أثارت تأكيدات مسؤول فلسطيني عن وقف تنفيذ احكام الاعدام الصادرة عن القضاء الفلسطيني ضد عملاء متورطين بالتخابر مع اجهزة المخابرات الاسرائيلية، علامات تساؤل في الشارع الفلسطيني في شأن طبيعة"سيادة القانون واستقلال القضاء الفلسطيني"الذي تطالب به اسرائيل والادارة الاميركية عندما يتعلق الامر بمصالح اسرائيل الخاصة. جاء ذلك في الوقت الذي اعتبر فيه وزير العدل الفلسطيني فريد الجلاد ان"المناداة بالاصلاحات في المجتمع الفلسطيني لا تتناسب مع الاعتراض عليها او التدخل في القضاء الفلسطيني والاعتراض على تنفيذ قرارات المحاكم. ويجب على الجميع ان يحترم الخصوصية الفلسطينية"في ما يتعلق بقضايا العمالة والتخابر مع الاحتلال. وقال الجلاد ل"الحياة"انه لا علم لديه عن اي تغيير في موقف السلطة في خصوص تنفيذ احكام الاعدام الصادرة عن المحاكم الفلسطينية، موضحا انه بغض النظر عن موقفه من عقوبة الاعدام، فان"كل شخص مدان بجريمة يجب ان ينال عقابه الذي تحدده المحاكم بما يتناسب وحجم الواقعة الاجرامية". واستدرك بالقول ان"القانون الفلسطيني منح الرئيس الفلسطيني الصلاحيات لتقدير الامور بما يتناسب والمصلحة العليا للدولة". وكان وزير شؤون الاسرى في السلطة الفلسطينية سفيان ابو زايدة اكد في تصريحات ان السلطة ابلغت الجانب الاسرائيلي عدم نيتها تنفيذ احكام الاعدام الصادرة بحق فلسطينيين دينوا بالعمالة لصالح المخابرات الاسرائيلية وتلك الصادرة بحق متهمين بقضايا قتل مدنية. واكد ان"الجانب الاسرائيلي وجه سؤالا في اجتماع اللجنة الفلسطينية - الاسرائيلية لشؤون اطلاق الاسرى في السجون الاسرائيلية عن نية السلطة تنفيذ احكام الاعدام عموما وليس ضد العملاء فقط، فرد الفلسطينيون انه لا توجد نية الان لتنفيذ هذه الاحكام". وجاءت توضيحات ابو زايدة في اعقاب ما كشف عنه في جلسة عقدتها المحكمة العليا الاسرائيلية اول من امس للنظر في التماس تقدمت به اسرائيلية تدعى أيدا نودل واحدى الجمعيات المتخصصة بالشؤون القضائية حيث طالبتا رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون ببذل كل جهد مستطاع لمنع اعدام هؤلاء الفلسطينيين العملاء. وجاء رد الحكومة الاسرائيلية على هذا الالتماس بأن السلطة الفلسطينية، وباسم رئيسها محمود عباس، ابلغت الجانب الاسرائيلي بأنها لا تنوي تنفيذ هذه الاحكام وانها"قدمت ايضا وعدا مماثلا للسفير الاميركي لدى اسرائيل". ويتنافى ما اعلن فلسطينيا واسرائيليا مع الاجراءات التي امر الرئيس الفلسطيني باتخاذها لاغلاق ملفات 65 فلسطينيا حكم عليهم بالاعدام في المحاكم الفلسطينية خلال السنوات العشر الماضية، من بينها 51 ملفا تخص"عملاء"والبقية على خلفية جرائم قتل مدنية، ولم يصار الى تنفيذها حتى الان. ووعد الرئيس الفلسطيني بالبت نهائيا في هذه الملفات بعد احالتها قبل نحو شهرين على مفتى القدس والديار المقدسة الشيخ عكرمة صبري للاسترشاد بتوصياته بحسب الشريعة الاسلامية. غير ان ايا من هذه الاحكام لم ينفذ. ودانت المحاكم الفلسطينية، بما فيها محكمة امن الدولة التي الغيت قبل نحو عام، معظم العملاء المحكومين بالتسبب او المساهمة او مساعدة الاجهزة الاسرائيلية في اغتيال كوادر وقيادات فلسطينية استهدفتها المخابرات الاسرائيلية. وشهدت سجون السلطة مرارا عمليات خطف او محاولات خطف لمعتقلين مدانين بتهم التخابر مع المخابرات الاسرائيلية واعدم بعضهم ميدانيا احتجاجا على ما اعتبر مماطلة وتسويفا من جانب السلطة في تنفيذ احكام الاعدام الصادرة بحق هؤلاء. وابدت اوساط فلسطينية مخاوف من امكان تجدد هذه الظاهرة في ضوء ما تردد عن"وقف تنفيذ"احكام الاعدام التي مضت اعوام على صدور بعضها. وواجهت السلطة اخيرا ضغوطا من بعض الدول الاوروبية لحملها على الغاء عقوبة الاعدام التي تعارضها اوساط واسعة في المجتمع الدولي. وذكرت مصادر فلسطينية ان جهات اسرائيلية واميركية مارست بدورها ضغوطا على السلطة الفلسطينية لعدم تنفيذ احكام الاعدام الصادرة بحق"العملاء". وكانت وسائل الاعلام الاسرائيلية اسهبت في الحديث عن الدولة التي"تتخلى عن عملائها". ويفتح هذا الملف قضية اخرى ما زالت قيد البحث والتدارس في الجانب الاسرائيلي في ما يتعلق ب"قرية عائلات العملاء"في قطاع غزة بعد الانسحاب الاسرائيلي المزمع منه، وما اذا كانت الحكومة الاسرائيلية تنوي نقلهم الى داخل حدودها ومنحهم الجنسية الاسرائيلية كما فعلت مع بعض عناصر قوات"لحد"العميلة لاسرائيل في جنوبلبنان قبل الانسحاب منه.