتحاد. وتتراوح مدّة التحقيق بين 12 و15 شهراً، لكن بإمكان المفوضية فرض تعرفة جمركية موقتة، بعد شهرين من تاريخ إطلاق التحقيق. وتجدر الإشارة الى ان الولاياتالمتحدة ألغت الحصص الجمركية على الأحذية في 1982 في عهد الرئيس ريغان، ما أدى الى خسارة المنتجين المحليين لحصتهم في السوق التي كانت تشكل 50 في المئة في حينه. أما اليوم، فنحو 1.6 في المئة من الأحذية المباعة في السوق الأميركية هي من إنتاج محلي، في حين أن 82.1 في المئة منها مصدرها الصين، وفقاً لإحصاءات جمعية الألبسة والأحذية الأميركية.