فتحت عينيها بصعوبة. سحبت يدها متثاقلة لتتحسس أنفها المغطى بلفافات الشاش الأبيض قبل أن تعطل قطرات المخدر جهازها العصبي مجدداً وتغرق في غيبوبتها الموقتة. كانت فدوى تتحرق شوقاً لترى نتائج عملية"النوز جوب"أو عملية تصغير الانف التي أجرتها لتنعم بأنف جميل يخلصها من عبء إخفائه خلف مساحيق التجميل كلما همت بالخروج. لقبت فدوى في المدرسة ب"بينوكيو"بسبب أنفها الطويل وغير المتسق مع ملامح وجهها الناعمة، فنسيت أن فيه ملامح أخرى وعلقت في فخ أنفها القبيح. وتحت وطأة لقب أقض مضجعها سنين طويلة قررت فدوى اللجوء إلى مبضع الجراح. أخبرها طبيبها بأنها يتعين عليها الانتظار مدة لا تقل عن شهرين حتى ترى نتائج الجراحة النهائية. بقيت فدوى في المستشفى نحو أسبوع عانت خلاله أعراضاً وقتية تمثلت بالصداع واحتقان الأنف وانتفاخه وكدمة حول العينين راحت تخف تدريجاً رافعة اللثام عن وجهها الجميل الذي ظل متوارياً خلف أنف بارز شوه وجهها. فضلت فدوى عدم العودة إلى عملها على رغم أن طبيبها سمح لها بمزاولته بعد أسبوعين على إجراء الجراحة بسبب الشريط اللاصق الذي تموضع حول أنفها لمنع تعرضه لأي صدمة تؤذيه. وتهدف جراحة الأنف بحسب استشاريّ جراحة التجميل والترميم الدكتور غازي الزبن إلى"إحداث توازن في ملامح الوجه من طريق تصغير حجم الأنف أو تكبيره أو إزالة أية نتوءات أو انحرافات فيه". ويكتسب الأنف مكانة مميزة في الوجه ويحظى بطلب متزايد لتعديله نظراً الى موقعه الذي يتوسط الوجه وبروزه عن بقية الملامح ما يجعله محط الأنظار. ويبدو أن الجراحة التجميلية تردم الهوة بين الشاب وجسده فتجعلها ايجابية وتنعكس على صحته النفسية وإنجازه العملي، فتتعزز قدرته على التعامل الاجتماعي، خصوصاً في حال وجود عيب واضح للعيان. وتحقق الجراحة التناسق بين أرنبة الأنف وجسره وتساعد على تصغير فتحتيه وتحسّن زاوية التقائه مع الشفة العليا. ويقول الزبن إن"الراغبين في إجراء جراحة لأنوفهم غالباً ما يسوقون مبررات تنأى بهم عن الحاجة التجميلية كأن يعلق المريض رغبته في الخضوع لها بصعوبة التنفس"، لافتاً إلى أن"الجراحة تساعد على تحسين القدرة على التنفس بتعديل مجرى الهواء". ويوضح الزبن أن"إقبال الشبان والفتيات على الجراحة لتعديل عيوب الجسد والوجه في ازدياد مطرد". ويضيف أنه في حين تقبل الفتيات على الخضوع لعمليات شفط الدهون من الردفين والبطن يزداد إقبال الشبان على عمليات الشفط من البطن والصدر، وترتفع نسبة الفتيات الراغبات في تكبير الصدر ونفخ الشفتين إمعاناً في إظهار المفاتن الأنثوية، وتشترك الفتيات والفتيان في الميل الى اجراء عمليات ال"نوز جوب". وتبرز أهمية الجراحة التجميلية وفق الزبن في مرحلة الشباب باعتبارها مرحلة الانفتاح على الآخرين سواء للحصول على وظيفة أو شريك، ما يتطلب واجهة جذابة يوفرها الشكل الجميل. ويبين الزبن أن"الجراحة التجميلية حققت إنجازات مذهلة في العقدين الأخيرين جعلت منها جراحة آمنة توفر هامش نجاح واسع". ويضيف:"إن الانفتاح الإعلامي ساهم في توسيع قاعدة الإقبال على الجراحة التجميلية، وقدم نماذج محددة للجمال وروج لها ما دفع الشباب لمحاولة التشبه بها". ويتلمس الزبن علاقة ارتباطية وثيقة بين الرضا عن النفس والميل الى إجراء جراحات تجميلية، ويشدد في الوقت ذاته على دور الجراحة التجميلية في تعزيز الثقة بالنفس ما ينعكس على الأداء والعلاقات المجتمعية. ويرى أن"الخط الفاصل بين الجمال والقبح مشوش وغير محدد، فالناس عادة يتفقون حول الشيء الجميل فيما يختلفون في تحديد مقداره"، موضحاً أنه"يمتنع عن إجراء عملية لمريض يفتقد الثقة في نفسه، ويطلب الخضوع لجراحات غير ضرورية". وكانت دراسة علمية أجريت في منطقة جنوب شرقي آسيا كشفت عن أن"الشكل الجميل يساعد الشاب على الحصول على عمل، ويرفع من احتمال إيجاد شريك مناسب". ويحذر الزبن من"اللجوء إلى أطباء قليلي الخبرة وليسوا من ذوي الاختصاص لإجراء عملية تجميلية طمعاً بتخفيض النفقات لأن نتائجها ستكون وخيمة وسيحتاج تصحيحها إلى الخضوع لجراحات أخرى". ويشدد الزبن على أن"الجرّاح التجميلي فنان قبل كل شيء ويعمل على نحت ملامح الوجه والجسد لتخليصها من عيوب خلقية أو طارئة وصولاً إلى نتيجة جمالية مرضية تعيد إلى النفس توازنها وإلى الجسد اتساقه".