وسط حضور إعلامي وديبلوماسي أوروبي وأقارب الأطفال الليبيين المصابين بمرض الايدز في مدينة بنغازي، أعلن القاضي علي العلوص، رئيس المحكمة العليا الليبية، في طرابلس أمس تأجيل النطق في طلب الاستئناف المرفوع أمام المحكمة من خمس ممرضات بلغاريات وطبيب فلسطيني محكوم عليهم بالإعدام من محكمة جنايات بنغازي في قضية نقل الفيروس المسبب للايدز إلى اكثر من 400 طفل ليبي. وقال القاضي ان الحكم تأجل إلى يوم 15 تشرين الثاني نوفمبر من العام الجاري. وعبرت المفوضية الاوروبية عن ارتياحها لقرار المحكمة العليا الليبية. وقالت أ ف ب المفوضة الاوروبية للعلاقات الخارجية بينيتا فيريرو-فالدنر:"أرحب بهذا القرار. انه يدل على ان المحكمة العليا الليبية تعترف بأن المحاكمة الأولى تتطلب مراجعة وان حكم الاعدام ... لا يمكن ان يثبت". وتابعت المتحدثة باسم المفوضية ان الاتحاد الاوروبي يعتبر ايضاً ان"قراراً عادلاً"للقضاة الليبيين في هذه القضية التي تسمم العلاقات بين الاتحاد الاوروبي وليبيا"أمر ملح". واحتشد في الساحة المقابلة للمحكمة على شاطئ مدينة طرابلس منذ الصباح الباكر عدد كبير من أهالي الأطفال المصابين بالايدز وكان يحدوهم الأمل بأن تكون هذه الجلسة حاسمة في تأييد الحكم الصادر ضد الممرضات البلغاريات والطبيب الفلسطيني أو نقضه. إلا أن القاضي العلوص كان له رأي آخر، وهو تأجيل النطق بالحكم لإعطاء هيئة المحكمة الفرصة للمزيد من درس ملف القضية. وقال محامي المتهمات البلغاريات عثمان البزنطي، في تصريحات عقب رفع الجلسة، إن التأجيل تم بسبب الملف الكبير للقضية الذي يحوي أكثر من ألفي وثيقة لا يمكن درسها خلال شهرين فقط، الأمر الذي يتطلب وقتاً كافياً للاطلاع عليها ودرسها بعناية حتى لا يكون هناك أي ظلم لأي طرف في القضية. ونفى البزنطي أن يكون الفصل في هذه القضية يستند على مفاهيم سياسية او إنسانية، مشدداً على أن الفصل سيكون قضائياً يستند على التداول في الجوانب القانونية للقضية فقط. ورفض المحامي الربط بن زيارة الرئيس البلغاري جورجي بروفانوف لليبيا قبل أيام وحكم التأجيل، وقال ان"ليس هناك أي علاقة بين السياسة والقضاء"وانه"يثق جداً في نزاهة القضاء الليبي واستقلاليته". أما المحامي عبدالله محمود المغربي، والد الطفلة أمنية المصابة بالايدز ضمن مجموعة الأطفال المصابين، فأعرب عن عدم رضاه على تأجيل النطق بالحكم. وأضاف أن التأجيل سيطيل من مأساة الأطفال وأسرهم الذين ينتظرون"حكماً بالقصاص منذ سبع سنوات"، مشيراً إلى أن"طول الانتظار يشكل نوعاً من الظلم لأطفالنا ولنا نحن". و أكد انه سيكون راضياً على حكم العدالة في هذه القضية سواء أيد الحكم السابق أو نقضه، وذلك انطلاقاً من ثقته الكبيرة في هيئة المحكمة والقضاء في ليبيا. وأعرب ادريس لاغا، رئيس جمعية الأطفال المصابين بالايدز، عن احترامه لحكم المحكمة وثقته في عدالتها ونزاهتها، داعياً البلغار إلى إبداء نظرة إيجابية في ما يتعلق باحترام القضاء. وأضاف في تصريحات الى الصحافة:"نحن غير مستائين للتأجيل لأن قضية بهذا الحجم تستحق كل هذا الوقت لإتاحة الفرصة الكافية للهيئة القضائية لدرس ملف القضية بكل أبعاده". وعن إمكان تقديم دعم ورعاية للأطفال المصابين، قال لاغا:"لقد تحدثت مع الرئيس البلغاري الذي زار ليبيا أخيراً حول هذا الموضوع وعلى بلغاريا أن تتقدم بخطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح لأن أسر الأطفال هي المعنية بهذا الأمر وليس الحكومة الليبية". وسجل لاغا تحفظه عن مصطلح"مساعدات"، مشيراً إلى أن ما تطالب به الأسر"حق يستوجب الدفع وليس مساعدة". وأكد أن"بلغاريا كدولة وكشعب صديق لليبيا ليسوا معنيين بهذه القضية لأنهم لم يرتكبوا شيئاً ضد أطفالنا ولكن عليها الاعتراف بما جنته أيدي الرعايا البلغار بما يتوافق مع حكم المحكمة المقبل". وعن مطالب أسر الأطفال، قال:"لقد تقدمنا برسالة في هذا الخصوص إلى رئيس مفوضية الاتحاد الأوروبي نطالب فيها بتقديم الرعاية الصحية لأطفالنا في أحد المراكز المتقدمة على مدى الحياة وبناء مستشفى مجهز ومتكامل للأطفال في بنغازي وتقديم التعويضات العادلة لأسرهم عن معاناتهم الفادحة توازي ما تلقته أسر ضحايا طائرة البانام الأميركية 10 ملايين دولار للضحية". وأشار إلى الأسر"لم يطلبوا التفاوض ولم يقدروا حجم التعويضات المطلوبة إلا انهم ينتظرون من الطرف الآخر الحكومة البلغارية المبادرة"، مشيراً إلى استعدادهم للتفاوض على التعويضات.